الفتيات: قوات الأمن ركعتنا فى الشارع.. وهتيجوا بالذوق ولا تتضربوا بالنار تعرضنا لحرب نفسية فى مديرية الأمن.. وسجن دمنهور صدمة تعلو وجهوهن الابتسامة المشرقة ويتميز حديثهن بالصبر والصمود بالرغم ما تعرضوا له من صعوبات ومشقات قد لا يتحملها سوى الرجال الأشداء فقط، ولا يوجد على شفاههن سوى كلمة "مكملين"، و"دولة الظلم ساعة ودولة الحق ليوم القيامة"، كما تتخذ كل منهن طريقًا ليس ممهدًا بالورود بقدر ماهو مليء بالأشواك والصعاب، وصولًا للحرية المبتغاه والنصر المتمثل في الشرعية، إنهن 21 فتاة من "فتيات الإسكندرية". "المصريون" التقت مع فتيات الإسكندرية بمركز الشهاب لحقوق الإنسان برئاسة خلف بيومي، المحامي المحتجز في سجن برج العرب، وهن "سونيا عبده، سارة عبد القادر، روضة شلبي، سمية رجب، مها محمد مصطفى، جهاد موافي، فاطمة الزهراء، يمنى أنس، مودة محسن، آية طارق، آية كمال،عائشة عبد الله، سلوى محمد، سمية بشر، إسراء جمال، منى ماهر البلتاجي، علا علاء الدين، ألاء أسامة العراقي"، لتحكي كل واحدة منهن قصتها مع رفيقات الزنزانة. قوات الأمن تركع الفتيات فى الشارع لحظة القبض ترويها سونيا عبده، ربة منزل، قائلة: "أكثر شيء هزني نفسيًا هو تركيع الفتيات في الشارع من جانب قوات الأمن سواء من الشرطة أو الجيش، من أجل توصيل رسالة معينة لتخويف الفتيات وإرهابهن، ولكن تحولت الفتيات لرجال لا يعرفن سوى الصبر والجلد وتحمل المشاق الصعبة أكثر من الرجال أنفسهم". وأوضحت أن الفتيات مازلن يخرجن للتظاهر والدفاع عن حرية الرأي، وكانت دعوتنا داخل السجن أن كل شخص يفوق وينظر لحال البلد ويعرف الحق من الباطل، ونحمد الله سبحانه وتعالى على كل شيء سواء بـ11عامًا وشهر، أو بالحكم سنة واحدة ولكن لن نترك حقنا حتى تثبت براءتنا لأننا لم نفعل شيئًا وتظاهرنا بسلمية ولم نستخدم سلاحًا". وتابعت: زوجي ترك عمله بالرغم من أنه يعمل خارج مصر، وأصبحت الآن ربة المنزل لإني لا أعلم إذا كنت سأعود مرة أخرى لعملي أم لا". الشرعية هى القضية "الشرعية هى قضيتي وسأعيش بها حتى لحظة وفاتي" بهذه الجملة بدأت سارة عبد القادر أحمد، 18 سنة، إعدادي ديكور فنون جميلة بجامعة الإسكندرية. وأكدت أن الشرطة والجيش هرولوا خلفنا في شارع سوريا ورأيت نحو 7 رجال ورفعوا في وجهنا البنادق والأسلحة وأحدهم صوب البندقية في ظهري، وحاولوا الإمساك بي ومعي صديقتي التي أمسك بها أحدهم من الحجاب على رأسها حتى لا نفلت من أيديهم". وأضافت أن رحلتهم في مديرية أمن الإسكندرية كانت سخرية واستهزاءً، حيث ظننا في أول يوم بداخلها أننا سنخرج، وعندما نقول لهم "أنتم حتخرجونا" يسخرون منّا، حتى تم اقتيادنا في سيارة الترحيلات وصولًا إلى سجن دمنهور، وحينها وضعت في أيدينا "الكلابشات" وهي لحظة مهينة للغاية. وأشارت إلى أن المعاملة في سجن دمنهور كانت حسنة إلى حد ما، فهو سجن في النهاية، والزنزانة التي كنا نمكث بداخلها عبارة عن 4 جدران تمر علينا 23 ساعة مع الجنائيات، ونخرج لمدة ساعة في شيء يسمى "سطوح" وهو ليس مكانًا مفتوحًا وهو عبارة عن قفص وأسلاك، وليس لدينا سوى القناة الأولى والثانية التي عرفنا من خلالها بخبر 11 عامًا، وما جاء من كذب وافتراء بأننا فتيات إرهابيات". سجن دمنهور صدمة وتستعرض روضة شلبي ،22 سنة، خريجة كلية الهندسة قسم هندسة