/>

حلم الغاز: اسرائيل وسلاح الغاز الطبيعى للسيطرة على اقتصاد الشرق الأوسط




جاء في تقرير صادر عن معهد أمريكى ان إسرائيل، وعلى الرغم من صغر رقعتها الجغرافية، ستلعب من خلال مواردها من الطاقة ‘دورا رئيسيا في قطاع الطاقة، وكذلك في الخريطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط وخارجها، كما أن مواردها من الغاز الطبيعي يمكن أن تسمح لها بالتأثير على العلاقات الرئيسية في المنطقة وتغيير هيكل الإقتصاد السياسي الإقليمي.
وقال “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن في تقرير حديث ، حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه ، إن اكتشافات الغاز الطبيعي في إسرائيل ، في السنوات الماضية لديها القدرة على تحويل البلاد ، إلى مورد رئيسي للغاز إلى دول شرق المتوسط ??وأوربا.
و”معهد الشرق الأوسط” أحد أبرز المراكز البحثية المعنية بشؤون الشرق الأوسط في واشنطن، وتأسس في عام 1946 على يد مجموعة من العلماء ،ورجال الدولة البارزين، بهدف زيادة المعرفة عن المنطقة.
وتمتلك إسرائيل ، سبعة حقول للغاز الطبيعي في مياه البحر المتوسط، تعمل منها ثلاثة حقول، فيما تنتظر الحقول الأربعة الأخرى استثمارات لتشغيلها، وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل لديها احتياطيات ، تقدر بحوالي 680 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي ( 24.3 تريليون قدم مكعب ) في عام 2012.
وتعتبر إحتياطيات إسرائيل من الغاز الطبيعي صغيرة جدا، ( أقل من 0.4′ من إحتياطيات العالم المؤكدة من الغاز)، مقارنة بالإحتياطيات المؤكدة في إيران (18′)، روسيا (17.6′)، وقطر (13.4′). وحتى مصر لديها إحتياطيات مثبتة (2′)، تساوي 5 أضعاف ما لدى إسرائيل.
ويعتقد أن حقل ليفياثان الإسرائيلي يحوي كميات من الغاز الطبيعي تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات. وهو أكبر إكتشاف على مستوى العالم للغاز البحري خلال العقد الماضي. ويمثل مصدرا هائلا لتلبية إحتياجات الطاقة المحلية الإسرائيلية.

10253743_10152443727171660_1163320638595783057_n
وحسب بيانات وزارة البنى التحتية الإسرائيلية فقد بلغ إستهلاك الغاز في إسرائيل خلال عام 2009 نحو 4.2 مليار متر مكعب، مقابل 2.7 مليار متر مكعب في عام 2007، ‘ونحو 1.6 مليار متر مكعب فقط في عام 2005.’ وفي عام 2009 تم إنتاج 40′ من التيار الكهربائي في إسرائيل بإستخدام الغاز الطبيعي، وهي نفس النسبة المستخدمة في بريطانيا.
ومن المرجح أن يؤدي اكتشاف الغاز الطبيعي فى إسرائيل إلى تحقيق مكاسب كبيرة لتل أبيب، ويمكن أن يؤثر بشكل واضح على الإقتصاد السياسي للدول المجاورة.
وذكر التقرير أنه في الوقت الذى تهدد فيه روسيا أوروبا بوقف إمدادات الغاز الطبيعي بعد الأزمة الاُوكرانية يمكن للغاز الإسرائيلى أن يساعد أوروبا في تنويع إمدادات الطاقة، والنأي بنفسها عن منتجات الطاقة الروسية.
وتساءل كاتب التقرير، مايكل هوشبرغ ، وهو مدرس لسياسة الطاقة والموارد الطبيعية والتحكم البيئي في جامعة ديلاوير الأمريكية، ما إذا كان يمكن لإسرائيل ونظرائها في المنطقة الأوروالمتوسطية التعاون لتحقيق ما يمكن أن يمثل أكبر فرصة في المنطقة، لإقامة شراكات إستراتيجية، وتحقيق الرخاء والإستقرار.

