/>

يريدون حرق مصر في حرب داخل ليبيا !… بقلم :عامرعبد المنعم











لا أجد تبريرا مقنعا لحملة التحريض التي نشاهدها في الإعلام المصري ضد ليبيا، ولا أفهم بأي منطق تصدر التصريحات التي تهدد وتتوعد بدخول مصر في حرب داخل ليبيا بزعم حماية الأمن القومي المصري.

كل من هب ودب يتحدث عن الأمن القومي حتى أصبح مفهوم الأمن في أذهان البعض هو محاربة المسلمين والتحالف مع الإسرائيليين كما رأيناه في العدوان الصهيوني على غزة‬.
كنت أظن أن هذا التحريض ضد ليبيا مجرد مواقف سياسية وقتية من البعض، لا يجب أن تؤخذ بجدية، وأن حالة العداء خاصة من الحكم الحالي والإعلام التابع له للثوار في ليبيا مجرد إعلان موقف بسبب ضغط الوضع الداخلي في مصر‬، لكن مع تصاعد التصريحات التي تدعو للتدخل العسكري في ليبيا من مستويات عليا في السلطة رأيت أن ألفت الانتباه إلى بعض الحقائق عسى أن تفيد في وقف هذا الاندفاع الذي تقف خلفه قوى لا تريد الخير لمصر.

بهذا الصدد يجب إدراك الآتي:
1- يعيش في ‫‏ليبيا‬ ما يتراوح بين 1.5 :2 مليون مصري وهذا من اكبر التجمعات المصرية خارج مصر.
2- أقلية من المصريين هي التي تريد العودة بينما الأغلبية باقية هناك واستقرت بهم الحياة وسط إخوانهم الليبيين.
3- الذين يطالبون بعودة المصريين هل استعدوا لاستقبال هذا العدد الضخم بكل ما يعنيه وما يمثله وكيف؟ وقد رأينا العجز الحكومي عن مجرد توفير وسائل عودة لمن أراد من المصريين مغادرة ليبيا.
4-التحريض ضد الثوار الليبيين من سياسيين وإعلاميين حرق للمراكب وتضحية بمصالح الشعب المصري والعلاقة الأبدية بين الشعبين الشقيقين.
5- ما يحدث في ليبيا شأن داخلي بين الليبيين فهل من الصواب أن تحشر مصر نفسها في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل. وإذكر هنا أن مصر في الصراع السوداني بين الجنوب والشمال التزمت الحياد وتركت الجنوب ينفصل ولم تنحاز للشمال رغم ما بيننا من روابط وبررت ذلك بالحفاظ على مصالح مصر,
6- لعبة الانقلاب في ليبيا انتهت وتم دحر حفتر وميليشياته أمام كتائب الثوار من كل المدن الليبية في عملية فجر ليبيا‬ التي انضمت لها كل مجالس المدن الليبية، فلماذا الرهان على الطرف الخاسر ؟
7- الكلام عن التدخل العسكري في ليبيا من بعض السياسيين والمتنفذين في السلطة الحالية هو هدف صهيوني لتفكيك الجيش المصري وتدميره في حرب حرام لن يحقق فيها هدفا مشروعا. فلو دخل المصريون ليبيا فما هو التبرير وما هو التفسير؟
هل هو غزو ؟ وهل تغزو دولة عربية مسلمة دولة عربية مسلمة أخرى؟
هل هو احتلال ؟ فهل يحتل مسلمون أراضي مسلمين؟
هل هو عدوان ؟ وهل يعتدي مسلمون على مسلمين؟
هل يريدون أن تحكم مصر ليبيا أو شرق ليبيا؟ وهل هذا ممكن؟
8- يجب استيعاب ما يحدث حولنا. فالبعض كان يتوهم أن مصر تستطيع تصدير نموذج (30 يونيو / 3 يوليو ) للبلاد حولها ولا يرون أن هذا النموذج غير قابل للتصدير، وقد فشل في غزة، وفشل في ليبيا مع دحر حفتر وميليشياته في بنغازي‬ وشرق ليبيا وفي ‫‏طرابلس ‬و الغرب الليبي.
9-هل فكر الذين يريدون غزو ليبيا في تبعات هذا التدخل لو حدث؟ هل ينتظرون أن يستقبلهم الليبيون بالورود؟ هل استعدوا لهذا؟ وهل سيجدوا من يقاتل معهم في الحروب الحرام ؟
10- هل يعلم هؤلاء الذين يدقون طبول الحرب أن قبائل “أولاد على” التي تسكن غرب مصر من العلمين وحتى السلوم أبناء عمومتهم هم الذين يعيشون في ليبيا من الناحية الأخرى، وهم قبيلة واحدة ويرتبطون معا بعلاقات مصاهرة ونسب. وفي ثورة ليبيا ضد القذافي استضاف أولاد_على‬ في مطروح والمنطقة الغربية قبائل ليبيا في تأكيد عملي على العلاقات القوية بينهم. فهل ستقبل هذه القبائل بالعدوان على جزء منها؟
11- الأوربيون وحلف الناتو بكل ما معهم من أسلحة خافوا من النزول على الأرض في ليبيا فمن هذا الذي يستطيع الدخول إلى هذه الأرض التي أحرقت جيش القذافي القوي القبلي المسلح إبن هذه الأرض.
12- أمريكا بعد ما رأته في العراق وأفغانستان نأت بنفسها عن التدخل في ليبيا أثناء الثورة، واخترعت مبدأ “القيادة من الخلف” وتركت المهمة للناتو، ومنذ أيام بعد سيطرة الثوار على الأرض في طرابلس وبنغازي، واتضاح الصورة، وهي حسم المعركة وسيطرة الثوار واندحار المجموعات الميليشياوية التي ليس لها جذور في التربة الليبية، أخلى الأمريكيون سفارتهم وأخرجوا كل الأمريكيين، وكذلك فعلت بريطانيا والسفارات الغربية. فإذا كانت الدول الغربية التي لديها الدافع العدائي تجاه المسلمين ابتعدت فهل هناك عاقل يفكر في مجرد الدخول؟
13-قد يقول قائل إن التدخل لمواجهة الإرهاب. والعرب والمسلمون يعلمون أن هذا الشعار الصهيوني يعني محاربة الإسلام وهذه معركة وهمية خاسرة، وعليهم أن يتعلموا من أمريكا وكل جيوش الغرب التي دخلت العراق وأفغانستان بذات الحجة وذات الذريعة وهي مكافحة الإرهاب فخسرت كل شيء. خسرت عسكريا وتم سحق جيشها على أيدي مقاومة بإمكانات بسيطة لا تقارن بما في أيدي الثوار الليبيين الآن.
اقرأ:

