/>

كيف انتقلت صحيفة عبد الحليم قنديل من كشف فساد عائلة السيسى إلى مبايعته رئيسًا؟! شقيق «السيسى» الأصغر يتاجر فى «الزى العسكرى».. وشقيقه الأكبر يهدد بنزع ملكية فيلا بـ«القوات الخاصة».. واختفاء جهاز التسجيلات السرية للرقابة



تحقيق: محمد سعد خطاب
 >> شقيقه ينتدب فى قطر 6 سنوات.. ويعمل فى السعودية بائع سجاد وموكيت سرًّا.. وفى مصر يعود إلى منصة القضاء
>> بسبب رعونته.. تورط شقيقه فى أكثر من مخالفة وقضية نصب
>> المخابرات الحربية رصدت محاولات شقيق وزير الدفاع السابق للدخول فى بزنس بيع «قماش الجيش» لكن صهره اللواء محمود حجازى تجاهل الأمر وكأن شيئًا لم يكن
السطور التالية أكبر من صادمة، تثير الغضب أكثر مما تدعو إلى اليائس والإحباط.. قد تبكيك على حال الثورة التى سرقت ومزقت تقسيما، وأتى لصوصها على نخاعها وعظمها.. لكنها أبدا لن تسلبك الأمل فى مستقبل أجمل لهذا الوطن.
إن عبد الله سعيد حسين خليل السيسى المولود فى الجمالية بالقاهرة، الذى يسكن حاليا فى شارع أسماء فهمى خلف مبنى حى مصر الجديدة، حيث شقة والدته، والذى كان متزوجا من السيدة هالة كريمة مصطفى عزام. أحد تجار التحف والانتيكات بحى خان الخليلى وصاحب محل خان عزام قبل أن يتنازل عن شقته فى شارع مكرم عبيد، مساحة 350 مترا مربعا، إلى السيدة هالة عند طلاقها هو نفسه شقيق وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى، وأنه قد صدر بحقه حكم سجن لاستيلائه على 150 ألف جنيه من ابن خاله المستشار محمد طاهر مصطفى رئيس المحكمة بالشرقية، حيث ألقى القبض عليه فى كمين بمحيط قسم شرطة النزهة وتم حبسه بالقسم، تمهيدا لترحيلة وتنفيذ مدة العقوبة قبل تدخل أشقائه لسداد مبلغ الدين، واتخاذ تصالح على عجل وإطلاق صراح شقيقهم عبد الله السيسى من يومه وليلته.
لم تكن هذه هى الخطيئة الأولى والأخيرة، لشقيق وزير الدفاع، فقد سبق أن حاول مساعدة رجل يدعى أحمد حمدان فى تفنين وضع اليد على أرض بجنوب سيناء، يومها ذهب مع الرجل إلى الرقابة الإدارية وأفهمهم أنه شقيق مدير المخابرات الحربية، يومها تم طرده من هناك بعد الاتصال بعبد الفتاح السيسى، وتورط بسبب رعونته فى أكثر من مخالفة وقضية نصب من هذا النوع، لولا تدخل الشقيق الكبر فى اللحظة الأخيرة منعا للفضائح.
إلى هنا والقصة لا تبدو ذات علاقة بما قدمنا له من إطار الشأن العام وطبيعة حكم مصر حاليا، بل لربما تجد من يلتمس لصاحبها العذر، ففى كل عائلة الصالح والطالح، وليس السيسى استثناء ربانيا، من هذا الحكم إلا أن خطايا شقيق وزير الدفاع لم تقف عند حد رعونة ونهم شاب للمال ولو بطريقة غير مشروعة.
فقد دخل شقيق وزير الدفاع فى الأيام الماضية على خط جريمة كبرى، كشفت عنها مصادر القوات الرسمية نفسها، وكانت محور جدل واتهامات شكلية بين أنصار الجيش المخلص وأنصار الإخوان الحلفاء، حول مخططات فلسطينية من "حماس" لدخول مواجهة مع الجيش لصالح مرسى والإخوان.. ألا وهى قضية سرقة الزى العسكرى وتهريبه فى أكثر من موضع ومكان فى مصر وخاصة سيناء والمناطق الحدودية.

