هذا كتاب خطير يأتى فى إطار محاولة الكشف عن الدور الثقافى للجامعة الأمريكية بالقاهرة فى دعم تبعية المجتمع المصرى للمجتمعات الغربية وبصفة خاصة أمريكا، وذلك عندما نقف على الأهداف المعلنة التى تبنتها الجامعة كأساس لعملها وكذلك الممارسات المرتبطة بتلك الأهداف من جانب ومدى علاقتها بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التى مر بها المجتمع المصرى منذ نشأت الجامعة عام 1920م وحتى عام 1980م من جانب آخر. وعلى هذا فقد استهدف الكتاب محاولة الوصول إلى حقيقة الأهداف المعلنة للجامعة والأهداف غير المعلنة فى المدة التاريخية السابق تحديدها.
والكتاب من القطْع المتوسط وقد جاء فى 310 صفحات، مشتملاً على ثمانية فصول، بخلاف المقدمة والخاتمة، وقد صدر عن دار "فرحة" للنشر والتوزيع بالمنيا مؤخرًا، ومن الجدير بالذكر أن الكتاب قد أُعد أساساً كرسالة ماجستير للدكتورة "سهير حسين البيلى" وهى مدرّسة بكلية التربية، جامعة طنطا.
عوامل ساعدت على تقبل الهيمنة الاستعمارية
ترى المؤلفة فى بداية الفصل الأول أن أية ظاهرة تحكمها مجموعة من العوامل المتفاعلة. بحيث لا يكون هناك عامل واحد مسئولاً عن ظهورها، والظاهرة موضوع الدراسة هى انتشار التعليم الأجنبى فى مصر. وهى ظاهرة تحكم نشأتها وتطورها عوامل داخلية وعوامل خارجية متفاعلة. وتركز المؤلفة فى هذا الفصل اهتمامها الرئيسى على عدة عوامل، أولها العوامل الداخلية: كالسياق الاجتماعى؛ فقد كان المجتمع المصرى مهيئاً داخلياً لتقبّل الهيمنة الاستعمارية، والتى كان من مؤشراتها نمو التعليم الأجنبى فى البلاد. ومن جملة الأوضاع الاجتماعية فى مصر الانهيار الاقتصادى، فلم يكن هدف محمد على – فى بداية مشروعه النهضوى - الأخذ بالأساليب العصرية وتنظيم الدولة فقط، وإنما كان يسعى إلى استقلال مصر فى مواجهة الدول الأخرى، وثانى هذه العوامل تقديم حكام مصر المساعدة للأجانب، فلم يعارض محمد على الوجود الأجنبى فى البلاد؛ فقد استعان بهم فى بناء دولته الحديثة، وبدأت البَعثات الدينية التبشيرية تظهر فى مصر مع سياسة محمد على التى اتسمت بالتسامح الدينى معهم، لدرجة أنه أتاح لهم حرية الدِّعاية الدينية. ثم تلا ذلك عهد الخديو "سعيد" والذى شجع الإرساليات الأجنبية عن طريق المساعدات التى قدمها لها، وكان ذلك بداية عهد التغلغل الأجنبى فى البلاد، ثم عهد "إسماعيل" الذى شجع الإرساليات فى البلاد؛ وذلك لإرضاء الدول الأوروبية التى كانت تمده بالقروض، وثالث هذه العوامل هو تغلغل الثقافة الأوروبية التى بدأت مع حملة نابُليون، ثم تبنى محمد على مشروع إنهاض مصر على أسس من النموذج الغربى، والبعثات التى أرسلها محمد على للخارج، ثم ظهور الصحافة ومنها صحافة الجاليات الأجنبية والصالونات الأدبية، وأخيراً مقاومة مسيحيى مصر نشاط الإرساليات.
