نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، مقالا، اليوم، قالت فيه إن «مصر كالسفينة بلا دفة، ومؤسساتها خارج نطاق السيطرة، ولايبدو ان المشير عبدالفتاح السيسي، يستطيع السيطرة عليها».
واضاف المقال أن السيسي حتى وان اصبح رئيسا فلن يستطيع تصحيح كل ما تعانيه مصر، أو وضع البلاد على مسار التحول الديمقراطي، دون ترويض وسائل الإعلام المضللة، وكبح جماح الشرطة الوحشية، مستغلا دعم الجيش، والتأييد الشعبي له.
ويرى المقال أنه «في خضم الانتكاسات السلطوية في مصر، هناك جانب مفزع من الفوضى الحالية، وهو أنه ليس هناك أحد مسؤول بالفعل، فبالرغم من أن الجيش كمؤسسة وقائده السيسي، يظهران وكأنهما يسيطران على مجريات الأمور، فمن الخطأ أن نرى مسار الأحداث في مصر يأتي نتيجة لعملية صنع قرار مركزية ومنظمة، ففي الواقع، يظهر في اللحظة الراهنة إلى أي مدى تمت تجزئة الدولة المصرية خلال السنوات الـ3 الماضية».
وقال إنه عندما يتولى السيسي الرئاسة، فإنه سيتمتع بدعم مؤسسي كبير من قبل مؤسسات طالما ترعرعت في نظام المخلوع مبارك، وفي تلك اللحظة، سيكون على السيسي الاختيار بين أمرين، إما أن يستخدم رأسماله السياسي للملمة الدولة المصرية معا مرة أخرى، أو أنه سيواصل استخدام القمع لإعادة فرض الاستقرار.
وأضاف أن قرار السيسي بترشيح نفسه هو في حد ذاته مشحون بسلبيات محتملة، منها إعادة تركيز السلطة في يد الرئاسة، وتقويض مؤسسات الدولة، وإعادة الهيمنة العسكرية على الشأن السياسي، فضلا عن المخاطر المحتملة على الجيش نفسه، خاصة بعد استثمار مكانته في ترشيحه، مشيرا إلى أنه في حال تعثر السيسي فشعبية المؤسسة برمتها ومصداقيتها ستعاني، من آثار كارثية.
وذكرت المجلة أن العديد من الدبلوماسيين الغربيين يعتبرون أن تولي السيسي للرئاسة، سيحدد معالم مستقبل مصر، ويضع خطوطا واضحة للسلطة.
ومع ذلك، حتى لو كان السيسي يسعى للسيطرة على مؤسسات مصر، يرى المقال أنه سيكون خطئا أن نفترض أن أي رجل واحد يمكنه بسهولة القيام بمثل هذه المهمة، في حين الصلاحيات الدستورية للجيش زادت تدريجيا طوال الفترة الانتقالية، تراجعت هيمنة مؤسسة الرئاسة على صنع القرار السياسي.
وأكد المقال أنه إذا استمر هذا الحال، فلن يتمكن أي شخص أو مؤسسة واحدة من إدارة البلاد، مستشهدة بعدم قدرة النظام الحالي كبح جماح الشرطة العنيفة، التي تتصرف وفقا لأهوائها الخاصة، مضيفة أنه بعد سقوط نظام مبارك، أصبح الجيش، والقضاء، يتمتعان بحكم ذاتي أكبر من أي وقت مضى، في ظل غياب أي سلطة تربط بين مختلف الأجهزة.
وقال إنه بالرغم من قيام النظام الحالي بتحجيم جماعة الإخوان المسلمين، وقتل المعارضين، فضمن هذه البيئة، غالبا ما تكون القرارات مصنوعة جزافا، وتقتصر على المسائل الأمنية، وتتجاهل التحديات الاقتصادية الصعبة.
وأوضح أن عملية صنع القرار في مصر أسفرت عن عواقب وخيمة في مناسبتين، على الأقل مؤخرا، الأولى، عند إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، مضيفا أن هذا القرار مشكوك فيه من الناحية القانونية، ولم يصدر نتيجة لتحقيق دقيق، حتى أنه لم تظهر أدلة دامغة على تورط تورط الإخوان في أي هجوم إرهابي.
وأضاف أن هذه الخطوة بالغة الخطورة، لأنها اتخذت بقليل من التدبر أو التخطيط، وهو ما دمر أي جهود مستقبلية للتوصل إلى تسوية سياسية، وخلق حالة السياسية غير مستقرة في مصر.
والتعثر الثاني للحكومة الجديدة، هو اعتقال صحفيي قناة الجزيرة، الإجراء الذي أسفر عن جدال حول كيفية التعامل مع الصحفيين المعتقلين.
وقال إن بعض الأصوات داخل الحكومة أدركت أن هذا التصعيد خطأ، وحتى بعد إحالة القضية للمحكمة، دعا مختلف المسؤولين لإيجاد حل سريع لهذه القضية والبحث عن سبل للإفراج عن المعتقلين، ولكن وقف التصعيد كان يتطلب قيام معركة داخلية كبيرة، وتدخل مباشر في القضاء، وإثارة العام.
واعتبر أن هذه الأخطاء ترسم صورة مقلقة، لأنه حتى لو أراد القادة المصريين كبح الدوافع القمعية، وانتقام الأجهزة الأمنية، فليس واضحا كيفية القيام بذلك، خاصة مع ظهور حالةهستيريا مجتمعية، تفضل مزيدا من التقييد على أي تهدئة محتملة، وعلى هذا النحو، برز التلاعب بوسائل الإعلام باعتبارها أداة في يد المتشددين من قادة النظام الحالي، لوضع شروط الخطاب العام.