/>

هناك فوارق بين الجيش والعسكر يجب ان يعرفها السيسى وابراهيم عيسى





فجأة تكهرب أو تسمر " تمسمر " إبراهيم عيسى وهو يستمع لرد السيسى  على سؤاله  بعبارة حاسمة وإسلوب حاد : لن اسمح لك أن تقول على الجيش المصرى عسكر.
 بالطبع لم يكن عيسى فى سؤاله  إعلاميا ومحاوراً بل جىء به ضمن " كورال " يصبح فيه نشازاً إذا خرج عن النص ، وهو أمر معروف خاصة وقت " المخلوع " عندما كان يبحث بعينيه عن الإعلامية هناء السمرى دن غيرها حتى لايفاجأ بسؤال لم يسبق له تلقن اجابته وحفظه صم.
ورغم هذا فاننا نوضح  - من  وجهة نظرنا – أن هناك فارقاً كبيراً بين الجيش والعسكر, وليس المقصود فى جميع الحالات أن العسكر هو الجيش أو الجيش هو العسكر
فالأمر ببساطة أن اللغة العربية لغة " حمالة " أى يمكن للكلمة أن تصرف أو تحمل أكثر من معنى ، وغنى عن البيان أن كلمة " حمالة " ذاتها لايقصد بها فى هذا المقام " الحمالة " التى يرتديها إبراهيم عيسى حتى لا"يتبحتر" كرشه ، وعليه أيضا إذا قيل " إبراهيم حمرا " فإن المعنى ينصرف إلى البرنامج الخليع الذى كان يقدمه واسمه " حمرا . حمرا " ولا ينصرف الذهن الى معنى أخر.
والأمثلة فى اللغة العربية كثيرة ومفترض أن يعرفها رجال الإعلام إذا كانت معايير الاختيار وفقا للموهبة والكفاءة وليست وفقا لمنح الأمن للحصول على الملايين مقابل أدوار معينة وتحويلهم الى رجال اعمال,
ومن الامثلة التى يحفل بها معلم ومنهل اللغة العربية الأول ومعجزتها وإعجازها وهو " القرأن الكريم " نجد كلمة "مولانا" تعنى سيدنا ، وفى موضع أخر تعنى الخادم ، وكلمة رب تعنى الله ، وفى موضع آخر تعنى صاحب الشيىء أو الرئيس فى العمل إلى آخر تصريفات اللغة ، ولذا فإن أى معنى لكلمة ينصرف على السياق التى قيلت فيه ، ووصولها الى ذهن المتلقى ,
وعليه إذا قيلت كلمة " الجيش " ينصرف المعنى الذى ينطبع فى ذهن المتلقى على الفور – الى أنه المؤسسة النظامية والتى من أول مهامها حماية البلاد من أى اعتداء وتضم جنود وضباط ولديها اسلحة وعتاد . . الخ.
أما العسكر ، فليس شرطا أنه يعنى الجيش فى كل الحالات ، وفى ظروفنا الحالية الذى ينطبع على الفور هو الأعمال المدنية لأشخاص خرجت من الحياة العسكرية الى الحياة المدنية ، أو هيئات وشركات تقوم باعمال مدنية ولكن لها تبعية ادارية إلى حد ما بالقوات المسلحة,
وبغير ذلك يصبح القول فى عبارة " عسكر فى المعسكر " أنها ليست فيلما بطولة علاء ولى الدين ، بل وحدة عسكرية تتناول ما يدور بها من أسرار عسكرية,
وعليه كانت الانتقادات التى يوجهها البعض أثناء فترة حكم المجلس العسكرى ، انتقادات لإمور مدنية لاعلاقة لها بالقوات المسلحة كتعريف محدد لجيش ، ونفس الأمر عندما يقال لا لعسكرة القضاء فان الامر ليس بهتانا أو تطاول على الجيش ، بل مطالبات بان يحاكم المواطن امام القاضى المدنى او ما يطلق عليه قاضيه الطبيعى.
وعليه يجب ان يكون واضحا وميسوراً أن قول أو وصف العسكر ليس فى كل الأحوال هو الجيش ، وأن هذا الفصل أمراً ضروريا حتى لا يربط كل مسئول الكلام او يسحب المعانى دون ضابط او رابط بما يشبه مد الحصانه وإرهاب المتحدث او المستمع .
واذكر انه فى عام 2010 وقبل ثورة يناير بشهور قليلة استضافت نقابة الصحفيين سيد مشعل والذى كان يشغل موقع وزير الانتاج الحربى ، و كانت المناسبة افتتاح معرض للسلع الكهربائية التى تنتجها المصانع وتبيعها للصحفيين باسعار مخفضة
