انتشرت طوال يوم الخميس 3 يوليو أخبار عن انفجارات محدودة في مناطق متعددة.. منها مرافق شرطية و أحدها مرفق للشرطة العسكرية.. و هذا قد يكون طبيعيا إذ أنه تحت تصنيف العنف الموجه للانتقام من النظام في ذكرى انقلاب 3 يوليو.. أي أنه «دفاع عن النفس». أما غير الطبيعي أو بالأصح ما يثير الريبة فهو أخبار العثور على قنابل أو انفجارها في مناطق مأهولة مزدحمة لا تخص الشرطة أو الجيش.. وكان أكثرها في الإسكندرية..
فقد تم العثور على قنابل محدودة التأثير لكنها ذات مؤقتات رقمية في نفق للمشاة على كورنيش البحر في منطقة «جليم» و هي شديدة الازدحام بالمصطافين. و كذلك تم العثور على قنبلة من نفس النوع على محطة ترام «سان ستيفانو» و هي تقع خلف مبنى «جراند بلازا» الشهير على الكورنيش؛ و هذه منطقة مزدحمة بالمتسوقين و المتسكعين كذلك.. و في تطور نوعي حدث انفجار لقنبلة أخرى في «قطار أبو قير» و هو مواصلة داخلية حيوية بمدينة الإسكندرية تنطلق من حي «وسط» لتخترق أحياء «الرمل» و «المنتزة» حتى نهاية الإسكندرية شرقا.. و كذلك انفجرت قنابل أخرة بأحد المولات التجارية بمنطقة «العجمي» بحي «غرب» الإسكندرية و هذه المولات تزدحم بالمصطافين ليلا! فضلا عن قيام قوات مكافحة المتفجرات صباحا بتفجير قنابل ضعيفة التأثير بطريقة مسرحية استعراضية أمام الجمهور؛ كان قد تم الإبلاغ عن وجودها بشارع «البيطاش» و هو غير بعيد عن موقع المول الذي انفجرت به القنابل ليلا.. و يكون هذا الشارع مزدحما نهارا فهو أحد الشوارع الحيوية الرئيسية بمنطقة «غرب» الإسكندرية..
و كل هذه القنابل لا يصح عقلا أبدا نسبتها إلى الحراك الثوري بأي حال من الأحوال؟! أولا لأن أماكن زراعة هذه المتفجرات في مفاصل حيوية لانتقال الشباب المتظاهر بين المناطق، و منها ما هو منطقة تمركز التظاهرات ذاتها! فكيف يفجر المتظاهرون أنفسهم؟! ثانية أن هذه المتفجرات موجهة لعامة الناس في مناطق ازدحامهم! و الحراك الثوري يستهدف «الشرطة» و «الجيش» و ليس عامة الناس الذين قام الحراك بالأساس ليحررهم من بطش «حكومة الانقلاب» و يفتح البلاد لمصلحة العباد من جديد؟!
و من هنا نخلُص إلى أن هذه القنابل غير الموجهة لحكومة الانقلاب إنما هي من صناعة «حكومة الانقلاب» ذاتها. فهي صاحبة المصلحة الوحيدة.. و لقد صنعت المخابرات هذ القنابل و وزعتها وفق خطة مدروسة كالعادة لعدة أهداف منها: تشويه صورة الحراك لدى جمهور غير المشاركين فيه من مؤيد و معارض، و نشر الذعر بين من لم يحسموا أمرهم بعد و يفكرون في النزول أثناء تظاهرات الجمعة، تهديد المتظاهرين أنفسهم بتفجيرهم و نسف حشودهم، إشعار جمهور مؤيدي الانقلاب بالأمان عن طريق الاكتشاف التمثيلي المبكر لهذه القنابل و الظهور بمظهر حامي حمى الشعب من إرهاب الإخوان المزعوم، و أخيرا إيجاد الذريعة القانونية لتلفيق المزيد من القضايا لمزيد من المعتقلين منذ تفجر انتفاضة 3 يوليو.. كما كانت تفجيرات الاتحادية ذريعة لتلفيق التهم لقيادات التحالف المقبوض عليهم في الأيام الأخيرة.
و ازدياد ظاهرة القنابل المخابراتية تلك في الإسكندرية؛ بل ربما انحصار هذه الظاهرة فيها إنما هو انتقام من سخونة الحراك بهذه المحافظة الساحلية التي شهدت بوضوح بعض أكبر تظاهرات مناهضة للانقلاب طوال عام العسف و القمع الرهيب. خاصة و أن القنابل تضرب في مناطق ساخنة كما بينت.
إن هذه القنابل ليست قنابلنا؛ بل هي قنابل الانقلاب و صناعته لترويع الآمنين و حفظ أمن الطاغوت.. إنها تكرار ممل لطريقة قديمة قدم جلاء اليهود المصريين! إنها «فضيحة لافون» يصنعها أولياء الصهيونية الذين هم في «الجيش» و «الشرطة» و «الحكومة» من جديد. و مهمة كل الثائرين حيالها هي ضبط النفس و استمرار الحراك.. مكملين.