رضا العراقى
لا تزال تلعب أمريكا دور شرطى العالم من أجل أن تشبع غرور القوة لديها لتؤكد للعالم أنها الدولة
الوحيدة صاحبة اليد الطولى لمعاقبة من تراه عدوا لها، فإعلامها دوما ما يبحث عن البطل الذى يحقق
انتصارات لصالح أمريكا خارج حدود دولته، وقد سئمنا من الأفلام الأمريكية التى تركز على ذلك البطل
الذى يذهب يقتحم أوكارا ومعسكرات ويقتلهم جميعا ويستخلص الرهائن من ايدى أعداء أمريكا.
فقد كشف مصدر عن قيام قوة أمريكية باعتقال أحمد أبو ختالة قائد أحد الميليشيات الليبية، والمتهم
بقضية الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى والتى راح ضحيتها السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة
أمريكيين.. مبينا أن هذه العملية تمت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضى بالتنسيق بين الجيش الأمريكى
ومكتب التحقيقات الفيدرالى وأن أبو ختالة تم نقله إلى موقع خارج ليبيا، وكشف مسؤولون أمريكيون أن
أبو ختالة يخضع حاليا للاستجواب من قبل فريق من المحققين لمواجهة التهم حول هجوم بنغازى، وذلك
قبل ان يتم نقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تكن تلك الحالة الأولى التى أرصدها للقرصنة القوات الأمريكية وتعديها على سيادة الدول، فتقريبا فأنا
لها بالمرصاد لكشف دورها فى تعقب من تزعم أنه مدان من وجهة نظرها، ففى مقال نشرته فى 19 نوفمبر
2002 بصحيفة الجزيرة السعودية يرصد أول حالة أمركة الكرة الأرضية قاطبة واتساع مفهوم العولمة
الأمنية حدثت على أرض باكستان كانت هى الحالة الأغرب في العلاقات بين الدول، فقد قام "مير إيمال
كانسى" باكستانى الجنسية فى 25 يناير 1993 بفتح نيران سلاحه الآلي على باب مدخل وكالة المخابرات
الأمريكية فى ولاية فيرجينيا وقتل اثنين من موظفى الوكالة وهرب بعدها لمسقط رأسه باكستان متواريا في
بلدته عن أعين الامريكان ومحتميا بأهله ودولته، ظنا منه بتفكيره المحدود وفى ظل المفهوم القديم للأمن انه
فى مأمن عن ملاحقتهم، وبعد سلسلة من التحقيقات والتحريات توصلت المخابرات إلى شخصية الفاعل
وتحديد جنسته، ثم تعقبت تحركاته بعد سفره لباكستان وتمكنت من تحديد بلدته وأين يقطن؟ وفى
لحظة خاطفة هبطت طائرة تحمل رجالا من قوات المارينز في موقع قريب ثم اقتحمت مسكنه واقتادته من
بين اهله وجيرانه الى واشنطن، وتمت محاكمته وصدر عليه حكم بالإعدام وسط معارضة إسلامية شديدة
أبدت فيها سخطها ولعنتها على حالة التجاهل الأمريكية لسيادة الدول والاتفاقيات الأمنية وانتهاكها مجالاتها
دون إذن او حتى تنسيق مسبق وفى منتصف نوفمبر 2002 نفذ فيه الحكم.
لم تكن حالة "كانسى" هى الوحيدة لفرض الهيمنة الأمريكية على البسيطة بل كررت نفس التجربة بنفس
المواصفات وعلى تلك البقاع ، إذ شهد العالم أجمع الرئيس أوباما وهو يجلس مع أركان ادارته يطالعون
شاشة عرض تنقل إليهم على الهواء مباشرة عملية اقتحام مسكن رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن
ومقتله ونقل جثمانه الى الولايات المتحدة والقائها فى البحر .
وشملت الأمركة بقاع كثيرة ودول عديدة تجلت بوضوح في البوسنة والهرسك وكوسوفو وشاركت في الاطاحة
بأنظمة مناوئة لها من خلال تسويق نظرية الفوضى الخلاقة في القارات الثلاثة اوروبا وآسيا وافريقيا وجارتها
أمريكيا الجنوبية ووصل بها التبجح الى الذهاب واختطاف الرئيس البمني مانويل نورييجا من قصر الرئاسة
والزج به داخل السجون الأمريكية.
