/>

د. أحمد عبد الحليم المستشار بوكالة الطاقة الذرية فى حوار صريح مع "المصريون"..إيران وإسرائيل نجحا فى استقطاب علماء الذرة من روسيا أما نحن فقد استقطبنا الراقصات






أجرى الحوار : أسامة عقبى ورجب محمد   |  12-01-2012 14:28

شعور متناقض انتابنا فور إجراء الحوار مع الدكتور/ أحمد عبد الحليم، المستشار بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكبير مفتشى الوكالة الدولية سابقاً، شعور بالفرح لأننا نملك مثل هذه الكفاءات والخبرات العلمية فى مصر.

وآخر بالحزن والصدمة لأننا نهملها ولا نعرف كيفية الاستفادة منها فى حل مشاكلنا التى تصدعنا بها الحكومات وكأنه لا يجد حلولا لها.

وبالرغم من ذلك نجدهم يعرضون المساعدة والمبادرات الشخصية ولكن من الواضح أن التجاهل سيظل ملازمًا لهم لنظل نعيش فى النفق المظلم ولا نرتقى للمكانة التى نستحقها بين الشعوب.

فى حواره مع "المصريون" تحدث د./ أحمد عبد الحليم بكل صراحة وشفافية فعلى هامش حوارنا معه وضح التأثر الشديد عليه حينما تحدث عن التخصص المفقود فى مصر وتضارب الهيئات القائمة مع أنه يمكن ضمها فى كيان واحد وضرب مثلاً بهيئة المحطات النووية والمواد النووية والطاقة مع أنها يجب دمجها فى هيئة المحطات النووية ولكن كيف وأين تذهب الكراسى وإرضاء الأشخاص بالمناصب على حساب الوطن؟!

- كما أكد أن مصر لا تمتلك قنبلة نووية، وأشار إلى أنها تحتاج لإجراءات وتدابير خاصة فى حالة تملكها لها وهى ما لا تملكه مصر ولا التكنولوجيا الخاصة بها.

كما أنه تعجب بشدة من اهتمامنا بالهجوم على الأشخاص والتقليل منهم دون سبب حقيقى بهدف إبعادهم من الحياة السياسية وضرب مثالاً بما يحدث مع «الدكتور البرادعى» وما يقال عنه إنه عميل مع وقوفه ضد أمريكا ومحاولته إثبات عدم تملك العراق لأسلحة نووية لكن أمريكا كانت هتضرب هتضرب.

- وغضب بشدة حينما تحدث عن المشروعات الكبرى مثل السد العالى، وأنه لم نستطع تكرارها حتى الآن بالرغم من امتلاكنا العقول، وقد أشار لمشروع الدكتور/ فاروق الباز الذى أهُمل ووضع فى الأدراج.

أردنا التعرف على «الصندوق الأسود» بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ومكانتنا بين دول العالم فى مجال الطاقة النووية وكيفية استفادة مصر منه والإجابة عن كثير من التساؤلات التى تؤرق المواطن ولا يجد إجابات عنها خاصة فيما يتعلق بإيران وإسرائيل والهند وباكستان وموقفنا النووى وهل نملك سلاحًا نوويًا ولماذا تعطل مشروعنا النووى وما يتعلق بموقع الضبعة ومفاعل أنشاص وغيرها من الأسئلة!!

- كيف ترى مصر؟!

البلاد مرت بثلاث مراحل أقصاها كانت من ٢٥ يناير حتى ١١ فبراير حيث شاهدنا توحدًا فى الرأى والتيارات السياسية ، فالكل اجتمع على هدف واحد هو «مصر»، لكننا نجد أنفسنا الآن فى صراعات ونتعامل مع بعضنا البعض على أننا أعداء لا أحد يرغب أن يستمع لرأى غيره.

فمن الأسباب القوية التى أدت لتطور اليابان بالشكل الذى نراه أن الكل هناك يبحث عن الدولة «المواطن همه الأول والأخير اليابان» لذا يجب البعد عن الصراعات والمصالح والتوجه نحو مصر.

- ما رأيك فى التعليم والبحث العلمى فى مصر الفترة الماضية؟

لم يوجد ميزة علمية واحدة طيلة الثلاثين عاماً الماضية يكفى أن أضرب لكم مثالا يدل على مدى التخبط فى التخطيط والتفكير لا يوجد دولة فى العالم يقع على أرضها ١٢ جامعة تتبع دول خارجية سوى مصر وما يتبعه من اختلاف أنماط التفكير والاتجاهات والانتماء، بالإضافة إلى إنه لا يوجد بحث علمى فيجب أن يكون هناك مسئول للبحث العلمى فالتخصص مفقود بمعنى الجهات متداخلة مع بعضها، بالإضافة لذلك لا يوجد بلد فى العالم يهمل علماءه مثل مصر فللأسف لم يتم الاستفادة من الخبراء والتواصل معهم بمعامل وقطع أراضٍ لإجراء الأبحاث وليست مجرد دعوات لإعداد أوراق توضع فى الأدراج.

