/>

"الإمارات" تختطف مصريين وتقودهم إلى أماكن مجهولة.. و القنصلية المصرية فى ثبات






زوجة مصرية :السلطات الإماراتية تختطف المصريين وتذهب بهم لمصير غير معلوم.
- لا أعلم شيئا عن زوجى منذ ستة أشهر وهناك حالات أخرى غيره
- السفارة المصرية تتعامل مع ذوى المختطفين ببرود شديد وتحقق معهم بدلا من أن تقدم لهم المشورة
- تقدمنا ببلاغات للقنصلية والنائب العام والمنظمات الحقوقية ولم تأتِنا أية ردود
يبدو أنه ومع استمرار حالة الانقلاب فى مصر سنظل نسمع عن العديد من الجرائم غير المتوقعة، فبخلاف القتل والقنص والتجويع والإفساد، ظهرت لنا الآن شكوى من نوع جديد وهو تآمر على اختطاف المصريين في الخارج، وبالتحديد في دولة الإمارات الداعمة للانقلاب.
في حديث خاص لـ"الحرية والعدالة" قالت إحدى المصريات إن زوجها تم اختطافه أمام أعينها من قبل السلطات الإماراتية في حين أنها لا تعلم عنه أى شئ منذ ستة أشهر كاملة، كذلك وأثناء توجهها للسفارة المصرية هناك وجدت عددا من الحالات الأخرى يبلغون أيضا عن اختطاف ذويهم.. ويبدو من الضعف الشديد لتناول الأمر داخل السفارة ومن ثم هنا أيضا فى أروقة الجهات الرسمية أنه هناك شيئا ما غير واضح يتم تدبيره فى الخفاء، وهو أمر لا يبدو أنه خافيا على السلطات الانقلابية في مصر، إن لم يكن بدعم مباشر منها.
وهذا نص الحوار:
• بداية نريد التعرف عن قرب عليك وعلى زوجك المفقود؟
- إيمان عبد الرحيم محمد، دكتورة صيدلانية ولكنى الآن في إجازة رعاية طفل دون راتب، زوجى هو أحمد مسعد المعداوى محمد، ليسانس لغات وترجمة قسم دراسات إسلامية باللغة الفرنسية بجامعة الأزهر، مواليد 1 سبتمبر 1984، وكان يعمل في إحدى الفترات موظفا بكلية التجارة جامعة المنصورة، أما قبيل اختفائه فكان يعمل بعمل تجارى خاص به. لدينا طفلة واحدة هى "لوجين" تبلغ الآن عاما وأربعة أشهر.
• ما علاقتكم بدولة الإمارات؟
- والدى يعمل في الإمارات وبالتحديد في "أبو ظبى" منذ أعوام طويلة كمهندس كهربائى في إحدى شركات الحكومة "ترانسكو" والتى تم فقط مؤخرا خصخصتها، وكذلك كانت والدتى تعمل معلمة، وأنا وأشقائى تربينا هناك، وكل من كان منا يحصل على الثانوية العامة كان يعود للالتحاق بالجامعة في مصر، ولذا فقد تربيت في الإمارات منذ 1993، وحتى 2003، حيث حصلت على الثانوية العامة، ومن ثم عدت إلى القاهرة للالتحاق بالجامعة، ولكن أكثر الإجازات نذهب لقضائها مع الوالد والوالدة هناك، وحتى بعد زواجى كانت لى إقامة سارية حتى يوليو 2013، أى قبل المرة الأخيرة التى سافرت فيها مع زوجى بأربعة أشهر.
• ومتى بدأت الأزمة؟
- منذ أن تزوجت وأنا أسكن في بيت عائلة زوجى في مدينة المنصورة، وفي نهاية العام الماضى جاء موعد زيارتنا لأهلى في الإمارات، وكان سفرى نظرا لانتهاء أوراق إقامتى هناك- بـ"تأشيرة" زيارة أرسلها لى الوالد لى أنا وابنتى مدتها ثلاثة أشهر، في حين سافر معى زوجى بـ"تأشيرة" سياحة مدتها شهر واحد، كان هذا في 16 نوفمبر 2013، وبعد انتهاء الشهر أى مدة زيارته، قام بالتجديد مرة أخرى من هناك ولمدة شهر أيضا، وفي تلك المدة تمكن من التعرف على كفيل مناسب؛ ما يعنى إمكانية حصوله على إقامة ومن ثم فرصة عمل، ولكن تغيير "التأشيرة" من زيارة لإقامة كان يحتاج منه مغادرة البلاد أولا حتى تتم الإجراءات النهائية لأوراق الإقامة والكفيل وما شابه. وهذا يعنى أن أوراق زياراته كانت تنتهي في 16 يناير 2014، في حين أنه توجه إلى المطار للمغادرة بتاريخ 13 يناير 2014 وبالتحديد في الواحدة والنصف صباحا أى قبل ثلاثة أيام من انتهاء المدة.
