/>

المخابرات والأزمات التي صنعوها ... فن يفتقده الإخوان



حازم سعيد :

مجموعة من الأزمات أحدثها الجهاز المخابراتي على مدار سنتين منذ 25 يناير وعلى مدار سنة حكم الرئيس مرسي الأولي ( المستأنفة إن شاء الله ولو بعد حين ) ، ومجموعة من الفخاخ الرهيبة التي صنعوها ، واستطاعوا بها مخادعة بعض المغلفلين وتمكنوا من إحداث حراك في طبقة ما يقرب من مليون إنسان في القطر المصري فحشدوهم في الميادين ، وتمكن مخرج الدعارة من تصويرهم وإبرازهم ليخرج الانقلابي الخائن السيسي ويقول أنهم 33 مليون مصري .

هذه الأزمات والفخاخ لا يستطيع الإخوان صناعتها والتعامل بالمثل فيها ، وأزعم أنهم يفتقدون المهارة – حتى في منطقة ما أراه جائز شرعي ، ويحتاجون فيه لإعادة النظر والتجويد واستثمار المشهد الثوري الحالي لتنمية المواهب في هذا الباب - ، حول هذا المعنى والمطلوب فيه أعرض لكم وجهة نظري باختصار – إن شاء الله - :

أولاً :    أما الأزمات فلو حدثتكم عن كثير من التآمر والدس خلال سنة ما قبل الرئيس مرسي من أمثال محمد محمود وفتنة المبادئ فوق الدستورية وغير ذلك فسنحتاج إلى مقالات وليس مقالة واحدة .

نفس الأمر ينسحب على أزمات سنة الرئيس مرسي ، ولو سردت أمثلة لها فستعجبون كيف أدار تحالف العسكر والعلمانيون المشهد ليمهدوا للانقلاب على الشرعية ، وكيف كان الرئيس مرسي يجاهد مجاهدة حقيقية ضد لوبي رهيب على مدار سنة تحمل فيها طعنات وضربات واتهامات ، خذ عندك هذه الأمثلة :

 ( السولار والوقود – الكهرباء – المياه وسد النهضة – اختطاف ضباط وجنود من سيناء – نشر الشائعات – استغلال أزمات حقيقية وعدم مسئولية النظام عنها ونسبتها له مثل حادثة قطار أسيوط – أزمة الصحفية المختطفة في السودان – أزمة المصري المتهم بتهريب المخدرات بالسعودية – الضباط الملتحين – قضية السياحة الإيرانية – قرض صندوق النقد الدولي – قلب الحقائق ( مثل اتهام الرئيس بقتل الإخوان أمام الاتحادية ) – التناقض ( إباحة التظاهر في عهد مرسي ومحاربته على يد الانقلابيين ) ) .



ثانياً :    يضاف إلى العسكر ذراعه الإعلامي المخادع ، والدور الخبيث الذي قام به الإعلام في تأجيج تلك الأزمات المصطنعة بنشر الشائعات وترويج الأكاذيب بمختلف الوسائل والأساليب المعروفة ، وبانتشار هو كالسحر الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن من البيان لسحراً " رواه البخاري .

فهم كسحرة فرعون قبل إسلامهم ، يخيلون للناس الأباطيل والحيل والخداع ويقلبون الحقائق ليصبح الحق باطلاً  ، والباطل حقاً ، ويصير الناس حيارى تائهين خاصة وهؤلاء المساكين تلقوا مناهج تعليم وتربية على مدار السنين تجعلهم غثاء لا يستطيعون الحكم على الأمور ، فيأتي الإعلام ليصادف عقولاً ضائعة وقلوباً ممسوخة فيتمكن ، كما قال الشاعر : أتاني هواه قبل أن أعرف الهوى *** فصادف قلباً خالياً فتمكنا .

بهذه الطريقة تمكن الجهاز المخابراتي الممهد للانقلاب من المخدوعين وزين لهم أحاييل الشياطين جيش الإعلاميين من أمثال الإبراشي ولميس وأديب وخيري وموسى وخلافهم من التافهين الضائعين .


ثالثاً : ولكن هل يدوم هذا التمكن ، وهل ينتصر الكذب على الصدق ، والباطل على الحق ، يقول الله عز وجل : " أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ " ( الرعد – 17 ) .

هذه الآية هي عمدة الباب ، فلا يمكن أن يدوم تغلب الباطل ، وهو تغلب وهمي مصطنع ، لا يملك مقومات إقامة الدولة ، بل هي قوة البطش ، دون سند علمي أو حضاري ، لا في باب العلوم ولا في باب السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع ، فالعلوم أربابها الآن في السجون حيث تعج سجون مصر بالعلماء الأحرار ، والسياسة قد قضى عليه الانقلابيون وعلى التجربة الديمقراطية الناشئة ، والاقتصاد منهار ، والاجتماع فإن المستغفلين من الشعب المصري يوشك أن يفيقوا مع الوضع المعيشي وكبت الحريات والمعتقلين والقتلي الذين ملئت بهم كل البيوت المصرية فهي بين مصاب بشهيد أو جريح  أو سجين أو صاحب تجربة قمعية في مجال الحريات .