وترى المؤلفة أن العوامل الداخلية سالفة الذكر قد هيأت مصر للخضوع للهيمنة الأجنبية وأن العوامل الخارجية قد عجلت بتحقيقها ومنها: الامتيازات الأجنبية، والتنافس الاستعمارى على مصر، متمثلاً فى الحملات العسكرية والتحالفات السياسية والهيمنة الاقتصادية، ثم تدفق الأجانب على مصر، ثم الإرساليات التبشيرية، والاستشراق، والواقع أن مفهومَىْ: التبشير والاستشراق يتضمنان نفس الأهداف، ولكن التبشير تنحصر دعوته فى حدود التأثير المباشر فى عقول الناس من خلال التعليم المدرسى والعمل الاجتماعى فى المستشفيات والملاجئ، أما الاستشراق فقد اتخذ لنفسه صورة البحث وادعى لنفسه الطابع الأكاديمى، وآخر العوامل الخارجية هى رحلات "السان سيمونيين"، والرحَّالة الأوروبيين الذين وفدوا على مصر.
ونتيجة للعوامل الداخلية والخارجية السالفة تهيأت البلاد لبسط الهيمنة الأجنبية عليها من خلال تغلغل التعليم، فكثرت بذلك المدارس الأجنبية ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهى: مدارس الطوائف غير الإسلامية، ويندرج تحتها مدارس المسيحيين واليهود، ثانياً: مدارس الجاليات الأجنبية، وتضم مدارس الأرمن ومدارس الجاليات الإيطالية واليونانية والألمانية، ثالثاً: مدارس الإرساليات والفِرَق الدينية وتضم الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية ومن المدارس الأخيرة الإرساليات الأمريكية.
ثم يأتى الفصل الثانى والذى تركز فيه المؤلفة الاهتمام على التعليم الأمريكى بصفة خاصة، منذ بداية تغلغل نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية فى البلدان العربية مع مطلع القرن التاسع عشر. وقد مثّلت الإرسالية الأمريكية أول شكل من أشكال التغلغل الثقافى الأمريكى فى البلدان العربية وفى مصر، وقد تناولت المؤلفة ذلك من خلال استعراضها لبدء تغلغل النفوذ الأمريكى، فى الوقت الذى كانت فيه مصر قبلة للإرساليات والبعثات الدينية والتبشيرية من كل الطوائف، وكانت الولايات المتحدة مشغولة بأمورها الداخلية. وحتى بداية القرن التاسع عشر لم يكن لها أية مصالح تجارية فى مصر، أو أى تمثيل قنصلى فى الدولة العثمانية بأكملها، وقد ظل هذا الوضع حتى عام 1930م، عندما عقدت الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاق الودى التجارى أو "المعاهدة التجارية" مع السلطان العثمانى. ولفتت الإرسالية الأمريكية أنظار القناصل الأمريكيين إلى أهمية رسالتها المقدسة، فأصبح من واجبهم معاونة أعضاء الإرسالية وحمايتهم فى مهامهم التبشيرية.
وقد بدأ وجود الإرسالية فى مصر مع بداية عام 1851م، وكان غرض الإرسالية فى البداية تحويل مسيحيى مصر الأرثوذكس إلى المذهب البروتستانتى، وأيضاً التبشير بالمسيحية بين المسلمين، وتم تسخير التعليم لخدمة الغرض التبشيرى، ففى البداية استمر التوسع فى مدارس الإرسالية على مستوى مرحلتى التعليم الابتدائى والثانوى فقط. وأدرك المبشرون الأمريكيون أن التأثير فى قادة الرأى العام فى البلاد، وفى الجيل الناشئ فى الشرق لا يمكن أن يتحقق إذا لم يكن ثمة تعليم عالٍ، وعلى هذا الأساس أوجد المبشرون الأمريكيون الجامعة الأمريكية فى بيروت والقاهرة، وكان لهم وجهة نظر فى إقامة الكليات فى المراكز الإسلامية؛ لذلك لم يكتفوا ببيروت وإنما أرادوا أن يكون لهم وجود فى القاهرة بجوار الجامع الأزهر!
