/>

محلل صهيونى: الخطة المصرية الاسرائيلية لتجريد غزة من سلاح المقاومة









يوسي ميلمان | أحد أهم الصحفيين ومحللي الأمن القومي الإسرائيلي:

في حال وضعنا التصريحات التحريضية جانباً، هل من يمكن، وبشكل واقعي، اغلاق الفجوة الواسعة بين إسرائيل وحماس والتوصل الى وقف إطلاق نار طويل الأمد؟ هل يمكن تحقيق طلبات الطرفين بطريقة ما؟

من أجل الإجابة على هذا السؤال، يجب ان نسأل أنفسنا ما هي طلبات كل طرف والأهم من ذلك ماذا يوجد في صلب هذه الطلبات؟

منذ الأيام الأولى للحرب، طالبت حركة حماس بالإفراج عن سجنائها الذين قامت إسرائيل باعتقالهم مجدداً في الضفة الغربية، توسيع المساحة في البحر التي يسمح للصيادين اصطياد السمك فيها الى مسافة 10 كيلومترات من الشاطئ، فتح المعبر الحدودي وبناء ميناء ومطار. الإفراج عن بعض السجناء هو أمر يمكن القيام به. هذا ليس بالأمر المهم بالنسبة لإسرائيل أو لا يجب ان يكون. إذ ان السجناء اعتقلوا مجدداً بعد إطلاق سراحهم قبل 3 سنوات. توسيع رقعة اصطياد السمك يمكن التوافق عليها.

مطلب بناء ميناء بحري ومطار غير واقعي لأن إسرائيل تخشى، وبحق، من ان حركة حماس ستستغلها لتهريب صواريخ وأسلحة متطورة أكثر. وإسرائيل لن توافق.

ذاً المطلب الأساسي الموجود في أساس استراتيجية حماس وسبب هذه الحرب هو فتح المعبر الحدودي ورفع الحصار والذي فرض للمرة الأولى من قبل إسرائيل في العام 2006 بعد خطف الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليط، وتم تشديده في السنة الأخيرة من قبل الحكومة المصرية برئاسة الجنرال عبد الفتاح السيسي. هذا المطلب سمع عدة مرات من قبل جميع المسؤولين في حماس، من ضمنهم، محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة حماس.

رفع الحصار يعني ان المواطنين في غزة سيشعرون باختناق أقل، وسيؤدي الى حياة طبيعية تقريباً، استيراد جميع أنواع المأكولات والبضائع التي يرغبون بها، والسفر بحرية عن طريق مصر. لكن هذا يعني انهم يمكنهم إساءة استغلال حريتهم وحركة تنقل الناس والبضائع من أجل تهريب أسلحة وأموال لتمويل تسليح غزة مجدداً بدلا من ان يستعملوها لبناء المدارس، المستشفيات، مؤسسات الرفاه الاجتماعي والبيوت. إسرائيل وافقت في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أدى الى نهاية الحرب الثانية في غزة عام 2012 (عملية الرصاص المصبوب) على رفع الحصار.

لذلك، يجب ان تكون هنالك طريقة لمنع حدوث ذلك. هل يمكن ضمان ذلك 100% كلا، لكن بواسطة نظام مراقبة مشترك تشترك فيه إسرائيل، مصر والسلطة الفلسطينية، وحتى بدعم مراقبين دوليين، يمكن تحقيق ذلك.

من جانب آخر، الأهداف الإسرائيلية في هذه العملية محدودة نسبياً وتبدوا واقعية. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدة مرات، ان هدفه هو جلب الهدوء لإسرائيل، لكي يتمكن المواطنون في جنوب البلاد من العيش بسلام من دون سماع صوت صفارات الإنذار بشكل يومي وسقوط القذائف والصواريخ. نتنياهو قال ان “الهدوء سيقابل بالهدوء”.

بعد بدء عملية التوغل البري، قالت إسرائيل ان الهدف هو “إزالة” تهديد الأنفاق. وهذا بالتأكيد خطر كبير والذي يتم إزالته من قبل الجيش الإسرائيلي بجهد منظم للكشف وتدمير هذه الأنفاق. حتى الآن، تم الكشف عن 34 نفقاً يؤدي الى إسرائيل وعن قريب سيتم تدمير جميعهم.