التجارة بملابس الجيش

كانت القضية مؤشرا ودليلا قويا، يثير حماسة الواهمين الحالمين بـ"الفريق المخلص" وحماة مصر من الإخوان، إلا أن المعلومات التى سنسوقها فى السطور التالية، تبدد هذا الوهم نهائيا.. وتثبت أن قضية تهريب زى الجيش ليست إلا "كوموفلاش" إعلامى، يديره مكتب الإرشاد فى المقطم من جهة، بالتعاون مع الشئون المعنوية فى جيش السيسى من جهة أخرى، باقتدار ولا أعجب.
دخل عبد الله السيسى شقيق وزير الدفاع نفسه، وبشخصه، فى تلك اللعبة المسلية، حيث تفيد مصادرنا رفيعة المستوى، أن عبد الله استغل هذه اللعبة الوهمية والمسرحية، التى يعلم أنها ليست أكثر من تمثيلية هزلية، هدفها إلهاء الشعب المترقب المطحون، وراح يعرض خدماته على بعض التجار، بتوفير 150 ألف متر من ذات الأقمشة التى يصنع منها الزى العسكرى للجيش المصرى، وأفهم التجار أنه وسيط ليتحصل على عمولة قدرها 20 جنيها عن كل متر.
لكن ولأن الأمر لا يثير أى قلق لدى المؤسسة العسكرية التى يجلس على رأسها شقيقه، والشريك الثانى فى حكم مصر مع مرسى، كان عبد الله السيسى آمنا تماما من عاقبة هذه الألعاب، التى ربما أراد إدارتها على طريقته السابقة، التى تشبه إلى حد كبير، طريقة رأفت الهجان فى تقليب عيشه، فى النصف الأول من حياته، قبل أن يصبح واحدا من أبطال هذا الوطن.
وهذا حدث بالفعل، فالمخابرات الحربية، التى رصدت محاولات شقيق وزير الدفاع، للدخول فى بيزنس بيع "قماش الجيش"، التى يرأسها اللواء محمود حجازى، كفت على الخبر مأجورا كبيرا، وكأن شيئا لم يكن، فيما تواصل السجال الإعلامى المضلل، عن توتر بين مكتب السيسى ومكتب الإرشاد حول قضية تهريب زى الجيش.

السيسى وحجازى.. ولعبة المصالح

لا يفوتنا أن نذكر أن حسن عبد الفتاح السيسى نجل وزير الدفاع متزوج من السيدة داليا كريمة اللواء محمود حجازى مدير المخابرات الحربية، منذ يوم الخميس 15 يوليو 2010، حيث جرى حفل زفافهما فى قاعة الأوركيد بدار الدفاع الجوى.. لذا لم يتأخر السيسى ساعة فى إسناد مهمة إدارة المخابرات الحربية لصهره حجازى، بعد تسليمه مفتاح وزارة الدفاع، بعد تقاعد المشير طنطاوى، بل إن السيسى ألحق زوج أخته العميد أحمد عبد السلام بالمخابرات الحربية، عقب عودته المفاجئة وغير الطبيعية من بعثة عسكرية فى أمريكا، بصحبة زوجته منى السيسى، شقيقة وزير الدفاع.
عبد الله السيسى شقيق وزير الدفاع من الأب، أما أمه فهى الحاجة حسنية، وقد أنجب منها محمد وعلاء وعبد الله ومنى وجيهان وإيمان وسحر.

من تجارة الموكيت فى قطر لمنصات القضاء فى مصر

ويظهر اسم آخر فى عائلة السيسى هو أحمد السيسى شقيق وزير الدفاع الأكبر، وهو مستشار بالقضاء، وسافر إلى قطر معارا، ليعمل بها ست سنوات، أنهاها فورا بعد فوز مرسى بالرئاسة، وتعيين شقيقه وزيرا للدفاع، حيث عاد إلى القاهرة، وفور عودته أشاع أنه مرشح لتولى منصب مهم، وهو ما جرى بالفعل؛ حيث تم ترشيحه محافظا للقاهرة، إلا أن القرار لم يصدر.
المستشار أحمد السيسى متزوج ولديه ولدان وبنتان، ولد يدعى محمد ويعمل موظفا بشركة الكهرباء، وابنة تدعى هاجر متزوجة من طبيب صيدلى من مركز نبروه، وهو من عائلة إخوانية تحمل اسم السيسى أيضا فى تشابه أسماء، كما أنه له ولد آخر يدعى عبد الرحمن، الذى كاد أن يجند ضابط احتياط لولا تدخل والده، لتجنيده جنديا، حيث خرج وجار إلحاقه بالنيابة العامة، رغم عدم استيفائه الشروط.. وابنته الصغرى مريم طالبة بالصف الأول الثانوى، إنها نفس آليات النظام السابق فى الوساطة والتمييز، ولا تتحدث عن الثورة.

