1- حكم المماليك لمصر وسياسة أخف الأمرين :
بعد عهد الصالح أيوب، تولَّى ابنه توران شاه الذي انشغل باللهو بعد انتصاره على الصليبيين، وأساء معاملة قادة الجيش من المماليك، وكذلك شجرة الدر؛ فتآمرت مع أقطاي و بيبرس وغيرهم على قتل "توران شاه"، وبالفعل تمت ذلك في يوم 27 محرم سنة 648هـ،
وبمقتل "توران شاه" انتهى حكم الأيوبيين تمامًا في مصر، وهنا بداية الفراغ السياسي وطمع المماليك في حكم مصر فهم القوة الفعلية بالجيش المصري.
لكن صعود المماليك مباشرة إلى الحكم سيكون مستهجنًا في مصر، فالناس لا تنسى أن المماليك عبيد، يباعون ويشترون، وشرط الحرية من الشروط الأساسية للحاكم المسلم.. وحتى لو أُعتِقوا فإن تقبُّل الناس لهم باعتبارهم (حُكَّامًا) سيكون صعبًا..
كل هذا دفع المماليك بعد مقتل توران شاه في "فترة انتقالية" تمهد الطريق لحكم المماليك ، وفي ذات الوقت لا تقلب عليهم الدنيا في مصر أو في العالم الإسلامي, وفي هذا الوقت وبعد مقتل توران شاة فكرت شجرة الدر في الصعود إلى كرسي الحكم في مصر!
وجد المماليك البحرية في شجرة الدرّ الفترة الانتقالية التي يريدون.. إنها زوجة الملك الصالح أيوب الذي يُكِنّون له (ويُكِنُّ له الشعب كله) كامل الوفاء والاحترام والحب، وهي في نفس الوقت تعتبر من المماليك؛ كما أنها في النهاية امرأة، ويستطيع المماليك من خلالها أن يحكموا مصر، وأن يوفروا الأمان لأرواحهم.
وبذلك توافقت رغبات المماليك مع رغبة شجرة الدر.. وقرروا جميعًا إعلان شجرة الدرّ حاكمة لمصر بعد مقتل توران شاه بأيام، وذلك في أوائل صفر سنة 648هـ.
ولكن الجو العام في مصر، وعند أمراء الأيوبيين في الشام، وكذلك الخليفة العباسي المستعصم لم يكن يقبل بولاية امرأة, فتم قبول أخف الأمرين وهو زواج شجرة الدر من أحد قادة المماليك وهو "عز الدين أيبك"، ثم أصبح سلطانًا على مصر، وبذلك وصل المماليك إلى حكم مصر .
2- الوضع الحالي بمصر وحكم العسكر وسياسة أخف الأمرين:
بعد ثورة 23 يوليو وجد العسكر لديهم القوة الفعلية في البلاد فلم يقبلوا ان يحكم البلد غيرهم ولكن كان هناك قوة معارضة من الأخوان والوفد وباقي الاحزاب السياسية فكانت الخطة "فرق تسد " فبدأ بالتخوين وحل الأحزاب السياسية والتمهيد لحكم عسكري وقد كان ودام لمدة حوالي ستون عاما الا ان قامت الثورة المصرية 25 يناير ضد الديكتاتورية العسكرية ولكن تم التمهيد ليتولي سامي عنان وهذا ما عارضته القوي الشعبية وتم انتخاب أول رئيس مصري منتخب وهذا ما تم رفضه من القوي الفعلية وهو الجيش فقام بمخطط منظم للانقلاب علي الرئيس بدعوي الدعم الشعبي مستغلا سذاجة بعض القوي الليبرالية وغيرهم.
رفض الشعب بعد الثورة مباشرة حكم سامي عنان لهم او مجرد التلويح بذلك فصدر الجيش قائد للانقلابيين (السيسي) بعد الاطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي ليرفضه الشعب فقام بعمل مجازر واعتقال من يعارضه ويتم الان طرح سامي عنان مرة أخري علي انه البديل فيوافق الشعب.
هذا ما يعتقدون ولكن الشعب يقظ من كل هذه المؤامرات ولو كانت القوة للجيوش فحسب لحكم المماليك مصر دون الانتظار لمجيء توران شاه.
طبعا حكم المماليك يختلف تماما عن حكم العسكر الان, يكفيهم هزيمة التتار علي عكس غيرهم ممن يستغلون قوتهم الاعلاميه لتشوية أخواننا بفلسطين مع تلميع العدو الحقيقي.
يبقي السؤال هل سنقبل بأخف الأمرين ام سنرفض كليهما متمسكين بحقوقنا الانتخابية ورجوع الرئيس الشرعي؟