/>

جمال سلطان يكتب : دلالات انسحاب الفريق عنان





يطرح المقال التالي رؤية حول دلالات انسحاب الفريق عنان وأهمية المقال تنبع من ان الكاتب نفسه يصنف على انه صاحب علاقات مع اجهزة أمنية مخابراتية


تعالوا نحاول حل توابع “اللغز” الذي مثله اعلان الفريق عنان انسحابه من سباق الترشح لرئاسة الجمهورية الذي عقد له مؤتمر صحفي ظهر اليوم ، وبالمناسبة أذكر القارئ بأني سبق ونشرت هذه “المعلومة” في تغريدة على موقع “تويتر” قبل حوالي شهر ونصف تقريبا ونقلتها صحيفة المصريون كما نقلتها مواقع أخرى في حينه ، حيث أكدت يومها أن عنان لن يترشح للرئاسة ، وفق مصادر موثوقة ، انسحاب عنان رسميا يعطي أكثر من إشارة ، خاصة في الوقت الذي لم يعلن فيه المشير السيسي حتى الآن موقفه النهائي ، هل يترشح أن يعتذر هو الآخر ، والمشهد كله يتسم الآن بالغموض الشديد ، وكل الاحتمالات تملك فرصة في التحقق ، والموقف الأخير للفريق عنان يأتي في إطار هذا الغموض أيضا ، والذين تحدثوا عن أن انسحاب الفريق عنان هو مؤشر قوي على توسعة الطريق لتقدم السيسي أراهم متعجلين في التحليل وتقدير الموقف ، لأن الفريق عنان لم يكن منافسا للسيسي أصلا وبأي معيار ، ونزول عنان للانتخابات لا يمثل تهديدا انتخابيا للسيسي ، لا على مستوى الشعبية ولا على مستوى امتلاك أدوات الدولة الفاعلة ، إداريا وأمنيا وإعلاميا ، ولو صح وضع انسحاب عنان في معادلة ، فيمكن القول بأنه انسحب لضمان تمرير مرشح آخر “مجهول” هناك قلق من ضعف قدرته على الحسم من الجولة الأولى ، لأن المرشح العسكري الذي يفشل في حسم الانتخابات من الجولة الأولى سيخسر الإعادة حتما ، وهذا ما سمعته من مرجع قضائي وانتخابي رفيع في لقاء خاص ، بناء على حساب علمي دقيق ، ولذلك يحتاج مرشح المؤسسة العسكرية ، حتى لو كان المشير السيسي إلى حسم الموقعة من الجولة الأولى ، وواضح أن هناك ضغوطا مورست على الفريق عنان من أجل الانسحاب ، وواضح أن هذه الضغوط متصلة بأجهزة رفيعة في الدولة ، والشخصيات التي التقت به صباحا قبل مؤتمره الصحفي معروفة بالصلة المتينة بتلك الأجهزة ، فلماذا تم الضغط على الفريق عنان من أجل الانسحاب ، ولصالح من هذا الانسحاب الاضطراري ، هذا سؤال يحتاج إلى تأمل أبعد من الاستسهال الشائع عن التوسعة لتقدم السيسي ، وفي تقديري أن موقف المشير ما زال غير حاسم ، وأن الحياة السياسية قد تكون على موعد خلال عشرة أيام مع مفاجأة جديدة على نمط مفاجأة الفريق سامي عنان ، ولكنها مزلزلة هذه المرة . بقي أن أشير إلى أن التسريبات ، المقصودة أو غير المقصودة ، للفريق أحمد شفيق أمس ، تؤكد ما سبق وقلته أيضا من أن الدنيا ليست “عمارا” بين شفيق والمجلس العسكري الحالي ، وأن شفيق يخشى النزول إلى مصر ، رغم انتهاء حكم مرسي والإخوان من ثمانية أشهر ، لأنه غير مطمئن إلى أنه سيكون بخير وليس بجوار أبناء مبارك ، والتسريبات التي نشرت ، وهي صحيحة قطعا ، تعطي الانطباع عن عمق المرارة التي يشعر بها الفريق شفيق تجاه القيادة العسكرية الحالية ، فشفيق خرج من “مولد” 30 يونيو بلا حمص ، رغم أنه أحد المنسقين الكبار للعملية بالتعاون مع “الشقيق” الإماراتي ، غير أن الخطير في تصريحات شفيق أنه يعطي الانطباع عن أن المؤسسة العسكرية قررت إنهاء النزاع حول منصب الرئيس بأي شكل وبأي ثمن وبأي طريق ، وشفيق عندما يتكلم بهذه الطريقة ، وهذا الوضوح ، فهو لا يهزي ، وإنما يتكلم عن معلومات مباشرة مع الأطراف الفاعلة في المشهد المصري ، سواء في القاهرة أو أبو ظبي ، غير أن أي محاولة لإخراج انتخابات الرئاسة بهذه الطريقة لن تحل الإشكال الحالي ، وستعقد الأمور أكثر ، ولن تسمح بميلاد شرعية جديدة ، وهو التحدي الذي تعانيه السلطة الحالية حتى الآن ، لأن شرعية محمد مرسي لم تنسخ حتى الآن ، خاصة أمام المجتمع الدولي ، ولن تنسخ إلا إذا كانت هناك انتخابات رئاسية سليمة وشفافة ونزيهة وعادلة ، وهذا ما أصبح محل شك . الاصطفاف الجديد الذي يتشكل في مصر الآن ، ويعيد رسم خريطتها السياسية يعطي الإشارة إلى أن أخطر ما يواجهه مرشح المؤسسة العسكرية ، سواء كان السيسي أو غيره ، أنه سيبدأ عهده من حيث انتهى مبارك ، هذه هي المعضلة ، وهذا هو الخطر الذي يهدد المشروع كله.

التعليقات
0 التعليقات