/>

جمال سلطان يكتب الأزمة أن مرسي ما زال متفوقا على السيسي !!







في اليوم الثالث ، وقبل الأخير ، للتصويت في انتخابات الرئاسة بالخارج هدأت الأصوات إلى حد كبير ، وبدأت اللجنة العليا للانتخابات تتنبه إلى الورطة التي وضعت نفسها فيها عندما تحولت في اليومين الماضيين إلى منصة ترويج لخطاب تحريضي ليس من دورها ويصمها بالانحياز وعدم الحيادية ، اختفت اللجنة اليوم تقريبا ، لم تعد تطلق بياناتها الصاخبة عن الإقبال غير المسبوق ، ولم تعد تنشغل بعقد مقارنات بين الانتخابات الحالية وبين الاستفتاء على الدستور الأخير ، حسنا ، والعقل زينة كما يقولون ، غير أن الملاحظة أيضا أن الهوس بالأرقام بدأ يخف كثيرا عند أنصار المشير عبد الفتاح السيسي وكبار الإعلاميين المؤيدين له الذين كانوا يمطروننا بالأخبار كل خمس دقائق عن الحشود الضخمة والأرقام المخيفة للتصويت ، في اليوم الثالث بدأت تلك الأصوات تختفي ، بينما مسؤولي وزارة الخارجية المصرية بح صوتهم من مناشدة المصريين بالخارج التوجه إلى صناديق الاقتراع ، كما أن العزيز السفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم الوزارة هو الأكثر حماسة لإطلاق الأرقام عن نسب التصويت كل ساعة تقريبا ، رغم أن معلوماتي أن هذا ليس شغل الوزارة ولا دخل لها فيه ، وإنما هي مسؤولية اللجنة العليا للانتخابات ، ولا توجد أي جهة رسمية أو غير رسمية مفوضة بالإعلان عن أي أرقام أو نسب أو بيانات متعلقة بسير عملية الانتخابات إلا اللجنة العليا ، ولذلك أدعو سعادة السفير إلى الهدوء والابتعاد عن هذا الصخب الإعلامي الذي لا يليق بمؤسسة لها احترامها مثل الخارجية المصرية .

الأرقام التي أعلنتها الخارجية حتى كتابة هذه السطور ، قبيل مغرب اليوم الثالث ، تقول أن الأصوات وصلت إلى مائتي ألف صوت انتخابي ، ولم يبق سوى يوم واحد ، هو يوم الغد ، وقد بدا أن اليومين السابقين استنزفا حضور المصريين بالخليج ، وهم الأكثر تصويتا عادة في أي استحقاق انتخابي ، فلم يعد هناك من رهان سوى على المصريين بالولايات المتحدة حيث يحشد أقباط المهجر بعصبية شديدة للتصويت كما وردت التقارير من هناك ، وأما في أوربا فالأعداد رمزية للغاية ، وهناك بلدان فيها المقاطعة واضحة مثل فرنسا ، ولعل هذا ما جعل كثيرا من المسؤولين المصريين يطلقون ما يشبه نداءات استغاثة من أجل التصويت ، وهناك توجهات للطلب من اللجنة العليا للانتخابات بمد فترة التصويت مدة أخرى ، وهو فعل فاضح إذا حدث ، لأن الاستحقاقات السابقة كانت على يومين ، وهذه المرة على أربعة أيام كاملة ، كما أنه سيكشف مدى المعاناة التي تعانيها الدولة "لجلب" ناخبين .

المشكلة التي تسبب إحراجا للجميع ، ولا يريدون الحديث عنها ، هي أن المقارنة بين التصويت الحالي والتصويت في انتخابات الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق السابقة من شأنها أن تعيد الاعتبار رمزيا للأول ، لأن انتخابات السيسي الحالية حتى الآن تكشف عن أن مرسي متفوق على السيسي بأكثر من مائة ألف صوت انتخابي ، لأن انتخابات مرسي كانت ثلاثمائة وعشرة آلاف صوت ، وكل آلة الدعاية الرسمية التي انشغلت بعقد المقارنات لإعطاء الانطباع عن حشود غير مسبوقة كانت تقارن دائما مع الاستفتاء الأخير ، ولكنها تتحاشى المقارنة المنطقية مع الانتخابات السابقة وليس الاستفتاء ، فالمقارنات حتى الآن لصالح مرسي ومحرجة للسيسي ، ولذلك هناك حالة جنون حقيقي من أجل ضخ المزيد من الأصوات بأي شكل حتى تصل إلى رقم مرسي على الأقل ، خاصة وأن النتائج حتى الآن تؤكد أن مسألة تجاوز ما حققه مرسي بفوارق ضخمة ستكون صعبة أو مستحيلة بدون تدخل "جراحي" .

الملاحظة الأخرى والمهمة في تصويت المصريين بالخارج هي غلبة كبار السن والنساء ، وضعف حضور الشباب ، وهي الملاحظة التي نقلها أكثر من تقرير عن أماكن انتخابية بدول مختلفة ، وهو ما يعيد السؤال المحرج الذي طرح بعد الاستفتاء على الدستور الأخير والذي يتهرب من الإجابة عليه المشير السيسي دائما : لماذا يقاطع الشباب الانتخابات ، ولماذا يديرون ظهرهم لهذه الاستحقاقات الخطيرة ، إذ أن تجربة السنوات الثلاث الماضية أكدت على أن "الصندوق" ليس وحده الذي يحكم مصر ، وأنه طالما بقي الشباب خارج المعادلة فإن الحراك الثوري في الشارع قد يفاجئ الجميع ويقلب الطاولة على الجميع ، ويعيد المسار إلى نقطة الصفر من جديد .








التعليقات
0 التعليقات