• وماذا حدث في المطار؟
- اتجه زوجى إلى المطار، وقد كنت في وداعه ومعى ابنتى ووالدى، وهناك رأيناه أنهى إجراءات الوزن وذهب للمكان المخصص للحصول على ختم الجوازات، ولكننا فوجئنا به يعود إلينا مرة أخرى ويقول إنهم أخبروه أن عليه اشتباها، ويجب عليه الذهاب لمراجعة وضعه في قسم البيانات، ذهبنا إلى هناك فتأكدوا أنه مجرد تشابه في الأسماء، وأنه لا توجد على زوجى أية ملاحظات، ومن ثم ذهب ليتمم إجراءات ختم جواز السفر وأشار لنا من الداخل أن كل شيء على ما يرام، فاتصل به والدى ليسأله إذا كان حصل على ختم الجوازات أم لا، فأجاب زوجى أنهم لم يختموه له بعد، وقد كان يظن أن هنا مكانا آخر لتلك الإجراءات، وفي هذا التوقيت انتهى الرصيد من تليفون الوالد وانقطع الاتصال، وما أن جددنا الاتصال بعد ما يقرب من خمس إلى عشر دقائق، إلا أن زوجى لم يجب، ظللنا نتصل مدة طويلة جدا بلا إجابة، ذهبنا لنسأل في إدارة المطار، فقالوا لنا إنه غادر البلاد، عدنا إلى المنزل، ونحن نكرر محاولات الاتصال وهاتفه يعطى رنينا ولا أحد يجيب، وهو ما أثار الريبة فلو أنه كان بالطائرة كان لا بد للهاتف ألا يعطى رنينا على الإطلاق. وقد ظل الهاتف يعطى رنينا ولا أحد يجيب حتى عصر اليوم الثانى، ولذا فقد عدنا إلى المطار في اليوم الثانى وسألنا من جديد ففوجئنا بهم يدّعون أنه هارب داخل البلاد، وأنه لم يأتِ إلى المطار من الأساس! رغم أننا رأيناه بأعيننا وهو في إطار نطاق الجوازات بالمطار، وهو مكان لا يستطيع من يدخله أن يخرج لأنه على حدود المغادرة النهائية للبلاد.
• وماذا عن أهله هنا فى مصر؟
- أهله بالمنصورة والده ووالدته، وشقيق وشقيقتين، والجميع لم يره ولا يعرف عنه أي شيء.
• وماذا حدث بعد أن ادعى المطار عدم وجوده؟
- قالوا لنا نذهب لمراجعة القيادة العامة للشرطة، فذهبنا إلى هناك وبعد مماطلات عديدة، أخبرونا أن نذهب إلى أقرب قسم شرطة للنظر فى القوائم، وبالفعل وجدناه على قوائم الممنوعين من السفر، ولم تفلح أسئلتنا حول سبب هذا المنع، أو على الأقل لو أنه ممنوع من السفر فأين هو ولماذا تخفوه؟! ولكن لم يجب أحد.
في مغرب اليوم الثانى وجدنا طرْقا على الباب وإذا بزوجى ومع عدد من الأفراد لا أعرف إذا كانوا شرطة أو نوع ما من الأمن لأنهم كانوا بزى مدنى وبلا أية هويات دالة، وكانت معهم سيدة أمن أيضا، ولأن العادات هناك ألا تختلط النساء بالرجال، فقد احتجزونى-عن طريق سيدة الأمن- في غرفة ولم أتمكن من رؤية زوجى، فى حين أن أفراد الأمن هؤلاء أخذوا في تفتيش البيت بدقة وأخذوا يسألون عن كتب تخصه في حين أنه لم يكن له شيء يذكر في المنزل لأننا مجرد ضيوف في منزل والدى، ولذا فقد أخذوا جهاز اللاب توب الخاص بزوجى ومعه جهاز الكومبيوتر الخاص بوالدى، في حين ادعوا أن الأمر بعض الإجراءات وسيعود زوجى بعدها، ثم أخذوه معهم ثانية وانصرفوا ومنذ حينها لا أعلم عنه أى شيء، ولا تجيبنى أية جهة عندما أسأل عنه.