East-Med-From-CNG-to-LNG-1024x865
ويضيف هوشبرغ أن إسرائيل، بعد أن وقعت صفقات تصدير غاز بقيمة 1.7 مليار دولار مع الشركات الاُردنية والفلسطينية، أصبحت في مرتبة متقدمة في صناعة تصدير الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وهو ما قد يؤدى إلى تحسن العلاقات الإقليمية بين إسرائيل وجيرانها في الإقليم.
ونقل التقرير عن عوزي لانداو، وزير المياه والطاقة في إسرائيل، قوله إنه يعتقد أن تصدير الغاز الطبيعي إلى الدول المجاورة لإسرائيل سوف يعزز الثقة التي يمكن بدورها أن تعزز السلام في المنطقة.
ويرى واضع التقرير ان إسرائيل، وهى تمارس اختيار الشركاء التجاريين وأساليب التصدير للغاز، ورغم انها تقود قطاع الغاز الطبيعي لديها في واحدة من أكثر المناطق المضطربة سياسيا في العالم، يمكنها ان تلعب في نفس الوقت دورا أساسيا في تحديد ديناميات السياسة والإقتصاد في منطقة أوروبا – البحر المتوسط.
Offshore-rig-with-Flag-Webويذكر التقرير أنه على الرغم من ان الصفقات الخاصة بتصدير الغاز لجيران إسرائيل يمكن ان تؤدى لتعزيز العلاقات وتقرب إسرائيل إلى مصر ودول اُخرى بالمنطقة في حاجة ماسة للطاقة غير المكلفة، فإن الحقائق السياسية الحالية تجعل الإتفاقات الإقليمية لتصدير الغاز صعبة.
ورصد التقرير الإتفاقات القائمة بين إسرائيل ودول المنطقة في قطاع الغاز. ففي يناير/كانون الثاني 2014 وقعت إسرائيل أول إتفاق لتصدير الغاز الطبيعي إلى السلطة الفلسطينية. وبموجب الإتفاق تشتري شركة فلسطين لتوليد الطاقة ما قيمته 1.2 مليار دولار من الغاز الطبيعي الإسرائيلي لمدة 20 عاما.
وسيجري شحن الغاز إلى محطة توليد كهرباء تخطط الشركة الفلسطينية لبنائها بتكلفة 300 مليون دولار، في مدينة جنين في الضفة الغربية، على أن تبدأ مبيعات الغاز في عام 2016 أو 2017، عندما يبدأ حقل ليفياثان الإنتاج. ويمكن للصفقة أن تقلل الاعتماد الفلسطيني على الشبكة الكهربائية لإسرائيل، التي يتم من خلالها تلبية احتياجات الطاقة الفلسطينية حاليا.
يذكر ان السلطة الفلسطينية أصبحت مدينة بمبالغ كبيرة، تصل إلى مليار و400 مليون شيكل، لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية بسبب عدم سداد مستحقات الشركة مقابل إمداد الفلسطينيين بالكهرباء.
ويرى التقرير انه في حين أن الصفقة لن تخفض الإعتماد الأساسى للضفة الغربية على الطاقة الإسرائيلية، إلا أنها حفزت بناء محطة فلسطينية كبيرة لتوليد الكهرباء، والتي ستسمح للفلسطينيين بإنتاج الكهرباء الخاصة بهم، وزيادة قدرتهم على إدارة الطاقة، وخلق فرص عمل في الضفة الغربية ، وتوفير أسس يمكن من خلالها إطلاق شراكات الطاقة في المستقبل.
ويتوقع التقرير أن يستغرق الأمر عدة سنوات، قبل أن يبدأ الغاز الطبيعي في إمداد الضفة الغربية بالطاقة. ويسمح الإتفاق في الوقت ذاته للشركة الفلسطينية لتوليد الطاقة، أن تحد من كمية الغاز الذي تشتريه من إسرائيل.


