في ألف باء النظم السياسية الحديثة يتحدثون عن الفصل بين السلطات ، بينما بعض أصحاب الصوت العالي هنا ، من فرط الاستهانة بالدولة وحالة التسيب الطاغية فيها ، أصبحوا يدوسون على ذلك المبدأ بأحذيتهم ، ويهددون من يحترم هذا المبدأ أو يعمل وفقه ، وهذا ما يمكن فهمه من موقف المستشار أحمد الزند والشلة المحيطة به في نادي القضاة ، عندما أرغوا وأزبدوا وأعلنوا اعتراضهم على إقالة المستشار عادل عبد الحميد من وزارة العدل واختيار وزير جديد من الجماعة القضائية ، إذ أن المستشار أحمد الزند يعتبر نفسه الوالي العثماني على شؤون القضاء والعدالة في مصر ، فوق الدولة وكل أجهزتها وقياداتها ، ولا يمضي شأن من شؤون العدالة أو القضاء إلا بتوقيعه وإرادته ومشيئته ، والشخص الذي يعترض عليه لا يصح أن يكون وزيرا للعدل في مصر ، وأنه لا يصح ابتداءا أن يفكر رئيس الوزراء المكلف بمنصب وزير العدل قبل أن يعود إلى الزند ويستطلع رأيه ويحصل على بركاته ، هو يعتبر أن اختيار وزير العدل مثل اختيار وزير الدفاع لا يكون إلا عبر المجلس الأعلى لنادي القضاة ، مثل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، فأحمد الزند هاج وماج هو وحاشيته غضبا من قرار إقالة المستشار عادل عبد الحميد من وزارة العدل ، ضمن الوزراء الذين خرجوا مع حكومة الببلاوي المستقيلة ، الزند اعتبر أن إقالة عبد الحميد خط أحمر ، وأنه لا بد من عودته إلى منصبه فورا وبدون أي تلكؤ والاعتذار للمستشار محفوظ صابر وزير العدل الجديد . وفي خلفيات الموضوع أن الزند يخوض معركة مصير مع المستشار هشام جنينة ، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، ولا يطيق حتى ذكر اسمه أمامه ، وحرض مرارا وتكرارا على طرده من منصبه وعلى تحريك قضايا عديدة ضده الهدف منها صدور أي حكم بأي صيغة بما يسمح بإخراجه من قيادة الجهاز الرقابي الخطير الذي كشف عن فساد في مؤسسسة القضاء ذاتها ، ووصل الحال بالزند إلى حد أن طالب بإبعاد جنينه من المركزي للمحاسبات بأسرع وقت ممكن ، حسب كلامه ، وكانت تقارير الجهاز قد كشفت عن حصول وزير العدل المقال عادل عبد الحميد على حوالي مليون ونصف المليون جنيه من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بدون سند من القانون ، وأن هذه الأموال استمر يحصل عليها حتى وهو وزير رغم مخالفة ذلك الصريحة للقانون ، وعندما قرر النائب العام حفظ التحقيق مع الوزير طلب المستشار هشام جنينة الاطلاع على حيثيات الحفظ ، لأنه من غير المعقول في قضية رأي عام بهذا القدر من الخطورة يتم طيها في الكتمان ولأن الجهاز لا يعبث وقدم وثائق دامغة ، إضافة إلى أن النيابة ذاتها ورد ذكرها في الاتهامات المتعلقة بالفساد المالي والاستيلاء على أراضي الدولة بدون سند من القانون وإهدار مليارات الجنيهات على الخزانة العامة ، وهي القنبلة التي تفجرت ولا يعرف أحد مصيرها للآن ، والأخطر من ذلك أنه تم انتداب قاضي تحقيقات للتحقيق مع المستشار هشام جنينه ، وهو المستشار محمد شيرين فهمي ، وهو نفسه ممن ورد اسمهم ضمن قائمة المتورطين في الفساد ، فكيف يحقق مع من اتهمه بالفساد ، كيف يكون الخصم والحكم ، ولذلك تقدم جنينه بطلب رد قاضي التحقيق ، لأنه أصبح بينه وبينه خصومة ، وما زالت المسألة منظورة في دهاليز القضاء . الزند اعتبر أن إقالة عادل عبد الحميد تعطي الانطباع بأن اتهامات جنينه له حقيقية ، وأنه قد أحاطت به شبهات تستوجب إبعاده عن هذا المنصب الحساس ، وأن إقالته من الوزارة كانت بسبب ذلك ، ووزير العدل في رعاية وحماية أحمد الزند ، والحقيقة أن الاتهامات تستوجب بالفعل إبعاد عبد الحميد ، لأن الاتهامات لم توجه له من بعض المواطنين يجلسون على مقهى أو كافتيريا ، بل وجهت إليه من أعلى جهاز رقابي سيادي في الدولة ، مدعمة بالمستندات والوثائق الدامغة ، فكيف يبقى وزيرا وهو متهم بذلك من هذا الجهاز الرقابي الخطير ، الزند لم يعجبه الكلام ، وما زال يثير المعركة ، وحتى هذه الساعة لا نعرف ما إذا كان الزند سينتصر في معركته ضد الرئيس ورئيس الوزراء ويفرض إرادته وينتزع حق تعيين وزير العدل بحيث تصبح سابقة ، أم يسلم بالواقع ويكتفي بتسجيل الموقف الاحتجاجي ، سننظر غدا . almesryoongamal@gmail.com twitter: @GamalSultan1