• وما أول مكان توجهتم إليه بعد ذلك؟
- ظننت حينها أنى كمواطنة مصرية من الممكن أن أجد الملاذ في سفارة بلادى، وبالفعل توجهت إلى السفارة المصرية، وهناك لا بد أن يحكى الشاكى قضيته كاملة لدى أمن السفارة الخارجى، حتى يحدد هو –أى الأمن- مع من نتحدث أو ربما جزم بأن القضية لا تحتاج إلى العرض على السفارة ويُنهي هو اللقاء، وبعد أن انتهيت من عرض قضيتى جاءنى شخص يدعى "عبد الناصر" ولا أعرف ماذا يعمل لأنه لم يعرفنى بنفسه ولم يذكر أكثر من اسمه كذلك فقد قابلنى في صالة الانتظار الخارجية الأرضية وليس في مكتب مثلا، وقد جلست أمام هذا الشخص كمتهمة تدلى باعترافات وليس كمواطنة تبحث عن زوجها، جاءنى هذا الشعور نظرا لسؤاله لى وكأنى أو زوجى محل ريبة أو اتهام، ثم أخذ يستقصى عن كل شيء كمحقق نيابة وليس كشخص في السفارة المطلوب منه مساعدتى. وانتهت المقابلة بكلمات ووعود واهية، بعد تلك المقابلة بأسبوع اتصلت بى السفارة مرة أخرى لأذهب إليها، وفي تلك المرة أيضا وجدت تحقيقا مشابها لسابقه ولكن مع شخص آخر، عرفونى به على أنه القنصل "محمد قنديل"، وبعدها كانت السفارة من وقت لآخر تتصل بى لتسأل هى إذا كان أحد ما اتصل بى أم لا، فأجيبهم أنه من المفترض أن أسأل أنا هذا السؤال..!!
• وهل اتخذتِ أية اجراءات لدى جهات أخرى؟
- تقدم شقيق زوجى من هنا في مصر بشكوى للمنظمة العربية لحقوق الإنسان برقم 1079، وهناك أخبروه أنهم لن يستطيعوا أن يحركوا الشكوى إلا بعد أن أغادر أنا الأراضى الإماراتية وأعود إلى مصر، وبالفعل غادرت الإمارات بتاريخ 9 فبراير 2014، ومنذ ذلك الحين ولا يوجد أى جديد فقط اتصلت بى السفارة مرة واحدة أخرى تسألنى أيضا عن الجديد لدى، ولم يكن عندى ما أقوله. توجهنا أيضا بسلسلة من الشكاوى في جهات عديدة من بينها شكوى للنائب العام برقم 1303لسنة 2014 عرائض، وأخرى في القنصلية المصرية برقم 68/50، المجلس القومي لحقوق الإنسان برقم 226، مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية 1092، وأيضا شكوى فى الموقع الرسمى لوزارة الخارجية الإماراتية برقم 978/ 54، بخلاف بعض الشكاوي فى منظمات حقوقية أخرى مثل الكرامة، ومع كل هذا لم نسمع أي خبر أو حتى إشارة لما يمكن أن يكون قد حدث لزوجى.
رحلة الحيرة
• هل شارك زوجك في اعتصامات مؤيدى الشرعية في رابعة والنهضة قبل سفركم؟
- أولا نحن نسكن في مدينة المنصورة ولا زوجى ولا أى من عائلته أو عائلتى لهم أى نشاط سياسى، ولم نشارك في أية فعاليات أو اعتصامات أو حتى مسيرات، فقط كل ما هنالك أن زوجى يعبر عن رأيه ورفضه للظلم ولكن فقط عن طريق صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، وما عدا ذلك فلا مشاركة له فى أى شئ آخر.