الخلافات العائلية.. سجل وتاريخ حافل 

وللعلم فإن السيسى له شقيقتان هما سحر وإيمان متزوجتان بشقيقين هما حاتم وحمزة الزامللى. شقيقة حاتم وحمزة الكبرى متزوجة برجل أعمال سعودى كبير هو الشيخ أحمد صالح الأنصارى، أحد تجار السجاد والبورسلين فى جدة، ولهذا الرجل ابن يدعى رضا من سيدة سعودية، تزوج جيهان شقيقة السيسى، بواسطة شقيقها أحمد، الذى غادر وزارة العدل لفترة كبيرة جدا، وسافر إلى المملكة السعودية وتحديدا إلى جدة، ليعمل لدى والد زوج شقيقته، فى تصرف غريب، لم يتم إبلاغ الوزارة ولا المجلس الأعلى للقضاء به، حيث لا يجوز لقاض أن يمتهن مهنا أخرى، تجارية أو غيرها، بينما لا يزال على قيد السلك القضائى، ثم يعود ليجلس على منصة السلك القضائى، بل يترشح محافظا فى الظلام.
للخلافات العائلية فى عائلة وزير الدفاع، سجل وتاريخ حافل، فقد سبق للمستشار أحمد السيسى أن أقام دعوى قضائية ضد أبناء عمه "صنيبر" وعلى رأسهم عصام زوج شقيقته السيدة فريدة السيسى، لطردهم من محل وصندرة صغيرة فى حى الجمالية، فى خلاف على الميراث، وهو ما تكرر منه بعد تولى شقيقه وزارة الدفاع، حيث أقام دعوى قضائية ضد شقيقته وزوجها "وهو فى نفس الوقت شقيق زوجة أحمد السيسى" تنظرها محكمة مصر الجديدة حاليا، فى تنازع على ميراث أيضا، كما ذهب إلى ورثة اشترى منهم حماه "الحاج الزامللى" فيلا فى حى مصر الجديدة، قبل ستين عاما، وطالبهم بصورة من عقد البيع، ووعدهم بطرد أصهاره من الفيلا استغلالا لنفوذ وسطوة شقيقه، وهى النغمة التى صارت تتردد بقوة فى محيط عائلة السيسى، حيث يهدد أحمد السيسى كل من يختلف معه بأنه سيرسل الأمانة العامة للجيش؛ وهى وحدة خاصة للبطش به..!