لا يملك الكذب والباطل مقومات البقاء ، وإن طال الأمر أياماً أو شهور فإنه بمقياس بناء الأمم والدول لا يعتبر ، بل هو والبرهة سواء ... يوشك الانقلاب أن ينتهي والباطل إلى زوال ، ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة إن شاء الله .

رابعاً :   هل هو فن نندم على عدم إتقانه ؟

نعود لموضوع المقالة ، وهل هذا الفن الذي أتقنه وأجاده العسكري والمخابرات والإعلام وكافة عناصر الانقلاب صناعته ( بما فيهم حزب الزور والظلام ) ، فن الأزمات والفخاخ وصناعة الفتن ، هل هو فن نندم على عدم إتقانه نحن الإخوان .

أما فيما يتعلق بالكذب ونشر الشائعات وقلب الحقائق فهو ما لا يمكن أن نندم عليه أو نهوي إلى ممارسته ، حيث أنه مما لا يجوز شرعاً ولا خلقاً ، ونحن قوم صادقون ، ننتصر وننجو بالصدق ، والصدق منجاة ، وتربينا على أن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً . فلا يمكن أن ننزل إليه أو نتورط في ممارسته أبداً .

ولكن المشكلة الحقيقية التي نعانيها نحن الإخوان وأنصار الشرعية ، هو عدم قدرتنا على استثمار الفرص المعروضة الكثيرة والمتمثلة في تهافت الباطل وضعفه وخسته ونذالته ، وعدم قيامنا باستثمار جرائمه التي يمكننا استثمارها وتحويل الدفة إلى صالحنا دون اللجوء إلى الكذب أو قلب الحقائق .

أزماتهم كثيرة ، ومواقفهم المتحولة المتلونة لا تعد ، وفضائحهم في المجالات الخلقية والسياسية والاقتصادية والدولية أكثر من أن تحصى ، ومنطقهم يسهل جداً أن توضح تناقضاتهم فيه ، ومن أيسر ما يمكن أن توضح للناس تهافتهم وتفاهتهم . ولكننا لا نفعل ؟!!!!!!!!!!!!!!!!

هذه ثغرة كبيرة عندنا نحن الإخوان وأنصار الشرعية ، سواءاً على المستوى الإعلامي ، أو على مستوى الانتشار بالشارع والحديث مع الناس وتوضيح أكاذيب الانقلابيين ، مع أننا نملك أقوى جهاز إعلامي في العالم وهو انتشارنا بأفرادنا بين الناس .

فهذه الجزئية لابد لها من حل ، وعلى أهل الاختصاص الوقوف معها ووضع حلول فورية لها ، بشقيها : الإعلامي المركزي وما يتعلق بتوضيح جرائم الانقلابيين وفضحهم ، أو على مستوى الانتشار بالشارع والأفكار التي يمكن ابتكارها ووسائل وإجراءات يمكن أنن تتبع لنشر الفكرة وتوضيح الصورة .

وهي نصيحة موجهة للإدارة الإخوانية حتى تلتفت إلى هذه النقطة وتنظر في التعامل معها بآليات ووسائل وإجراءات واضحة .

خامساً : والدور والعبء الأكبر في نظري يضطلع به الجهاز الإعلامي لدى الإخوان ، والذي يحتاج لأن يطور نفسه ، ويبتكر أساليب وإجراءات ووسائل ، وتقديم النصائح والعون لجسم الإخوان وجسم تحالف أنصار الشرعية الأكبر .

ومقومات ذلك لدى الجهاز الإعلامي الإخواني كثيرة جداً من أفراد مبتكرين ومواهب خلاقة وطاقات مبدعة أكثر من أن تحصى ، ولكن بعضها يخمد ويتعطل ، ولا أدري هل السبب عنده وفي همته ؟ أم هو في إدراته التي لا تستطيع استثماره والتعامل مع موهبته ، ينبغى على إدارات الأجهزة الإعلامية خاصة في هذه المراحل الحرجة من تاريخ الأمة أن نكتسب لياقة استيعاب واستثمار الطاقات الفذة والمواهب المبدعة والمفكرين خارج الصندوق ، حيث هم ثروة كبرى في أيدينا ينبغى ألا نعطلها أو نفقدها ، وإلا سألنا الله سبحانه عنها يوم القيامة .