نووية، لحظة ترحيلهن لسجن دمنهور: "السجن صدمة وحاولوا أن يرعبونا في بداية دخولنا لكن سرعان ما تغير الأمر، ونوعًا ما تعاملت معنا إدارة السجن بشكل جيد لإننا لسنا جنائيات أو تاجرات مخدرات وإنما عبرنا عن رأينا بسلمية ولم نحمل في أيدينا سلاحًا". شهود القضية وقالت سمية رجب 18 سنة، أولى علوم،: "إنه تم تزوير أقوال شهود القضية حيث إننا لم نحدث هدمًا لعقار رجال الأعمال بشارع سوريا بمنطقة سيدي جابر، ولم نحطم واجهة العقار بالطوب، وما حدث عبارة عن خدوش فقط للزجاج في أبواب العقار". وأوضحت أن لحظة القبض قال أحد رجال الشرطة لنا أنتم مش محترمين لإنكم بتنزلوا مظاهرات، لكننا واجهنا الموقف بصرامة وردينا كرامتنا لإننا عبرنا عن رأينا بسلمية وباحترام أيضًا". وأضافت أن أكثر شيء أحزنني كثيرًا هو لحظة التصوير داخل السجن وكأننا مجرمون وحملنا للأرقام مثل الجنائيين، وكل يوم أستيقظ من النوم وأندهش مما نحن فيه لأن السجن سيبقى سجنًا فهي ضريبة الحق، ومكملين في طريقنا بسلمية". الحرب النفسية تروي مها محمد مصطفى، أولى كلية علوم شعبة بيولوجي لحظة القبض عليها، حيث تقول كنت متوجهه للكلية، ولم أشارك في المسيرة، وبالرغم من ذلك تم القبض عليّ وتعاملت معنا الشرطة بشكل مهين للغاية وصوبوا في وجوهنا السلاح". وتابعت أن ما حدث معنا في مديرية الأمن قبل الوصول إلى السجن ماهو إلا حرب نفسية، والتأكيد مابين الحين والآخر بأننا سنخرج في كل وقت ولن نمكث في السجن"، مضيفة: أملى الوحيد في امتحانات نصف العام والنجاح واستكمال طريق النصر، خاصة بعد ضياع امتحانات الميد تيرم وكثير من المحاضرات، ولكننا لن نستسلم لليأس. دكتورة أمل بغاغو كما عرفها فتيات الإسكندرية دكتورة أمل عبد العزيز بغاغو وهي أم لـ6 أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 8 سنوات، توفي زوجها منذ عامين وترعي أطفالها الصغار ووالدتها المسنة، تم القبض عليها بتهمة حوزة شارة رابعة داخل سياراتها، بعد أن استوقفها أحد الضباط، وقام بتفتيش سيارتها بالكامل، وتمكث الآن في سجن دمنهور. "بغاغو" كانت ولا تزال شارة الأمل للفتيات وحثتهم على الصبر ومواجهة المحن، والصمود في أحلك لحظات الظلام والظلم أيضًا داخل أسوار السجون، مطالبين ببراءتها وخروجها مرة أخرى بعد أن حبست ظلمًا، وتمنوا لو كانت قد خرجت معهن أو ظلوا بداخل السجن حتى لا يتركوها. المرأة خط أحمر "لا يحق لأي رجل الاعتداء على المرأة بأي كلمة أو باللمس" بهذه الجملة بدأت جهاد موافي طالبة بالفرقة الأولي بقسم علم نفس بكلية الآداب، مؤكدة أن الفتيات تعاملن بإهانة وقسوة من جانب رجال الشرطة والجيش. واستطردت قائلة: "رجال الداخلية لحظة القبض لم يقولوا سوى كلمة "حتيجوا بالذوق ولا تتضربوا بالنار"، وفي نهاية الأمر ذهبنا للبوكس ولم نستطع مكالمة أحد من ذوينا". وأشارت إلى أن الاختبارات الشفهية انتهى وقتها بالنسبة لقسم علم النفس، وكذلك ضياع الكثير من الأبحاث، إلا أن الأمل في امتحانات منتصف العام. أما آية طارق 18 سنة بالفرقة إعدادى كلية صيدلة، قالت: "رجال الأمن كانوا يقفذون من السيارات البوكس قبل وقوفها، حتى يلحقوا بنا ويقبضوا علينا". وعن فترة التحقيق فى النيابة: "تم حجزنا في غرفة مظلمة وبها ماس كهربائي ولا يوجد أي شيء للجلوس، كما أن وكيل النيابة أمرني بخلع