لما يكتبه رئيس تحرير جريدة الأهرام فى الفترة الأخيرة يتأكد أن العقلية وليدة الأمنية حاضرة بشكل لافت فى كل كلمة يكتبها أو بمعنى أدق فى كل مقال يضع السيد رئيس التحرير اسمه تحتها أو فوقها، فقد عودتنا الدولة الأمنية البوليسية القمعية المخابراتية العتيقة أنها عندما تريد تحرير شىء ما يتعلق بتنفيذ الحريات أو فرض الطوارئ أو أى إجراءات استثنائية لخنق البلاد وقمح العباد فإنها تأتى ببالونات الاختبار من خلال ما يكتبه رئيس تحرير الأهرام، هذا بالطبع له خلفية تاريخية منذ أن كان السيد محمد حسنين هيكل رئيسا لتحرير الأهرام بعد انقلاب يوليو 1952 فأسهم فى تأسيس الدولة القمعية البوليسية الأمنية وما زال الرجل حقيقة يمارس دوره حتى هذه الحظة ولكن من وراء حجاب.
فها هو السيد رئيس تحرير الأهرام يكتب مطالبا القوات المسلحة بالتدخل لإنقاذ البلاد والعباد وكأن القوات المسلحة غير حاضرة فى المشهد ولم تقم بانقلاب عسكرى دموى مفضوح على أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ مصر بعد عام واحد من انتخابه، فيحاول إلقاء تبعة تردى وانهيار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكافة الأرصدة الأخرى على حكومة الانقلاب والأحزاب السياسية الورقية ولجنة الدستور الباطلة والتى يعلم سعادته كما نعلم جميعا أن قادة الانقلاب العسكرى يحركونهم جميعا مثل عرائس الماريونيت.
فيمهد سيادته من خلال ما أملى عليه من الأجهزة الأمنية لانقلاب جديد فيطالب بدعم الأجهزة الأمنية إلى أقصى حد، ويطالب القوات المسلحة بأن يكون لها دور فاعل على كافة الأصعدة.. وكأن قتل أكثر من 7 آلاف نفس فى مذابح لم ترد فى التاريخ المصرى وإصابة أكثر من 20 ألفًا واعتقال ما يزيد على 30 ألفًا من الشرفاء لم يشبع نهم رئيس تحرير الأهرام وأسياده من قادة الانقلاب الدموى الغاشم وأجهزتهم الأمنية وفى السياق ذاته يعترف سيادته باتساع المظاهرات وخطورتها والتى حاول هو وأسياده مرارا وتكرارا التقليل من شأنها وأهميتها لكنها أصبحت واقعا عمليا يتسع كل ساعة ليقض مضاجع الانقلابيين وداعميهم فى الداخل والخارج ومن خلال ما يكتبه رئيس تحرير الأهرام تستطيع توقع الآتى:
أولا: قادة الانقلاب العسكرى فى حالة من الارتباك والهلع وفقدان السيطرة تجعلهم يلجئون إلى استنفار كلى لطاقتهم الأمنية لقمع الثورة الشعبية.
ثانيا: فى ظل هذه الثورة العارمة والسلمية التامة الكاملة التى ينتهجها هذا الشعب المؤيد للشرعية فى مواجهة القتل والبطش أصبح الانقلابيون فى ورطة لعدم استجابة الجماهير للعنف المضاد الذى يريدونه (والتاريخ خير شاهد على ذلك) ستلجأ العقلية الأمنية العتيقة للدولة الكئيبة إلى تدبير عدد من الاغتيالات لشخصيات أمنية وسياسة ودينية من المحسوبين على الانقلاب (مقتل لواء كرداسة- ضابط أمن الدولة) كمثال يراد به إيهام الناس بأن هناك إرهابا يهدد كيان الدولة وبذلك يجرى تدبير كل الإجراءات الاستثنائية مثلما حدث قبل ذلك فى حادثة كنيسة القديسين والوراق ورفح وغيرها.
ثالثا: قادة الانقلاب يخططون للتخلص من حكومة الببلاوى ومعها وزير الداخلية بتوجيه اتهامات لهم بأنهم هم المسئولون عما حدث فى رابعة والنهضة وغيرهما من أجل التنصل من المسئولين وتبييض صفحتهم.
رابعا: ربما ينصب قائد الانقلاب نفسه رئيسا للجمهورية لفترة محددة ليحمى نفسه ويسيطر على كل الأمور وربما أيضًا بشكل حكومة من العسكرية للسيطرة على مقدرات البلاد والتنكيل بالعبادات.
خامسا: إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال وإصدار قانون التظاهر سيئ السمعة وربما تكون هناك أحكام عسكرية قاسية كالإعدام والمؤبد على المساجين.
بعد هذه الإجراءات تأتى مرحلة الإخراج السينمائى لهذا الفيلم؛ حيث سيحشد قائد الانقلاب عددا كبيرا من المسيحيين من خلال الكنيسة فى ميدان التحرير مع حشد عدد كبير من جنود الجيش والشرطة فى الميدان أيضا كما حدث فى فيلم 30 يونيو لمدة ساعتين ويتم بث هذه اللقطة للعالم على أن قائد الانقلاب أصبح مطلبا شعبيا وجماهيريا ولكن هذا الفيلم لم يعد ينطلى على أحد وسيفشل بحول الله وقوته.
رغم كل ذلك ستبقى السلمية هى الحل دون شىء غيرها، ولن يستدرج الشعب إلى العنف والحرب الأهلية كما يخطط الانقلابيون وداعميهم، ولو اتخذت هذه الإجراءات سيكون هذا المسمار الآخر فى نعش الانقلاب الدموى لأنه ليس لديه ما يفعله بعد ذلك وسينتصر هذا الشعب بحول الله وقوته وسلميته الكاملة وإصراره وإرادته القوية الحرة وستعود الشرعية وينكسر الانقلاب.
وغدا لناظره قريب.
_____________________
إعلامى مصرى معتقل فى سجون الانقلاب