في العام 1978 خرج المهندس "محمد الأمين رجب أحمد" من قرية الشيخ هارون في بني سويف قاصدا الكويت للعمل ، حيث عمل في العام التالي مباشرة مديرا فنيا في شركة المجموعة المشتركة للمقاولات، والتي تنامى عملها حتى العام 2005، وانتهى به المطاف إلى شراء حصة من أسهم الشركة تبلغ نصف أسهمها المدرجة في بورصة الكويت ويملك النصف الباقي رجال أعمال سوريون من "آل المعروف"، وفي السنوات الأخيرة قبل الثورة تقرب الرجل من منصور عامر، رجل الأعمال المعروف وأحد أخلص رجال أحمد عز وموضع ثقة صفوت الشريف وزكريا عزمي، ونجح في شراء حصة في عامر جروب ثم أصبح عضوا في مجلس إدارتها ، وبعد الثورة مباشرة قرر تركيز كل نشاطه التجاري إلى القاهرة ، لأسباب لا تزال مجهولة ، وحدث تحول جذري في نشاطه المالي ، أيضا لأسباب مجهولة ، حيث تحول من خبراته السابقة كرجل مقاولات وخبير عقاري إلى العمل في مجال بيزنس الإعلام ، بدون أي سابق خبرة أو إنذار ، حيث بدأ يعرض أموالا ضخمة من أجل شراء كيانات إعلامية قائمة بالفعل ، بأي ثمن ، المهم أن يتم تحول المال إلى ممتلكات جديدة وأسهم وأصول ، وبسرعة ، وخاصة في مجال الإعلام ، فاستحوذ على مجموعة قنوات مودرن ، ودفع ما يقرب من مائة مليون جنيه ، كما أسس مجموعة قنوات سي بي سي بتدفق مالي خرافي وصل إلى مائتي مليون جنيه ، ثم قاتل حتى اشترى مجموعة قنوات النهار بالكامل تقريبا ، وعرض على عدد من مقدمي البرامج أموالا طائلة من أجل امتلاك خدماتهم ، فنجح في التأثير على بعضهم فتركوا قنوات لم يعملوا فيها أكثر من شهرين لكي ينتقلوا إليه ، لأن العرض كان لا يقاوم ، ولكن بعض مقدمات البرامج الشهيرات رفضن العرض لأسباب تتعلق بتداخل مصالح عائلية وأسرية ، كما حرص على شراء خدمات عدد من رؤساء تحرير الصحف اليومية والأسبوعية وخصص لكل منهم برنامجا يقدمه بمقابل مالي ضخم جدا ، ثم بدأ في ضخ عشرات الملايين من الجنيهات من أجل تأسيس صحف جديدة ، منها صحيفة ربما تصدر خلال أسابيع قليلة بإمكانيات هائلة ، لدرجة أنه اشترى أسطولا من سيارات النقل من أجل خدمة حركة توزيع الصحيفة رغم أنه سيتعاقد حتما مع مؤسسة قومية كبيرة، كما اشترى خدمات رئيس تحرير صحيفة يومية خاصة قائمة بمقابل مالي يعادل ثلاثة أضعاف راتبه الذي كان يتقاضاه في صحيفته رغم أنه كان راتبا ضخما في حد ذاته، والصفقة في طريقها للاكتمال الآن ولا يعوقها إلا الاحتجاج على نقل "فريق العمل" لأنه يعرض الصحيفة السابقة للاضطراب، كذلك أسس شركة كبيرة للاستحواذ على سوق الإعلان أو مساحة واسعة منه، إضافة إلى شراء حصة كبيرة من موقع الكتروني شهير، إضافة إلى تدشين العمل في تأسيس ما يشبه وكالة أنباء خاصة عبر شبكة الانترنت بإمكانيات لم تألفها مصر من قبل.
ظهور محمد الأمين كان متوافقا مع بدء انسحاب أشرف صفوت الشريف من سوق الميديا ـ أو بالأدق من واجهة سوق الميديا ـ بالتدريج، بعد أن طالته الاتهامات بأنه يعمل لحساب آخرين، وأن علاقات أبيه المحبوس حاليا في طرة ليست بعيدة عن هذا التدفق المالي، وكثرت التساؤلات عن المال الذي يضخ في شبكة إعلامية متداخلة وعنكبوتية، غير أن الغياب التدريجي والهادئ لنجل صفوت الشريف من سوق الميديا لم ينه الأسئلة عن مصدر المال الهائل الذي يضخ الآن باندفاع مذهل لشراء صحف وقنوات فضائية ومواقع الكترونية وشركات دعاية وإعلان بما يشبه تشكيل حلقة حصار متكالمة للسيطرة على عقول المصريين الآن، كل ما حدث أن التساؤلات عن "أصحاب هذا المال" انتقلت من ابن صفوت الشريف إلى الوافد الغامض الجديد، محمد الأمين، وهي مسألة معقدة وتحتاج إلى إطار أوسع للصورة، ربما عدنا إليه في الأيام المقبلة.