النقاب للتحقيق معي. نجلة شقيق البلتاجي مني ماهر البلتاجي، 18 سنة، أولى كلية علوم، تقول: "أكثر شيء مهين هو الضرب من رجال الشرطة على الظهر للفتيات لنستقل سيارة الشرطة بالقوة لحظة القبض علينا". وأشارت إلى أنه عندما ذهبنا لسجن دمنهور تم تفتيشنا ذاتيًا بشكل أكثر إهانة لأبعد الحدود، وكنا نضطر أن نأكل "فول نابت في الصباح وكشري وعدس في الغذاء، ويكون في جرادل"، حتى دورات المياه غير آدمية بالمرة والمياه مقطوعة دائمًا وكذلك غرف الحجز والزنزانة ضيقة جدًا". سجن الأحداث والتدمير النفسي والمعنوي لصغار السن تقول فاطمة الزهراء 16 سنة، أولى ثانوي، كانت لحظات صعبة لأني كنت بعيدة عن والدتي وأسرتي، خاصة أن تربيتي لا تسمح بالمبيت خارج المنزل، وإذا كان سجننا الدافع وراءه أن يستيقظ الشعب على كلمة وصوت الحق، فلا مانع من ذلك وسندافع عن قضيتنا مهما كان الثمن". وأكدت أن أصعب شيء في السجن هي الحرب النفسية لتدميرنا نفسيًا ومعنويًا، ولم نستطع رؤية أهلنا، فهم وراء حديد وأسوار ونحن كذلك، ولم نستطع حتى أن نشاور لهم من بعيد وإن فعلنا ذلك تنهرنا مشرفات السجن بأبشع الشتائم". أشد لحظات القسوة وشاطرتها الرأي يمني أنس 15 سنة، بالصف الأول الثانوي، بمدرسة عائشة عبد الرحمن، أن أصعب لحظات حياتي هي لحظة الفراق بين الفتيات في سجن دمنهور وسجن الأحداث، غير لحظات العذاب بسبب عدم تمكنا من رؤية أسرنا وسماعنا لألفاظ نابية لا نستطيع أن نتفوه بها، حتى إدارة المدرسة فصلتنا، ولكننا تقدمنا بعدة طلبات حتى نعود مرة أخرى للمدرسة قبل حلول امتحانات منتصف العام". وأوضحت أن دخول دورة المياه كان بمنتهي الصعوبة، حيث تغلق الساعة 8 ونصف مساءً، وإذا أرادت إحدانا قضاء حاجتها لا تستطيع لأن دورة المياه مغلقة". نزيلات الأحداث تحتفل بالفتيات بالسب والقذف أكدت مودة محسن 15 سنة، أنه تم القبض علينا بجوار الديب مول بمنطقة رشدي وأرهقنا من كثرة الجري من الشرطة، مثل باقي الفتيات تعامل معنا رجال الشرطة بالعنف والضرب أحيانًا أثناء ركوبنا سيارة الشرطة "بوكس". أما جنائيات سجن الأحداث تعاملن معنا بالشتيمة صباحًا ومساءً وكأنها "حفلة" ولم نتفوه بكلمة واحدة، واتخذن من الصبر سلاحًا أمام الجنائيات المتهمات بالسرقة والقتل وتجارة المخدرات والآداب أيضًا. صغار الفتيات أسرى حرب وأضافت آية كمال الدين، بالصف الثالث الثانوي، أن لحظة القبض علينا في الشوارع الجانبية، أوقفنا رجال الشرطة مثل أسري الحرب، وذهبنا لمديرية الأمن بسموحة ثم سجن الأحداث بدمنهور وما به من إهمال وقسوة وانعدام للإنسانية. الأم ونجلتها داخل السجن أكدت سلوى محمد، والدة روضة رمضان، أننا كنا نسير في الشارع بشكل عادي ولم نكن في المسيرة، وابنتي خافت بعد توافد رجال الشرطة في المنطقة للقبض على الفتيات المشاركات في المسيرة، ورفضنا الجري حتى لا يعتقد رجال الشرطة أني مشاركة في المسيرة ومعي نجلتي، ولكنهم قبضوا على عدد كبير في الشارع وركبونا البوكس بالقوة". وأشارت إلى فترة وجودهم في مديرية الأمن: "كنت على يقين أننا سنخرج من مديرية الأمن وقت الحادث، ولكن تم فصلنا عن الفتيات الصغار، ثم أخذوا أسماءنا ووجدت 7 تهم جاهزة لي ولنجلتي الصغيرة والصدمة عندما فصلنا فوق وتحت سن 18 وذهبنا للسجن وبعدت عن نجلتي". رئيس هيئة الدفاع عن الفتيات من