/>

عندما فضح الأكذوبة ! بقلم: د.هدى عبد الهادي









واحد وعشرون عاماً مضت على رحيل العالم الفذ دكتور/ جمال حمدان - أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين – تفرّد الدكتور حمدان في كل شيء، فأصبح ضحية تفرُّده وتمسكه بالحق والعدل والكرامة... وهو واحدا من ثلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من اجل خدمة قضايا الأمة؛ حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية معركة شرسة( لتوضيح وتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين )
*  وكان هو صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه [ اليهود أنثروبولوجيًا ] الصادر في عام 1967- والأنثروبولوجيا هو ذلك العلم الذي يدرس البشر في ماضيهم – لقد اثبت بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدّعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات (آرثر كويستلر) مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1976.
*  فكان جمال حمدان سباقا في هدم المقولات( الإنثروبولوجية) التي تُعد أهم أسس المشروع الصهيوني حيث أثبت أن إسرائيل كدولة ما هي إلا ( ظاهرة استعمارية صرفة ) قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً، مشيرا إلى أن هناك "يهوديين" في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أي صلة( في الماضي البشري)، ذلك أن يهود "فلسطين التوراة " تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر1- خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية، 2- ودخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر، وانتهى بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامى ... لقد هدم حمدان كل مقولاتهم في الوقت الذي كان الصهاينة يروجون لأنفسهم كأصحاب مشروع حضاري ديمقراطي وسط محيط عربي إسلامي متخلف...
*   وعقلية لامعة كجمال حمدان لم تنخدع بتلك القشرة الديمقراطية الصهيونية المضللة !! واستطاع من خلال أدواته البحثية المحكمة أن يفضح حقيقة إسرائيل، مؤكدا " أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم، فكشف حمدان قبل نحو ثلث قرن تلك الحقيقة الطائفية البحتة للمشروع الصهيوني، ووصف في كتابه " استراتيجية الاستعمار والتحرير(إسرائيل بأنها دولة دينية مُتطرفة صرفة) تقوم على تجميع اليهود، واليهود المُتطرفين فقط !! ومن ثم فأساسها هو التعصب الديني المُتطرف الإرهابي،

*  أدرك حمدان مبكرا من خلال تحليل متعمق للظروف التي أحاطت بقيام المشروع الصهيوني أن " الأمن " يمثل المشكلة المحورية لهذا الكيان اللقيط، واعتبر أن وجود إسرائيل مرهون بقوتها العسكرية؛ وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلى أنها قامت (ولن تبقى إلا بالدم والحديد والنار) ولذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها .. وحدد جمال حمدان الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا الكيان اللقيط ، بالاشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي أن تصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت استراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، أو عميل خاص احتكارياً، وهي في كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب اتحادها ويمنع وحدتها...
*  وفي عام 1993 تم اغتيال د. جمال حمدان.. و عُـثر على جثته داخل شقته، والنصف الأسفل منها محروقاً, واعتقد الجميع أنه مات متأثراً بالحروق, ولكن تقرير الطب الشرعي أثبت آنذاك أنالفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز, كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة.واكتشف المقربون من د.حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها, وعلى رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية, مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتبه وأوراقه !! مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل..
*  وبالطبع كتابات “حمدان” تحدد اسم قاتله، الذي من مصلحته ألا يستمر هذا الفكر الوضاء؛ مما دفع بالقاتل إلى تنفيذ جريمة التصفية، حفاظا على مصالحه .. كما حدث مع العلماء سميرة موسى، ويحيى المشد، وأحمد الجمال، وسمير نجيب، وسعيد بدير، والذي اغتالهم قاتل يسهل تحديده لمن يملك ذرة تفكير ... وقد فجّر رئيس المخابرات السابق أمين هويدي مفاجأة من العيار الثقيل، حول الكيفية التي مات بها جمال حمدان، وأكد هويدي أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل حمدان .










التعليقات
0 التعليقات