وعلى الرغم من هذه الشكوك فإن هذا الإتفاق يمثل إنفراجه في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين. ويرى واضع التقرير ان هذا الإتفاق لن يؤدي فقط إلى زيادة سيطرة الفلسطينيين على قطاع الطاقة في الضفة الغربية، بل سيؤدي أيضا إلى مساعد السلطة الفلسطينية في توفير حياة أفضل لمواطنيها.
وفيما يتعلق بالاُردن وقع مسؤولون من إسرائيل والاُردن في شباط/فبراير الماضي عقدا تبيع بموجبه إسرائيل للاُردن ما قيمته 500 مليون دولار من الغاز الطبيعي من إنتاج من حقل تامار،’أصغر حقولها،’على مدى 15 عاما.
ومن المقرر أن تبدأ المبيعات إلى الاُردن في عام 2016، وذلك بعد الإنتهاء من إقامة البنية التحتية الأولية لخط الأنابيب الذى سينقل الغاز، وستجري زيادة قيمة العقد فيما بعد إلى شراكة بقيمة 30 مليار دولار، وهو ما سيحول إسرائيل إلى المورد الأساسي للغاز إلى الاُردن.
ويقول التقرير ان الإتفاق مهم بشكل خاص للاُردن، الذي يعاني فقرا في مجال الطاقة. كما أن الغاز المصري الذي كان يغطي حتى وقت قريب 80′ من احتياجات الكهرباء الاُردنية، أصبح لا يمكن الاعتماد عليه بشكل متزايد، بسبب كثرة التفجيرات التي تعرض لها خط الأنابيب الناقل للغاز في شبه جزيرة سيناء. وتقدر الحكومة الاُردنية خسائر البلاد من الإنقطاعات المتكررة للغاز التي حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية بأكثر من مليون دولار يوميا.
ويذكر التقرير أن الولايات المتحدة التي ساعدت في التوصل لإتفاق الغاز بين البلدين حريصة على أن ترى الاُردن يشتري الغاز الطبيعي الإسرائيلي، وترى في هذا الأمر حماية لسياسات ومصالح الغرب في الاُردن، بعد ان كان من المحتمل ان تتجه المملكة شرقا إلى الدول العربية المجاورة أو روسيا لتلبية إحتياجاتها من الطاقة.
دمياطويقول التقرير إن تسييل الغاز الطبيعي يسمح لإسرائيل أن تشحن منتجاتها إلى آسيا، حيث يرتفع سعر الغاز الطبيعي مقارنة بالمنطقة الأورومتوسطية، مشيرا إلى أن التكاليف الأولية لمحطات الغاز الطبيعي المسال مرتفعة فضلا عن ان بنائها يتطلب مساحات كبيرة من الأراضي، الأمر الذي تفتقر إليه إسرائيل.
ويوضح التقرير أن إسرائيل ربما تصدر بعض الغاز الطبيعي الذي تنتجه إلى دول في المنطقة، بما في ذلك تركيا وقبرص اليونانية، ويرى ان تركيا هي الأوفر حظا من حيث إبرام إتفاقات لإستيراد الغاز الإسرائيلي ، وذلك بالنظر إلى احتياجاتها المحلية الضخمة من الطاقة والتي ترتفع بمعدلات سريعة .
‘ويذكر كاتب التقرير ان العلاقات الإسرائيلية التركية تدهورت بشكل كبير في مايو/أيار2010، عندما قتل تسعة مواطنين أتراك على أيدي الجنود الإسرائيليين على متن سفينة ‘مرمرة’ التي كانت متوجهة لتقديم مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة، ولكن اعتذار إسرائيل فيما بعد والإتفاق على تعويض عائلات الضحايا، جنبا إلى جنب مع إحتمال قيام شراكة مربحة للغاية في قطاع الغاز الطبيعي، ساهم كل هذا في ذوبان الجليد في العلاقات، فيما يجري حاليا حوار لوضع شراكة في مجال الطاقة.