حادث اختطاف أحمد أبو ختالة استدعى تلك الأحداث وساقنا الى اجترار الذكريات المؤلمة لبيان تثبيت واقع
الهيمنة الأمريكية على العالم مثلما قتلت القيادى فى تنظيم القاعدة باليمن أنور العولقى فى غارة جوية
لطائرة أمريكية بدون طيار في جنوب اليمن، رغم ان العولقي ولد في نيومكسيكو، وكان يعمل بالوعظ فى
مسجد فرجينيا قبل أن يغادر الولايات المتحدة إلى اليمن ليصبح وجهاً معروفا من وجوه القاعدة في جزيرة
العرب، فى هذا الحادث لم يكن المحتجون عليها هم المسلمين وحدهم، بل شاركهم الرفض والاستنكار
والشجب الشعب الأمريكى نفسه باعتبار العولقي مواطناً أمريكياً لا يجوز اغتياله دون محاكمة وتحقيق.
ذلك الحادث ذكرنى بنصيحة خالصة أسداها لي صحفي سعودي لفرط حبه لي وقت اقامتي بالمملكة"ابعد
عن انتقاد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية ومعها اسرائيل، لقدرتها على اختطافك
من بيننا ولن يعترض عليهم أحد ولن يجرؤ أن يوقف مساعهم مسئول في خطفك الى واشنطن ومحاكمتك
هناك".
إلى هذه الدرجة تمكنت الآلة الإعلامية الامريكية الجبارة من تسويق مفهوم اليد الطولي الامريكية التي تطول
أي شخص او نظام لن ترضى عنه أو يناوئ سياستها وتمكنت من اقناع ساسة ونخب بقدرة الأمن القومي
الامريكي الذى يبلغ مداه أطراف الأرض وقلبها، وقدرته على تطبيق القانون الأمريكي على سكان الأرض وما
يحدث حاليا من اختراقات لسيادة الدول إلا واقع تريد فرضه الإدارة الامريكية على الجميع.
ينساق أحمد أبو ختالة إلى طريق المحاكمة فى الولايات المتحدة ولم أسمع صوتا واحدا يعترض على القرصنة
الأمريكية وخطف ليبيى من أحضان أسرته، فإذا كانت أمريكا زرعت عملائها ليكون رؤساء على الشعوب
العربية، فهل اشترت سكوت كل الشعوب العربية أيضا؟ فقد شهدت محاكمة "مير إيمال كانسى" باكستانى
الجنسية معارضة إسلامية شديدة وقتها.. فلماذا يصمت العرب على العدوان الأمريكى لسيادة الدول
العربية؟
اختطاف أبوختالة هو اختطاف للأمة كلها، وإياكم من التبريرات التى لن تخفى الحقيقة الدامغة.
الوحيدة صاحبة اليد الطولى لمعاقبة من تراه عدوا لها، فإعلامها دوما ما يبحث عن البطل الذى يحقق
انتصارات لصالح أمريكا خارج حدود دولته، وقد سئمنا من الأفلام الأمريكية التى تركز على ذلك البطل
الذى يذهب يقتحم أوكارا ومعسكرات ويقتلهم جميعا ويستخلص الرهائن من ايدى أعداء أمريكا.
فقد كشف مصدر عن قيام قوة أمريكية باعتقال أحمد أبو ختالة قائد أحد الميليشيات الليبية، والمتهم
بقضية الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى والتى راح ضحيتها السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة
أمريكيين.. مبينا أن هذه العملية تمت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضى بالتنسيق بين الجيش الأمريكى
ومكتب التحقيقات الفيدرالى وأن أبو ختالة تم نقله إلى موقع خارج ليبيا، وكشف مسؤولون أمريكيون أن
أبو ختالة يخضع حاليا للاستجواب من قبل فريق من المحققين لمواجهة التهم حول هجوم بنغازى، وذلك
قبل ان يتم نقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تكن تلك الحالة الأولى التى أرصدها للقرصنة القوات الأمريكية وتعديها على سيادة الدول، فتقريبا فأنا
لها بالمرصاد لكشف دورها فى تعقب من تزعم أنه مدان من وجهة نظرها، ففى مقال نشرته فى 19 نوفمبر
2002 بصحيفة الجزيرة السعودية يرصد أول حالة أمركة الكرة الأرضية قاطبة واتساع مفهوم العولمة
الأمنية حدثت على أرض باكستان كانت هى الحالة الأغرب في العلاقات بين الدول، فقد قام "مير إيمال
كانسى" باكستانى الجنسية فى 25 يناير 1993 بفتح نيران سلاحه الآلي على باب مدخل وكالة المخابرات
الأمريكية فى ولاية فيرجينيا وقتل اثنين من موظفى الوكالة وهرب بعدها لمسقط رأسه باكستان متواريا في
بلدته عن أعين الامريكان ومحتميا بأهله ودولته، ظنا منه بتفكيره المحدود وفى ظل المفهوم القديم للأمن انه
فى مأمن عن ملاحقتهم، وبعد سلسلة من التحقيقات والتحريات توصلت المخابرات إلى شخصية الفاعل
وتحديد جنسته، ثم تعقبت تحركاته بعد سفره لباكستان وتمكنت من تحديد بلدته وأين يقطن؟ وفى
لحظة خاطفة هبطت طائرة تحمل رجالا من قوات المارينز في موقع قريب ثم اقتحمت مسكنه واقتادته من
بين اهله وجيرانه الى واشنطن، وتمت محاكمته وصدر عليه حكم بالإعدام وسط معارضة إسلامية شديدة
أبدت فيها سخطها ولعنتها على حالة التجاهل الأمريكية لسيادة الدول والاتفاقيات الأمنية وانتهاكها مجالاتها
دون إذن او حتى تنسيق مسبق وفى منتصف نوفمبر 2002 نفذ فيه الحكم.
