/>

هل من " هاشتاج " لبائع الكرشة الذى بدأ مباراة الهبوط فى القيم والالفاظ؟





بقلم : على القماش 
 
منذ سنوات قليلة اقتحم عالم " الكرشة " رومانسية السينما بلافته تحمل اسم العدل ! ، ووقف الناس مشدوهين كأنهم ينتظرون لقطة عابرة على طريقة " الاكشن " وتمر ، الا ان اللقطة اصبحت فيلما وتعددت الافلام حتى تناسى الناس العالم السحرى للفن وصاروا يطلقون عليه " افلام زمااااان " ، وتسمر المشاهدون وهم يرون عالم سينمائى جديد اختلط فيه دماء وروث الجزارة حتى صار يغطى الشاشة بافظع المشاهد والالفاظ، والتى سرعان ما أصبحت " تيمة " او " افيهات " يتناقلها الكبار ، ويقلدها الصغار ، وهكذا جاءت ضربة البداية للهبوط الجماعى فى الحوار بمباركة عجيبة ودون اى رادع ، تماما كما بدأ امتهان كرامة المدرسين من عالم الفن بدءا بمسرحية " التطبيعى " على سالم مدرسة المشاغبين . . لا بأس فمن يثوروا ويقلبوا الدنيا رأسا على عقب دفاعا عن  عرض فيلم قد يمس ثوابت دينية ، او يدافعون عن رواية او قصيدة تسب الذات الالهية بحجة حرية الابداع ، لا يسمع احد كلمة واحدة نقدا لهذا الهبوط ، بل يكونوا اول المدافعين عنه بحجة ان ما بالفيلم يعبر عن شريحة موجودة بالمجتمع  
وهبت ثورة  يناير ، وكانت البداية ايضا مثل السينما الرومانسية الجميلة ، هتافات وطنية ، ومطالب عادلة ، ومظاهر حب تجلت معانيها فى وجود شباب وفتايات فى عمر الزهور فى زحمة الميادين دون اعتداء على الاخر او تفرقة بسبب الدين ، بل ووقف الهلال مع الصليب بصدق وحب بعد ابتعاد او انزواء استمر لاحقاب ، وتواصل الجمال بمظاهر عديدة تناقلها العالم اجمع بانبهار منها قيام  العديد من هؤلاء الشباب بتنظيف الشوارع ، ودهان الارصفة ، وحماية المبانى
وعلى طريقة " الاكشن " ايضا قدم من الاعماق المختزنة فى الوجدان  عالم " الكرشة " بالفاظه وسوقيته ، فتحولت الميادين من الامان الجماعى الى التحرش بل والاغتصاب المرعب ، وتحولت الهتافات الى سباب وقذف بكل انواعه من سباب حتى المولوتوف ، والذى طال ايضا مثل المجمع العلمى وما يحمله من رمز ثقافى ، كما طال الازهر و الكاتدرائية بما يحملناه من رموز و مكانه دينية وروحية
وامسك ما اطلق عليه " المجلس العسكرى " بدفة الحكم ، فتحول النقد الى سباب واهانة ، بالفاظ وصور ورسومات مهينة ، كان اكثرها عجبا ما قام به الصغار فى مقر نقابة الرأى والفكر المسماه بنقابة الصحفيين 
وجاء الاخوان على سدة الحكم ، فاذا باستدعاء خصومهم لاسوأ ما فى الالفاظ وما اعلاه صدمة فى الاوصاف ، فكان وصف الرئيس بالحذاء ووضع صورة الحذاء بجانب وجهه فى ما نشيتات الصحف كأنه بطولة و انجاز ، وتحول افظع السباب فى كافة الصحف والفضائيات  الى حرية رأى
وكان طبيعيا ان تنتقل المباراة الى شوط اخر ، ما بين طلاب يتسمون بعنف لا مثيل له ، واعتداء على الاساتذه بما لاحدود له ، وفى المقابل عادت تجاوزات الشرطة باسوأ مما كان ولكن فى حماية ما يطلقون عليه حقوق الانسان ؟!
ثم جاء التطور الطبيعى " للحاجة الساقعة "  بما يطلقون عليه " الهاشتاج " باستخدام لفظ او وصف هابط وصادم ، لم يكن يصدر من قبل سوى من أهبط فئات المجتمع بل كان من هؤلاء من يستحى ذكره ويستهجنه ، فاذا بشبكات التواصل والمواقع الالكترونية تعلن عنه وكأنه فخر بان اكثر من مليار تضامنوا مع هذا " الهاشتاج " وما به من لفظ هابط
الامر لايحتاج الى " فكاكة " لنقول ان معظم هؤلاء المروجون للهشتاج وما به من لفظ يروجه خصوم اليوم وهم الاخوان كرد على سبابهم من قبل ومن بعد باوصاف اقلها الخرفان  ، فأصبح مستنقع  الانتقام يفوق ويعلو على اى وازع دينى يقوموا بترديده ، فشوط المباراه بالامس كان السكوت على سباب رموزهم  واعلاهم مكانة من مرشد او رئيس بنفس المستوى من البذاءات
الخطورة ان الامر لم يعد تحول فيلم الى مباراة ، بل تحول الموقف الى بطولة من دورى يشارك فيه الجميع ، وكأس نشرب كلنا منه ، ان لم يكن بترديد القول ، فبصدمة السمع
هذا الدورى لن يختلف كثيرا عن دورى الكرة ، فهو ايضا به قطاعات من البراعم والناشئين حتى الكبار ، وبه رعاة او رعاء ، وبه تعصب وهتفافات وشماريخ وتشنجات ، وهكذا سيستمر لسنوات ، و اصدار الف هاشتاج وهاشتاج لكل من يختلف عليه او يعارضه ، فلم  يعد لأحد كرامه مهما علا شأنه او مركزه او كان وقاره 
  وقد  يتسبب مع هذا الاشتعال الهابط الى شرارة فتنة طائفية – لا قدر الله – اذ بدأت قد لاتنتهى لان هذه الاوصاف الهابطة لاتعرف قدر لاصحاب المكانة والوقار ، بل بعضها بدأ بالفعل فى هذا المجال من خلال شبكة الانترنت سواء فالرسائل على الايميل او غيرها من وسائل الاتصال
ترى هل من وقفة لهذا الدورى الرهيب ابتداء من ايقاف هزل اقتحام عالم الكرشة لرومانسية السينما واقتحام ممن دفعوا بها الفلول ومن على شاكلتها للفضائيات  ام سنشارك جميعا لنشرب من نفس الكأس ؟
اعرف ان الامل ضعيف وخافت ، لان من شاركوا فى هذا الهبوط او المستنقع ممن يطلقون عليهم " النخبة " ، ومن يزكونه ممن يطلقون عليهم  " المثقفون " ومن يحفزونه الذين يتولون مواقع عديدة فى دفة الاعلام
ولكن لان عالم الرومانسية او العودة للاخلاق السوية مثل الحلم الجميل  ، فلا بأس من الحلم ان  نعود يوما لعالم السينما الجميلة . . بالهمس . . باللمس . . بالصمت الرهيب ، اشارة للعودة للهدوء والسكينة والمودة والتسامح وكل القيم الجميلة ،سيما ان مطالب الثور من العيش والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية لا تحتاج لسباب وضجيج بل تحتاج الى عمل وكفاح
 ام ان يكون نصيب من يؤيد هذا النداء هاشتاج ؟

التعليقات
0 التعليقات