عوامل نشأة الجامعة الأمريكية
وفى الفصل الثالث يلقى الكتاب الضوء على نشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة والعوامل التى واكبت هذه النشأة، على النحو التالى:
أولاً: بداية التفكير فى إنشاء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد شُكلت لجنة من مبشرى الإرسالية الأمريكية والتى توصلت فى تقرير لها إلى أن مصر مؤهلة فى هذا الوقت لإقامة هذا المشروع، وشُكلت لجنة ثانية عام 1912م قام أعضاؤها بفحص شامل للأنظمة التعليمية، وقد قررت اللجنة ضرورة إقامة جامعة مسيحية بمصر، بسبب سوء التعليم العالى بمصر، متمثلاً فى الأزهر أو الجامعة الأهلية الوليدة.
ثانياً: ظروف مهيأة لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة بسبب أوضاع مصر الداخلية؛ لكوْنها خاضعة للاحتلال البريطانى وكذلك استمرار التيار المسيحى العالمى فى نشاطه.
ثالثاً: الخطوات العملية لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد تناولت المؤلفة جهود "تشارلز واطسون" لدعم مشروع الجامعة، واختيار القاهرة كأفضل مكان للجامعة، من حيث كونُها مركزاً فكرياً للعالم الإسلامى، أما عن الموقف البريطانى من فكرة إنشاء الجامعة فغير واضح من البداية حتى عام 1914م؛ فقد قوبل الطلب الأمريكى بالرفض؛ لأن تحديد مكان الإنشاء بالقرب من أهرام الجيزة غير مناسب؛ لأنه يشوه الشكل الجمالى، وكذلك الاعتراض على تسمية الجامعة باسم "الجامعة المسيحية"، ثم وقع أخيراً اختيار "تشارلز" على قصر "نيستور جانكليس" بشارع قصر العينى بجوار مَيدان الإسماعيلية (التحرير حاليًّا) بالقاهرة، ولكن أثناء الحرب العالمية الأولى حُوّلت جميع المبانى الحكومية إلى مستشفيات لصالح مصابى الحرب، وعقب انتهاء الحرب فى محاولة للتودُّد للقوة الأمريكية الصاعدة، وافقت بريطانيا على مشروع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وسهلت لها الحصول على المبنى الذى كانت تشغله كمستشفًى أثناء الحرب.
رابعاً: الجامعة الأمريكية بالقاهرة والمؤسسات المدنية والدينية، وتناولت المؤلفة فى هذا الجزء موقف السلطات البريطانية الذى تحسن عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكذلك موقف السلطات المصرية المؤيد للجامعة؛ لكونها تجرِبةً جديدةً فى الحياة التعليمية فى البلاد، وقد حدثت بعض المشاكل بين الإرسالية والجامعة؛ لأن الاعتمادات المالية توجَّه للجامعة مباشرة، بعد أن كانت تذهب للإرسالية ومنها للجامعة، وكذلك ارتفاع راتب مدرسى الجامعة مقارنة بمدرسى الإرسالية، فى حين ترى الإرسالية وجوب حدوث العكس لتشجيع المبشرين، فعقد مجلس الجامعة فى عام 1923م اجتماعاً، وفيه تقرر استقلال الجامعة الكامل عن الإرسالية.
الوجه الآخر للجامعة الأمريكية
خامساً: تناول الكُتاب التوجّهات السياسية للجامعة، فقد اتضحت توجهات الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ البداية، وذلك من خلال العرض التاريخى لنشأتها. وهذه التوجهات: هى التوجه الدينى وقد أوضحت إحدى وثائق الجامعة أن الهدف هو ضمان الشخصية المسيحية للجامعة وتنمية الولاء المسيحى لدى المدرسين والطلاب، وكذلك التوجه الاجتماعى والتوجه الأكاديمى، وقد تم اجتماع فى 11 من يوليو 1919م "بواشنطون" أسفر عن إصدار بنود قوانين الجامعة الأمريكية بالقاهرة كما يلى:
أولاً: الاسم: الجامعة الأمريكية بالقاهرة (The American University in Cairo).