جانبه، أوضح أحمد الحمراوي، رئيس هيئة الدفاع عن "فتيات 7 الصبح"، أن الحكم بالحبس عام مع إيقاف التنفيذ هو سيف مسلط على رقاب الفتيات إذا تظاهرن مرة أخرى أو كان هناك تعمد في تلفيق تهم لهن وهو بمثابة إرهاب لهن، ولكن في حالات كثيرة لا يطبق القانون في تنفيذ عقوبات إيقاف التنفيذ، مشيرًا إلى أنهن بانتظار أسباب الحكم الجديد حتى يستطعن تقديم النقض للحصول على البراءة. وأضاف أنه يثق في براءة الفتيات فهن لم يعبرن إلا عن رأيهن بشكل سلمي وحضاري، وأن كل فتاة تم فصلها من مدرستها أو الكلية ستعود بالقانون ولن يتأخر هذا كثيرًا . ونفي الحمراوي نفيًا قاطعًا عودته لجماعة الإخوان مرة أخرى منذ خروجه منها لخلافه معهم، مؤكدًا أنه يؤدي عمله وسيدافع عن أي صاحب رأي وقضيته لأن عمله مقدس ومن يستغيث به سيغيثه، وأنه سيقوم بالدفاع عن حسن مصطفي وماهينور المصري وكل صاحب رأي وقضية يري صحته من وجهه نظره لأجل مصر . ملابسات الحادث والزخم الإعلامي للقضية كان قد ألقي القبض على فتيات الإسكندرية بشارع سوريا بمنطقة سيدي جابر ضمن فعاليات حركة" 7 الصبح"، احتجاجًا على ما وصفته بـ"الانقلاب العسكري"، وللمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من زملائهن. ووجهت للفتيات عدة تهم من بينها قطع طريق الكورنيش وإتلاف واجهات المحلات والعقارات، وإثارة الذعر في نفوس المواطنين، والانتماء لجماعة إرهابية. وأثارت قضية الفتيات زخمًا إعلاميًا ضخمًا خاصة بعد صدور حكم بـ11 سنة وشهر بمحكمة جنايات الإسكندرية برئاسة المستشار أحمد عبد النبي، والذي تظاهر عدد من عناصر جماعة الإخوان أسفل منزله. وتردد عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" أن المستشار أحمد عبد النبي، هو نجل للقاضي الذي أصدر حكمًا على المتهم صبري حلمي نخنوخ بالسجن لمدة 28 سنة، إلا أن المستشار محمد عبد النبي نفي تمامًا صلته بالقاضي الذي أصدر حكمًا على الفتيات بالسجن، بأنه نجله أو يمت له بصلة قرابة وإنما والده توفي منذ سنوات وكان يتمتع بسمعة طيبة، ويعرف عن القاضي الذي أصدر الحكم دماثة وحسن الخلق والالتزام بالقانون. وعقب الحكم بدأت تظاهرات حاشدة للطلبة والطالبات بجامعة الإسكندرية وإضراب عن الدراسة والامتحانات، واشتباكات مع قوات الأمن بالمجمع النظري، والقبض على عشرات الطلاب المحتجين، وإطلاق الأمن للقنابل المسيلة للدموع داخل المجمع. ثم قدمت هيئة الدفاع عن فتيات الإسكندرية برئاسة أحمد الحمراوي يشاركه المحامي حسني دويدار والمحامي يسري سامي، وعدد كبير من المحامين بمركز الشهاب لحقوق الإنسان، استئناف أمام محكمة جنح سيدي جابر،برئاسة المستشار شريف حافظ، لتخفيف الحكم عن الفتيات الذي أصدر حكمًا بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، وبراءة للفتيات من التهمة الثانية وهي إتلاف الممتلكات العامة والخاصة. وقوبل الحكم بحالة من الارتياح لخروج الفتيات بعد قضاء 38 يومًا داخل أسوار إلا أن هيئة الدفاع أكدت تقديم طعن أمام القضاء، لإثبات براءة الفتيات من التهم المنسوبة إليهن في التهمة الأولى والثالثة والرابعة. وأهم ما تميزت به الفتيات طوال فترة ظهورهن في قفص الاتهام أمام هيئة المحكمة هي الابتسامة وحمل الورود الحمراء داخل القفص، مما دفع الكثيرين لإطلاق عليهن لقب"أميرات الإسكندرية".