وأثناء حوار الوزير مع الصحفيين تناول أحد الزملاء الخسائر التى تتعرض لها المصانع الحربية وأوجه الفساد ، فإذا بالوزير ينفعل قائلا : أنا ممكن اسجنك "
وهنا تكهرب الجو ، وطلبت الكلمة من الأستاذ مكرم محمد أحمد والذى كان يدير الحوار وصاحب دعوة الوزير ، وقلت : ان الأمر ببساطة أن الزميل الصحفى ينتقد المصانع الحربية بصفتها مصانع تنتج غسالات ومراوح وبوتجازات وهى السلع التى سنستهلكها ، وحتى فى حالة وجود انحرافات بالشركات فإن المعنى الواضح هو ما يتعلق بهذه المنتجات ، ولم يتناول الزميل من قريب أو بعيد منتجات المصانع الحربية الأساسية والموكل بها هدف انشاء هذه المصانع من اسلحة وصواريخ وغواصات وغيرها من العتاد  حتى يتحدث الوزير بلهجة عسكرية.
وبالفعل أخذ النقيب الخيط من الكلمة وهدأ الموقف الذى كاد ان ينقلب لانفجار باعتباره إهانة للصحفيين ، وعقد النقيب ما يشبه صلح بين الوزير والصحفى وللحق دون أن يحجر أو يطلب من الصحفى تناول ما يراه من انتقادات .
وتجدر الإشارة الى أنه بعد هذا اللقاء بأسابيع قليلة خاض مشعل الانتخابات ، ونال من الانتقادات ما يفوق الوصف ، واستمرت الانتقادات مع التزوير الواسع وغير المسبوق سواء فى دائرته بحلوان ، او على المستوى العام كأسوأ انتخابات برلمانية فى تاريخ مصر ، وربما كانت المسمار الاخير فى نعش نظام مبارك وسقوطه.
ولعل هذا الفارق بين الجيش والعسكر والخطأ فى تفرقة الحدود بينهما هو ما وصم الإعلامى " المهرج " باسم يوسف بان ما يؤديه يأتى وفقا لخطة ممنهجة لصالح العدو ، ووجهت هذه الانتقادات له عندما تناول موضوع التعاون العسكرى الروسى ، اذا قال اصحاب النقد انه يقصد الجيش عن عمد ، وضربوا المثل بان السخرية فى امريكا لا تطول الجيش حتى وقت الازمات مثل حرب العراق حتى لا تحبط الروح المعنوية للجنود.
فى كل الأحوال نؤكد أن التفرقة بين الجيش والعسكر موجودة وواضحة ، ولذا كانت الانتقادات لما اطلق عليه " عسكرة الوظائف الحكومية " وكان المقصود بها تولى  اصحاب الرتب من الجيش فور خروجهم من الخدمة لمعظم الوظائف المدنية بصورىة اقرب للسيطرة والاحتكار ، فتولوا رئاسة الشركات والهيئات ومناصب المحافظين وغيرها ، وتعرض هذه الجهات لخسائر و فشل لأن صاحب الخلفية العسكرية مؤهله الرئيسى الصرامه والحزم ، ولكن القواعد الاقتصادية والتعامل مع المواطنين لا تقوم على هذه المبادىء أو الصفات وحدها ، فكثير ما تطلب المرونة وهى لا تتنافى مع النزاهة ، فهل رؤساء الشركات وغيرهم فى هذه الحالة جيش أم عسكر ؟
وحتى بعيدا عن الأشخاص فإن الأعمال المدنية التى تقوم بها جهات تربطها علاقة ما بضباط سابقون ، أو جهات ، مثل شركة "وادى النيل للمقاولات "التى تقوم بترميم عشرات المواقع الاثرية ، فهل إذا أخطأت فى ترميم الآثار أو دمرتها تكون الانتقادات للجيش ؟
ولعل هذه الأمثلة هامة وضرورية وكانت وراء الاحتجاجات الواسعة عند صياغة الدستور الأخير ، بإضفاء حصانة لأى منشأة مدنية تابعة للقوات المسلحة بصورة ما ، لأنه فى هذه الحالة يصبح الخلاف مع عامل فى محطة وقود " وطنية " أو مع منظم فرح فى نادى تابع للقوات المسلحة أو حتى موظف " كارته " فى الطريق الصحراوى بعد إدارة جهات تابعة للقوات المسلحة لهذه الطرق تصبح "جريمة عسكرية" ، وهى أحوال – فى تقديرنا – لا تضيف للقوات المسلحة بل تستوجب إرجاعها إلى وضعها الصحيح للتفرقة بين ماهو للجيش وما هو مدنيا
فهمت يا ابراهيم ياحمرا


التعليقات
0 التعليقات