ثانيًا: الهدف: "تقديم التربية المسيحية لشباب مصر والأراضى المجاورة لها، وذلك عن طرق إقامة معهد للتعليم على أعلى المستويات التربوية الفعالة؛ لتظهر للعالم الإسلامى السمات الخلقية للسيد المسيح، التى باستطاعتها وحدها تنشيط الحياة الفكرية وبعث روح التجديد فى المجتمع، وإصلاح حياة الفرد".
ثالثًا: أقسام الجامعة كالتالى: كلية الآداب والعلوم، ومدرسة الدراسات الشرقية، وقسم الدراسات الممتدة، وكلية التربية، ومركز البحث الاجتماعى، ومعهد اللغة الإنجليزية.
ويتجه اهتمام الفصل الرابع إلى الوقوف على العلاقة بين الأهداف المعلنة للجامعة والممارسات الداخلية فى المدة من 1920م حتى عام 1956م، حيث قد ظلت الوجهة التبشيرية خلال هذه المدة هى المِحور الذى تدور حوله بقية الأهداف المعلنة من إعداد النخبة، ونشر الثقافة الأمريكية، وخدمة المجتمع المصرى وكانت الجامعة تسعى لتحقيق أهدافها من خلال أقسامها المختلفة.
وكان الهدف الدينى أن تمثل الجامعة قمة الهرم التعليمى التبشيرى فى وادى النيل، وأن تقوم بتقديم دروس لطلاب المرحلة الجامعية ودراسة مهنية لكل من المسلمين والمسيحيين فى مصروالأراضى المجاورة. وكانت هذه الدروس تشمل تعليم الإنجيل وعلومه، وإعداد النخبة الحاكمة وفقاً للمبادئ المسيحية، وقد طورت الجامعة على هذا الأساس ما تمارسه من وسائل لتحقيق أهدافها، وذلك من خلال الاجتماع الدينى، والمحاضرات العامة، والمناهج الدراسية، واختيار أعضاء هيئة التدريس، وأنشطة الجامعة الأخرى. ويمكن القول إن الجامعة قامت بدور خطير فى كشف دقائق الأمور والمشكلات الاجتماعية فى مصر ودول الشرق الأوسط، بحيث تستطيع أمريكا من خلاله بسط الهيمنة الثقافية على المجتمع المصرى. ومما سبق نستطيع أن نلمس الأهداف الحقيقية للجامعة، وهى السعى لتنصير المجتمع المصرى، وإيجاد تبعية ثقافية أيضاً، وقد جاءت التبعية فى إطار الجانب الدينى.
واهتم الفصل الخامس برصد واقع المجتمع المصرى، وتحليل أوضاعه فى النواحى الفكرية والسياسية والاقتصادية والوقوف على مدى ما أسهمت به تلك الأوضاع فى إيجاد مُناخ مهيأ للجامعة؛ مكَّنها من الاستمرار فى تبنِّى أهدافها، وقد تناول هذا الفصل الأوضاع الفكرية فى الواقع المصرى. وركزت المؤلفة على الفكر الليبرالى، والفكر الاشتراكى، والفكر الإسلامى التجديدى. ثم الأوضاع السياسية فى الواقع المصرى، ثم الأوضاع الاقتصادية فى الواقع المصرى، وقد أظهر هذا الفصل أوضاع المجتمع المصرى الفكرية، وما أحدثته من تغيُّرات على الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية ، كما تأثر المجتمع المصرى أيضاً بالمتغيرات العالمية فى تلك المرحلة من الصراع بين المعسكرين الغربى والشرقى، والتنافُس بين الدول الكبرى على بسط نفوذها على العالم، وقد انعكست كل هذه الأوضاع على الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأهدافها؛ لذا نجد فى أعقاب ثورة يوليو حتى عام 1963م، تغييراً فى الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية؛ لكى تتواءم مع النظام الجديد، كما نلمس نوعاً من الكياسة والحذر فى الإفصاح عن المضامين الدينية التنصيرية، وظهر ذلك أيضاً فى ممارسات الجامعة الداخلية. أما عام 1963م فله دلالة؛ حيث لم يظهر التغيير فى الأهداف المعلنة للجامعة إلا فى هذا العام.