 إضغط هنـــــــــــــــا

ودمرت الحرب اقتصاد أمريكا وخسرتها 6 تريليون دولار تكلفة العمليات العسكرية وانتهي حلمها الإمبراطوري.

إن التحريض على التدخل العسكري في ليبيا، حتى لو كان مجرد تهديدات كلامية في الهواء يضر بمصالح الشعب المصري ولا يفيده، ويفتقد الشعور بالمسئولية تجاه المصريين الذين يعيشون في ليبيا وسط أهلهم، وتحميلهم بشكل سلبي بمواقف سياسية خاطئة لا تبالي بهم ولا بمصيرهم.
وإذا كان التحريض لدخول الجيش المصري ليبيا جديا فهذا يعني أننا أمام حالة من الجنون غير مسبوقة، تصب لصالح دوائر صهيونية تريد توريط مصر والزج بها في معركة ضد أمتها العربية والإسلامية، بل وضد نفسها ومصالحها لتفكيك الجيش وتدميره.
الذين يريدون فتح جبهة قتال في غرب مصر مع الشعب الليبي الشقيق يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ولا يدركون تبعات مثل هذه التصرفات، التي سترتد على مصر سلبا بنتائج كارثية.

نؤدي واجبنا ونكرر التحذير من الدوائر الصهيونية التي قتلت جنودنا في رفح لفتح جبهة قتال واستنزاف جيشنا وشعبنا في سيناء في حرب حرام ليس لها نهاية، وحدث لها ما أرادت، وهذه الدوائر هي ذاتها التي تضغط الآن لفتح جبهة قتال مع ليبيا للقضاء على قوة مصر وتدميرها.




التعليقات
0 التعليقات