       سادساً : ويبقى جزء من العبء على أفراد الإخوان ، وهم المنتشرين بالشارع ، وهم الذين يحتكون بالجماهير ، وهم الذين يديرون النقاشات ، هم الذين يبيعون ويشترون ويعملون بين المرضى وبين الطلاب وبين العمال ، هم الذين يستطيعون أن يوجهوا الأفكار ويردوا على الشبهات بالصبر والعزم والنفس الطويل .

فيا صاحب الهمة .. انظر لدأب أهل الباطل على دأبهم ، ولا تيأس ، وثق في الله سبحانه وتأييده لك لأنك من ورثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وسر بين الناس بالحق الذي عرفته ، عرفهم به ، واضرب في الباطل وأهله ، واصبر على توضيح الحقائق للناس ، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ، وما كان الرفق في شئ إلا زانه ، والبر شئ هين وجه طليق ولسان لين ... سر على بركة الله ، ولتكن همتك الآخرة وغايتك رب الكون سبحانه ، فسر على بركة الله وانطلق ولا تعجز ، والله ناصرك ومؤيدك .
 
كبسولات :
1. أنا أتعجب من قدرة العلمانيين على التلون وعلى قلب الحقائق وعلى الخداع ، إنهم يكذبون حتى يصدقوا أنفسهم مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) عن أمثال سلماوي ومنى الشاذلي وباسم يوسف أتحدث ، وقد عاد الأخير للمشهد بخداعه وأكاذيبه ، والثانية شاهدت لها تتر برنامجها ولا أطيق النظر إلى " خلقتها " ووجدتها تقول في التتر أو صوت مشابه لصوتها : " قدرنا نتحرر من الاستبداد " وتأتي بصورة الرئيس الديمقراطي الذي أعطى الحرية لكل الناس الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي حفظه الله ، والأول رأيته يتحدث في ( تمثيلية ) الخمسين عن المواد التي تم تعديلها في مجال الحريات من الدستور ، وهو قد أتي مع البيادة ويدوس على كل مبادئ الحرية ، فتعجبت من كم القذارة والخباثة والنجاسة التي يتمتع بها هؤلاء العلمانيون الذين يكذبون حتى أصبحوا يصدقون أنفسهم !
 
2. الصبي نادر بكار صرح بأن حزبه " حزب الزور والظلام " لديه مشاكل كثيرة مع لجنة الدستور ، هذا بالضبط هو الدور المرسوم لهم ، جانب المعارضة من الانقلاب حتى يصبح لديه موثوقية عند الناس ، إنه يعطيه الشرعية وقبلة الحياة حيث هو نظام حر يسمح للإسلامي بأن يعارضه ويشارك في مؤسساته ويقول له لا ، قف مكانك ... هي بالطبع صيحة الشاويش عبد الجبار في الحارة للحرامي الذي صعد للعمارة وسرق أجهزتها الكهربائية ثم نزل وحملها على عربية نصف نقل وسار بها وأفلت بسرقته ثم يأتي عبد الجبار ليصيح قف مكانك ، وفي الصباح الباكر يذهب عبد الجبار لمخزن المسروقات ليتلقى أجرته ..

هذا هو عين ما يفعله حزب الزور والظلام ... ها أنا موجود .. ها أنا معترض ... ها أنتم نظام شرعي يا سيسي ... إنه أخبث دور تفوح منه رائحة العفانة والنتن والجيف المقبورة .. ولسوف يساءلكم الله سبحانه يوم العرض عليه يا شيوخ العار عن دماء سالت وأعراض انتهكت وحرمات استبيحت ولا أدري كيف ستجيبون !
  
3. " راجل عبيط " استضافته قناة الجزيرة في برنامج يعلق على تظاهرات الطلاب بجامعة الأزهر والاعتداءات البلطجية  التي وجهت للطلاب ، هذا الشخص يقولون عنه شيخ ودكتور ، ووظيفته هي تعليم العلم الشرعي لطلاب كليات الشريعة يقول أن الإخوان يمولون من الخارج ، وعندما يسأله المذيع عن مصدر معلومته ( كعالم شرعي درس في مصطلح الحديث ضوابط الرواية وكيفية التثبت من المرويات وعلم الدليل فإذا به يجيب : عقلي هو مصدر المعلومة يقصد أنه يستنتج المعلومة نتيجة رؤيته للنفقة التي ينفقها الإخوان والتحالف الشرعي ويتغافل عن قول الله عز وجل : " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " ، ويرفض الإجابة على أسئلة حول الشهداء والدماء التي سفكت ويقول : مليش دعوة بالسياسة ، فبالله عليكم " دول " ينفع يبقوا شيوخ ؟ في المشمش !
الدولة العميقة متغلغلة في كل شئ حتى في الأزهر .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
  --------------

Hazemsa3eed@yahoo.com

التعليقات
0 التعليقات