• وهل كان لزوجك علاقة بجماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة ولو حتى فيما سبق؟
- زوجى بعيد كل البعد عن الإخوان وحتى عن فكرهم، بل ربما كان أقرب إلى التيارات السلفية، وكان أقرب إلى الانتماء إلى حزب النور بعد ثورة يناير، ولكن بعد أن ظهر له مساوئهم ترك فكرهم ولم يشاركهم فى أى شئ آخر. ولكنه طيلة عمره لم ينتم بشكل رسمى لأى حزب أو تيار.
• وماذا عن موقفه بعد الانقلاب في مصر؟
- من الطبيعى أنه لا أحد يقبل الظلم، وهذا ما كان يعبر عنه على صفحته على موقع فيسبوك.
• لنبحث بطريقة أخرى، هل لوالدك مثلا أية علاقات بمصريين فى الإمارات لهم مواقف سياسية معينة؟
- والدى شخص بسيط جدا، ولا يجيد إقامة علاقات اجتماعية، أيضا أهل زوجى شطر منهم يقف على الحياد وربما الخوف والحذر الشديد كذلك ففئة منهم من مؤيدى الانقلاب، أما الوضع في الإمارات فالقبضة الأمنية شديدة للغاية، ومن الممكن أن نقول إن الناس هناك يعيشون داخل الحائط وليس بجوارها كما يقولون.
- ولماذا في ضوء ما تتوقعينه تم اختطاف زوجك وإخفائه بتلك الطريقة؟
- لا أجد أى احتمال سوى نشاطه على صفحة فيسبوك والتى كان يُعلن فيها رأيه المناهض لأى ظلم ولأى قتل أو دماء، فقد راجعت بعضا من قوانينهم فلم أجد سوى قانون ما يسمى "الجرائم الإلكترونية".
- لنفترض حتى أن تلك تهمة؛ فلماذا يتم اختطافه وليس توجيه اتهام مباشر وتعريضه لمحاكمة طبيعية؟
- هذا السؤال أنا من يسأله، لا أعرف له أية إجابة، فلنفترض حتى أن الأمر ليس لأجل صفحة فيسبوك وإنما هناك جريمة ولو حتى على أعلى المستويات، ففى العالم كله حتى مجرمي الحرب يتم عرضهم على محاكمة وقاض، ويعرف ذويهم أين هم وما هى الاتهامات الموجهة لهم.
- هل تتوقعين تعرضه لتعذيب جسدى أو ربما اغتيال؟
- للأسف أنا لا أستبعد أى شئ، خاصة أن زوجى مريض ويحتاج إلى أدوية وعلاج خاص، فهو يعانى من حساسية على الصدر وهذا يتطلب تهوية جيدة وإلا يحدث له اختناق شديد، كذلك يعانى من شرخ "شرجى" وكان على وشك إجراء جراحة عاجلة له فى مصر.
- هل لديكم أية معلومات عن مصريين آخرين في الإمارات حدث لهم شئ مشابه؟
- فى البداية لم أكن أعلم عن هذا شيئا، ولكن في المرات الذى ذهبت فيها للسفارة وجدت مصريين يشكون مثلى من اختفاء ذويهم، وكذلك بعد عودتى إلى القاهرة وتردد والدى على سفارتنا هناك للمتابعة كان يلحظ أيضا عدد من الحالات بنفس الشكوى، وإن كنت لا أستطيع أن أجزم بعدد معين.
- كيف رأيتِ القبضة الأمنية في الإمارات خاصة على المصريين بعد الانقلاب في مصر؟
- للحقيقة أن الجميع هناك من كافة الجنسيات من الممكن أن نقول إنهم يخيطون ألسنتهم ولا يتحدثون كثيرا من شدة القبضة الأمنية، حتى إن كثيرا من الناس الذين كانوا على علاقة بأهلى وبعدما عرفوا ما حدث لزوجى انقطعوا عن التواصل معنا خوفا على أنفسهم.
• لمن تتوجهين برسالة أخيرة؟
- أولا أتوجه برسالة لشيوخ الإمارات وأقول لهم ارحموا طفلة لا تنادى سوى على أبيها، رغم أن ملامحه لم تكن قد حُفرت فى ذاكرتها بعد، كذلك أُحمل مسئولية اختفائه للسلطات الإماراتية التى أخذته من أمام عينى، وأيضا للسلطات المصرية التي خذلتنى عندما لجأت إليها.
المصدر: "الحرية والعدالة"





التعليقات
0 التعليقات