لكن الآن، مع دخول الحرب الثالثة على غزة يومها الثالث والعشرين، ومع مقتل 53 جندياً إسرائيلياً و3 مدنيين، الأهداف التي ذكرت أعلاه ليست كافية. إسرائيل تريد أيضاً نزع سلاح قطاع غزة. هذا مطلب شرعي ومنطقي. إذ أن في جميع المحادثات والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية يتم الحديث عن فكرة كون الدولة الفلسطينية المستقبلة، دولة منزوعة السلاح، وحتى ان القيادة الفلسطينية وافقت على ذلك. لأن قطاع غزة يعتبر جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية، يجب ان يكون منزوع السلاح أيضاً.

هنا المكان المناسب لتسجيل الملاحظة التالية: هنالك وجهان لهذا المصطلح. الأول هو فكرة نزع السلاح. الهجمات الإسرائيلية اليومية على أهداف في قطاع غزة موجهه بالأساس ضد مخازن الأسلحة والصواريخ التابعة لحماس والجهاد الإسلامي. مع كل غارة جوية وقصف مدفعي هنالك عدد أقل من الأسلحة في غزة، ولذلك فكرة نزع السلاح يتم تحسينها. لكنه سيكون من المستحيل تحقيق هدف نزع شامل للأسلحة من دون ان يحتل الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ويرسل جنوده للبحث في كل البيوت من أجل مصادرة وتدمير جميع الأسلحة الموجودة هناك.

من ناحية أخرى، تجريد غزة من السلاح هي إمكانية حيوية أكثر. هذا هو المطلب الأساسي لإسرائيل. إسرائيل ومصر تسيطران على المعابر الحدودية. مصر دمرت، وستستمر في تدمير الأنفاق التي تربط شبه جزيرة سيناء مع قطاع غزة، والتي تعتبر الوسيلة الأساسية لتهريب أسلحة، في حين ان سلاح البحرية الإسرائيلية يقوم بدوريات قبالة شواطئ غزة لمنع أي محاولة تهريب عن طريق البحر. المساعي المصرية والإسرائيلية ليست مثالية لكنهم ناجعة لحد ما في إغلاق غالبية الثغرات.
إذا ما هو المطلوب بالإضافة الى ذلك؟ إنشاء منظومة دولية تراقب نقل الأموال، مواد البناء – خصوصا الأسمنت – والتأكد من انه يتم استعمالها بالشكل الملائم لأهدافهم المعلنة بدل إساءة استعمالها. خلال حديثه مع القادة الأجانب، تطرق نتنياهو الى فكرة وضع كيان دولي مثل هذا. هذه الرسالة تم إيصالها أيضا عن طريق الولايات المتحدة، الى قطر، الراعية السابقة وعلى الأغلب المستقبلية أيضاً لحركة حماس. القادة القطريون أبدوا تفهمهم لهذه الفكرة. ومن المفترض ان تفوض الى هذا الكيان صلاحيات وسلطة ليس فقط لمراقبة وتسجيل الخروقات في حال حصلت، وإنما اتخاذ إجراءات عقابية. على سبيل المثال، الأموال المخصصة لغزة سيتم وضعها في صندوق خاص تحت سيطرة مصرية

وسيتم دفع الأموال بأقساط وبشروط. وفي حال تم إطلاق صواريخ نحو إسرائيل أو التسلل إليها فسيتم معاقبة غزة وسيتم تأجيل دفع القسط القريب.

هنالك العديد من الأفكار المبدعة المشابهة والأحسن منها بالإضافة الى وسائل لمساعدة تجريد غزة من السلاح. لكن هنالك أمر يجب ان يكون واضحاً لكلا الطرفين – هذه الحرب لن تنتهي بانتصار ساحق واستسلام حركة حماس كما يقترح بعض الإسرائيليين – خصوصاً جنرالات سابقون. حماس تلقت ضربات غير مسبوقة، غزة تم تدميرها لكن إسرائيل تنزف أيضاً.

يجب التوصل الى تسوية وهذا ممكن.

يوسي ميلمان – محلل أمني واستخباراتي اسرائيلي ومؤلف مشارك لكتاب “جواسيس ضد الأرماغيدون: داخل حروبات اسرائيل السرية

التعليقات
0 التعليقات