وعلى الرغم من كل الاحتياطات التى وضعتها الجامعة فى تلك المرحلة فإن دافع الجامعة للحفاظ على إعداد نخبة تعمل لصالح الغرب، والتركيز على التقرُّب من الحكومة والطبقة الحاكمة الجديدة فى المجتمع، جعل الجامعة تستثنى أبناء مجلس قيادة الثورة الجديدة من شرط الحصول على مجموع الدرجات المطلوبة للقبول.
وتناولت المؤلفة فى الفصل السابع وضع الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى الستينيات، والأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية بالقاهرة فى ظل التحول الاشتراكى، فقد انعكست الأوضاع والظروف فى المجتمع المصرى والعلاقات المصرية الأمريكية المضطربة خلال فترة التحول الاشتراكى فى مصر على الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية. وتبنت الجامعة أهدافاً جديدة؛ لكى تتناسب مع الأوضاع المجتمعية والعالمية المتغيرة، ولكى تحاول إثبات أنها تعمل لخدمة المجتمع المصرى، حتى تتمكن من الاستمرار فى وقت كانت الاتجاهات العدائية تتعاظم نحو كل ما هو أمريكى. والممارسات والأنشطة المتعلقة بتحقيق الأهداف المعلنة والتى تمثلت فى صورة المسؤوليات التعليمية وخدمة المجتمع المصرى ومواجهة تحديات التنمية والطباعة والنشر وأيضاً تعامل الجامعة مع النخبة.
ويلقى الفصل الأخير الضوء على وضع الجامعة الأمريكية مع بداية التوجه الجديد للنظام السياسى المصرى - فى عهد السادات - نحو إقامة علاقات وطيدة مع الغرب ومع أمريكا على وجه الخصوص، والذى بدأت مؤشراته مع بداية السبعينات وتبلور بصورة واضحة عام 1974م مع تبنى مصر سياسة "الانفتاح الاقتصادى" . وقد سارت الأحداث بخُطى سريعة لتدعيم مصالح الجامعة الأمريكية، فقد اعتمد الرئيس "السادات" البروتوكول الرسمى للجامعة فى عام 1976م، الذى تضمن أهداف الجامعة الأمريكية ونظام العمل فيها، وقد تناول هذا الفصل وضع الجامعة فى السبعينيات، ثم بروتوكول عام 1976م، وتأكيده استقلالية الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأخيراً الأهداف المعلنة والممارسات الداخلية التى تمثلت فى المسؤوليات التعليمية والثقافية، وخدمة المجتمع المصرى وإعداد الصفوة.
وفى النهاية نستطيع استشراف دور الجامعة الأميريكية من خلال البيان الرائع الذى ظهر به هذا الكتاب المهم، وما قام به أيضاً من تحليل لأهدافها الأولى، وما طرأ عليها من تغيير وامتداداتها فى الواقع الراهن، ويمكننا القول إنه بفضل ما تقدمه من القيم والثقافة الأمريكية، تمثل هذه الجامعة إحدى آليات الهيمنة الأمريكية والتبعية، وبخاصة فى عصر العولمة التى تسعى فيه أمريكا للسيطرة على العالم، وذلك لكوْن خريجى هذه المؤسسة روادًا لهذا المجتمع وطليعة هذا العصر، بما يحملونه من قيم وثقافة الدولة المسيطرة عالمياً.
وهناك قيمة إضافية لهذا الكتاب الخطير تتمثل فيما حواه من وثائق سرية، استطاعت المؤلفة الحصول عليها لتوثيق رؤاها وتدعيم تحليلاتها، فتحية لها وللناشر على هذا الجهد المحمود.