ورصد التقرير أيضا محاولات لإقامة مشروع مشترك بين إسرائيل وقبرص اليونانية، وقال انه في 16 من الشهر الجاري وقع تحالف شركات لديها حصة في حقل ليفاثان إتفاقا لتزويد شركة الغاز الطبيعي المملوكة للدولة في قبرص بالغاز بقيمة 210 ملايين دولارات سنويا لمدة تصل إلى 10 سنوات .
ويتضمن الإتفاق بناء خط أنابيب بين إسرائيل وقبرص اليونانية، والذي سيبدأ في إمداد الشركة القبرصية العامة للغاز الطبيعي بالغاز في عام 2016 ، أو عام 2017.
6on3‘ويقول التقرير أيضا انه مع تزايد الطلب على الطاقة في تركيا، والقدرة على إحياء شراكة استراتيجية ذات أهمية جيوسياسية، فإن إسرائيل ستشرك تركيا في صفقات الغاز الطبيعي على المدى الطويل .
ويقول التقرير إنه يتعين على مصر أيضا، وبرغم إحتياطيات الغاز الطبيعي الكبيرة لديها، أن تبحث عن موردين جدد للغاز وذلك لعدة أسباب من بينها إلتزام مصر بتصدير الغاز وفقا لإتفاقيات موقعة مع شركات أجنبية، وإرتفاع الطلب المحلي، هذا إلى جانب الأوضاع الصعبة التي تواجهها عمليات التنقيب عن الغاز، فضلا عن سوء الإدارة العامة.
‘ويمكن لخط الأنابيب الذي يمر عبر منطقة سيناء غير المستقرة حاليا، والذي كان يزود إسرائيل يوما مابحوالي ’40′ من إحتياجاتها من الغاز الطبيعي، أن ينقل الغاز من إسرائيل إلى مصر، ولكن مع احتمال استئناف الغارات على خط الأنابيب خاصة في الظروف الحالية ، فقد يكون خط الأنابيب البحري الذي يمر بدلتا النيل في مصر خيارا أكثر سلامة.
ويرى التقرير أنه كل في الأحوال فإن مبيعات الغاز لمصر قد تسمح لإسرائيل بالاستفادة من مرافق الغاز الطبيعي المسال القائمة في مصر، والتي من شأنها أن تسمح بتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أسواق بعيدة (وأبرزها آسيا). ولكن نظرا للمخاوف الأمنية، فإن العملاء المحتملين في آسيا قد يترددون في نقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي عبر قناة السويس.’ وحتى في حالة تأمين الوسائل اللوجستية فإن إسرائيل قد تعزف عن الدخول في شراكة مع مصر غير المستقرة سياسيا ، كما يبدو حاليا وفقا للتقرير.
‘ملاحظة: ‘معهد الشرق الأوسط’ أحد أبرز المراكز البحثية المعنية بشؤون الشرق الأوسط في واشنطن، وتأسس في عام 1946 على يد مجموعة من العلماء ورجال الدولة البارزين، بهدف زيادة المعرفة عن المنطقة. ويعرف عنه أنه إسرائيلي الهوى.
‘يذكر أن هوشبرغ خريج من جامعة تولين وقد كتب أطروحة حول اكتشافات الغاز الطبيعي لإسرائيل.

تعليق : مالم يذكره التقرير أن قسما كبيرا من هذا الغاز هو من الحقول الداخلة فى المياه الاقليمية الاقتصادية المصرية والتى تخلى عنها المجلس العسكرى فى عهد طنطاوى .
المصدر: معهد واشنطن – الأناضول – القدس الدولية

التعليقات
0 التعليقات