/>

بعد فضائح ويكليكس ( فن الاستهبال ) يظهر علي القنوات الخاصة من عملاء التمويلات المفضوحين





فى فن "الاستهبال"!!


جمال سلطان   |  06-01-2012 14:44

أى قياس لا يأخذ فى الحسبان الفارق البديهى بين حالة وأخرى يكون تضليلا عمديًا ومحاولة للهروب من "الجريمة"، أقول هذا تعليقا على محاولات بعض من "ضبطوا" متلبسين بتلقى أموال من السفارة الأمريكية ومؤسسات حكومية أمريكية أخرى، وكانوا ينكرون ذلك من قبل، فلما ظهرت الحقيقة عارية وبالوثائق بدأوا يمارسون عملية تضليل الرأى العام بالقول: إن الحكومة المصرية نفسها تأخذ تمويلا من أمريكا، والجيش المصرى يأخذ تمويلا من أمريكا، فما العار فى أن نأخذ نحن تمويلا من أمريكا أيضًا.

والمنطق السابق يعنى ببساطة شديدة، أنه طالما الحكومة المصرية تتلقى قروضًا أو معونات ـ مثلاـ من الحكومة السعودية أو الكويتية أو القطرية أو غيرها، فعادى جدا أن يتلقى شخصيات مصرية أموالا من أجهزة تلك الحكومات مثلا وسفاراتها، فيمكن لزيد أو عبيد أن يتقاضى أموالا من حكومات أو سفارات طالما أن الحكومة تتعامل "رسميا" مع تلك الدول وتتلقى منها قروضا أو معونات، هل هناك عاقل يمكن أن يستوعب هذا المنطق، أو يقيس هذه الحالة بتلك.

الأسوأ من ذلك أن هؤلاء الذين ضبطوا متلبسين بتلقى المال الأمريكى من السفارة الأمريكية أو الخارجية الأمريكية أو عبر وساطة مؤسسات أمريكية أخرى غضبوا جدا واعتبروا الأمر جريمة أن يسألهم سائل: كم قبضتم وأين أنفقتم هذا المال؟، هو يعتبر أن هذه الأموال التى تلقاها من السفارة الأمريكية أشبه بميراثه من أبيه وأمه وخالته، لا يناقشه فيه أحد ولا يحق لمخلوق أن يسأله من أين اكتسبه وأين أنفقه، وبعضهم يتبجح بغباء أو استهبال منقطع النظير قائلا: الحكومة تلقت أموالا بالمليارات من أمريكا والجيش تلقى أموالا من أمريكا ولم يسألهم أحد، كما لا نعرف بالضبط كيف أنفقت تلك الأموال، فلماذا يسألوننا نحن عن الأموال أين أنفقناها؟!، مثل هذه العقول لا يصلح معها حوار فى الحقيقة، وإنما أن تخلع ما فى قدمك لتنفضه على رؤوسهم لعلهم يفيقون من هذه الهلاوس.

والحقيقة أن من يقرأ وثائق السفارة الأمريكية فى القاهرة وحجم نشاطها وتغلغلها الكثيف بين سياسيين وإعلاميين ومنظمات مجتمع مدنى وشخصيات عامة يذهل من المشهد الكلى، الذى يبدو معه كما لو كانت السفارة هى التى تدير الشأن العام فى مصر، وتدير المجتمع المدنى فيه، وتنظم جهود كل هذه الأطراف وتمول هذا وتنفق على سفريات ذاك وتتوسط لإنهاء الخلاف بين هذه وتلك وتضع خريطة عمل هذه المنظمة أو تلك وتنظم لهم الدورات المناسبة وتوجه بمنح هذا جائزة صحفية رفيعة وذاك جائزة حقوقية أرفع، صورة مذهلة وكأنك أمام شريط سينمائى يصعب تصديقه فى الواقع.

كشف هذه الحقائق كلها للرأى العام ونشر الوثائق هو جزء من حالة التطهر الثورى فى مصر بعد ثورة يناير، ينبغى "تنظيف" الحياة السياسية والمدنية من هذا الهوان وتلك الاستباحة، من الآن فصاعدا لا وصاية للسفارة الأمريكية ولا أى سفارة أخرى على مصر حكومة وشعبا ومؤسسات ومنظمات ونشطاء، هذا زمن يبنغى أن ينتهى بلا رجعة




التعليقات
0 التعليقات