لم تكن حالة "كانسى" هى الوحيدة لفرض الهيمنة الأمريكية على البسيطة بل كررت نفس التجربة بنفس
المواصفات وعلى تلك البقاع ، إذ شهد العالم أجمع الرئيس أوباما وهو يجلس مع أركان ادارته يطالعون
شاشة عرض تنقل إليهم على الهواء مباشرة عملية اقتحام مسكن رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن
ومقتله ونقل جثمانه الى الولايات المتحدة والقائها فى البحر .
وشملت الأمركة بقاع كثيرة ودول عديدة تجلت بوضوح في البوسنة والهرسك وكوسوفو وشاركت في الاطاحة
بأنظمة مناوئة لها من خلال تسويق نظرية الفوضى الخلاقة في القارات الثلاثة اوروبا وآسيا وافريقيا وجارتها
أمريكيا الجنوبية ووصل بها التبجح الى الذهاب واختطاف الرئيس البمني مانويل نورييجا من قصر الرئاسة
والزج به داخل السجون الأمريكية.
حادث اختطاف أحمد أبو ختالة استدعى تلك الأحداث وساقنا الى اجترار الذكريات المؤلمة لبيان تثبيت واقع
الهيمنة الأمريكية على العالم مثلما قتلت القيادى فى تنظيم القاعدة باليمن أنور العولقى فى غارة جوية
لطائرة أمريكية بدون طيار في جنوب اليمن، رغم ان العولقي ولد في نيومكسيكو، وكان يعمل بالوعظ فى
مسجد فرجينيا قبل أن يغادر الولايات المتحدة إلى اليمن ليصبح وجهاً معروفا من وجوه القاعدة في جزيرة
العرب، فى هذا الحادث لم يكن المحتجون عليها هم المسلمين وحدهم، بل شاركهم الرفض والاستنكار
والشجب الشعب الأمريكى نفسه باعتبار العولقي مواطناً أمريكياً لا يجوز اغتياله دون محاكمة وتحقيق.
ذلك الحادث ذكرنى بنصيحة خالصة أسداها لي صحفي سعودي لفرط حبه لي وقت اقامتي بالمملكة"ابعد
عن انتقاد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية ومعها اسرائيل، لقدرتها على اختطافك
من بيننا ولن يعترض عليهم أحد ولن يجرؤ أن يوقف مساعهم مسئول في خطفك الى واشنطن ومحاكمتك
هناك".
إلى هذه الدرجة تمكنت الآلة الإعلامية الامريكية الجبارة من تسويق مفهوم اليد الطولي الامريكية التي تطول
أي شخص او نظام لن ترضى عنه أو يناوئ سياستها وتمكنت من اقناع ساسة ونخب بقدرة الأمن القومي
الامريكي الذى يبلغ مداه أطراف الأرض وقلبها، وقدرته على تطبيق القانون الأمريكي على سكان الأرض وما
يحدث حاليا من اختراقات لسيادة الدول إلا واقع تريد فرضه الإدارة الامريكية على الجميع.
ينساق أحمد أبو ختالة إلى طريق المحاكمة فى الولايات المتحدة ولم أسمع صوتا واحدا يعترض على القرصنة
الأمريكية وخطف ليبيى من أحضان أسرته، فإذا كانت أمريكا زرعت عملائها ليكون رؤساء على الشعوب
العربية، فهل اشترت سكوت كل الشعوب العربية أيضا؟ فقد شهدت محاكمة "مير إيمال كانسى" باكستانى
الجنسية معارضة إسلامية شديدة وقتها.. فلماذا يصمت العرب على العدوان الأمريكى لسيادة الدول
العربية؟
اختطاف أبوختالة هو اختطاف للأمة كلها، وإياكم من التبريرات التى لن تخفى الحقيقة الدامغة.