الرقابة الإدارية.. وإمبراطورية التهامى

لم تكن القصة الموثقة السابقة إلا تمهيدا للتأكيد على أن ما يجرى فى المشهد السياسى المصرى حاليا، ليس إلا وسائل تشويش وشوشرة على الشعب، وطرق عرقلة، للحيلولة دون ثورته العارمة، التى تبدو منطقية جدا، مع سوء الأوضاع المتفاقم، الذى فاق بسنوات ضوئية، ما دفع المصريين للخروج ضد مبارك وحكومة رجال أعمال الحزب الوطنى، وعائلة بيزنس جمال مبارك، فى 25 يناير 2011.
فى رد قريب لمسئول بجهاز الرقابة الإدارية، على كشفنا لحقيقة ما يجرى داخل أروقة الهيئة، عقب الإطاحة، برئيسها السابق اللواء محمد التهامى، الذى كنا أيضا أول من اتهمناه علنا، فى أثناء توليه منصبه، بأنه أمر بفرم مستندات إدانة مبارك، وعطل سير العدالة فى قضية رد أموال مصر المنهوبة، إلى جانب تواطئه فى كم هائل من قضايا فساد رجال مبارك، كشف المسئول الذى راح يكيل اتهامات نعرفها مسبقا لسلفه فى الجهاز، عن كارثة أمنية، وثغرة خطيرة، وجريمة تستوجب التحقيق والمساءلة الفورية، لأنها لا تقتصر على قضية فساد، أو نهب مال عام فقط، بل تمس الأمن القومى وحقيقة ما يجرى فى أروقة الحكم.
قال الرجل -الذى توارى خلف مسمى مصدر مسئول، نعلمه جيدا، وإن رد رسميا باسم الهيئة، فى معرض تبرؤه من كوارث هذا الجهاز فى عهد مبارك، وعهد مرسى أيضا، الذى لم يختلف سوى فى تغيير الوجوه والخدم والتابعين، وتحميله كل الخطايا لسلفه التهامى-: إن التهامى عين 30 ضابطا من القوات المسلحة بالجهاز، بينهم العميد شريف بدوى الذى أسند إليه قطاع العمليات لأول مرة فى تاريخ الجهاز، وهو بهذه الرتبة دون اللواء، الذى لم يضبط قضية فساد واحدة فى عهده، حسب رد المسئول الحالى، كما أنه شارك التهامى فى فرم وإعدام مستندات وأدلة وشرائط وتسجيلات إدانة رجال النظام السابق، وعلى رأسهم مبارك، بينما كانت مهمته الأولى التسجيلات غير القانونية لإرضاء التهامى، حيث وضع له جهاز تسجيل "أدهر" فى مكتبه الخاص ليتمكن من سماع كل التسجيلات غير القانونية، التى شملت أعضاء وضباط هيئة الرقابة الإدارية أنفسهم، تلبية لمطالب بعض المسئولين فى الدولة، ولضمان التجديد للتهامى، الذى حدث بالفعل 5 سنوات بعد سن المعاش فى حالة فريدة.

التهامى استحوذ على جهاز فك شفرة الاتصالات السرية

ويقول المسئول عن الرقابة الإدارية -فى رده لا فض فوه- أن رئيس الهيئة السابق اللواء محمد التهامى استحوذ على جهاز فك شفرة الاتصالات السرية الذى وضعه بدوى بمكتبه، عند مغادرته منصبه فى الهيئة، وتنصيب اللواءين محمد عمر وبدوى حمودة مكانه، قبل ستة أشهر، وقال حرفيا "أجرى رئيس الهيئة اللواء محمد عمر تحقيقا بشأن الجهاز المذكور مع شريف توفيق وإيهاب حسن "ضابطين" اللذين أقرا بتسليم الجهاز للواء التهامى".. ويمضى متسائلا ببراءة يحسد عليها "لماذا يحتفظ التهامى بهذا الجهاز حتى الآن؟ وتأتى الإجابة بأنه دون هذا الجهاز لا يمكنه الاستماع للتسجيلات غير القانونية التى أخذها معه من الهيئة" معلقا فى النهاية "أليس ذلك –الجهاز- عهدة ملك الدولة؟"..!
ولك أن تضرب كفا بكف أو تضرب بالاثنين مع رأسك أقرب حائط، وأنت تتأمل هذا العبث الخطير بأمن مصر، فرئيس الهيئة الحالى، يحدثنا بوجود جهاز فك شفرة تسجيلات لمسئولين وضباط، وجهات رسمية وخاصة فى الدولة، حتى وقت قريب جدا، وبعد تولى مرسى الرئاسة بأكثر من ثلاثة أشهر، فى حوزة رئيس الهيئة الذى أقيل ليذهب إلى قصره آمنا مطمئنا، ثم يتبرع بسذاجة، تستفز عقول الأطفال، أن يسألنا نحن لماذا احتفظ بالجهاز؟! فيما لم يسأل نفسه لماذا اقتصر على تحقيق داخلى، ربما حدث أو لم يحدث، ولم يبلغ الجهات الأمنية والعسكرية والرئاسة والنيابة بهذه المعلومة الخطيرة، التى تعنى ببساطة أن واحدة من خزائن معلومات وأسرار مصر بحوزة مسئول متقاعد، وأنها لم تعد ملكا للدولة.

(*) 
صوت الأمة 15/4/2013

التعليقات
0 التعليقات