- ما رأيك فى أداء المجلس العسكرى؟!

أرى أن المجلس أدى أقصى ما هو معلوم لديه ولكن - فى رأيى - كان يجب إجراء الدستور أولاً ثم بعد ذلك الانتخابات، ونملك الكثير من جهابذة القانون الدستورى مثل د. ثروت بدوى، وإبراهيم درويش، وعاطف البنا، وغيرهم الكثير. فإذا ما جاءوا بدستور ٧١ وعالجوا المشاكل الموجودة به لكان أفضل كثيراً، ولكن جرى الوضع على ما هو معروف وحدثت الانتخابات وبإذن الله تكتمل بقية مراحل خطة انتقال السلطة على خير.

- ولكن ما تعليقك على اختيار الجنزورى لتشكيل الحكومة فى الوقت الذى كان يطالب التحرير بالبرادعى؟!

بلا شك الجنزورى يملك خبرة سياسية ولكن المشكلة فى السن.

والبرادعى من ناحيته يملك رؤية أمنية واقتصادية حيث إنه رجل تعامل بمبدأ « يحاسب ويتحاسب والثواب والعقاب» ومواصفات وظيفية مناسبة نتيجة عمله فى منظومة كبرى مثل وكالة الطاقة الذرية.

- وأيهما ترى الأصلح للمرحلة الحالية؟

كلاهما جيد ولكن الجنزورى خبرته السياسية تمكنه من قيادة المرحلة الحرجة ولكن مع ضرورة هيكلة الداخلية وإدخال عناصر جديدة من الحقوق، والاقتصاد والعلوم السياسية وإعطائهم فرصة لتحقيق الأمن وفق القانون وحقوق الإنسان حتى يتغير نمط التعامل مع المواطن ويشعر بأنه جاء لخدمته.

- كيف نستطيع وضع حلول علمية لمشاكلنا ونستفيد من خبرة العلماء المصريين أمثالك؟!

هناك دعوة وجهتها نقابة الصحفيين لتشكيل لجنة تضم العلماء والخبراء فى شتى المجالات لدراسة مشاكل مصر والتفكير العلمى فيها وأعتقد أنه يجب قيام نقابتى المهندسين والعلميين بنفس الدور فعلينا الجلوس أولاً لوضع مشاكل مصر فى سلة واحدة ثم بعدها نحاول إيجاد أولويات للحل ثم نضع خطة نستطيع من خلالها تنفيذ الحلول على أرض الواقع ولكن يجب تعيين اللجنة من قبل مجلس الوزراء لضمان سرعة التنفيذ وعدم وضع العراقيل داخل الوزارات المعنية.

- ننتقل لموضوع الطاقة النووية بما أنك خبير كيف ترى أهميتها بالنسبة لمصر؟!

الطاقة النووية ضرورية جداً حيث إنه من خلالها نستطيع تحلية مياه البحر وتوليد الكهرباء بصورة كبيرة مما يساعد على إنشاء المصانع وإحداث نهضة زراعية أيضا من خلالها.

- وهل هناك مانع فى امتلاكها؟!

لا يوجد مانع ولكن أيضا لا يوجد دافع قوى وهناك تعطيل للخبرات، بالإضافة إلى أنها غير كافية ولا نهتم بها.

- وثائق ويكيليكس أشارت إلى أن مصر كانت تخطط لإنشاء مفاعل نووى سلمى عام ٢٠٢٠ ثم تتبعها بثلاثة مفاعلات عام ٢٠٢٥ ما صحة هذا الأمر ؟!

الأمر صحيح حيث كان مخططاً أن يستغرق المفاعل الأول من ٤ إلى ٥ سنوات، والضبعة مكان صالح جداً لذلك، وكان هناك تفكير فى طرح كراسة شروط ولكن المشروع توقف. وكان من المفترض الاستفادة من الخبرات الأمريكية فى هذا الشأن.

ولماذا أمريكا بالذات؟!

أمريكا تملك ٦٠٠٠ رأس نووى، لذا فهى تملك أعلى تكنولوجيا فى العالم للمحطات النووية ومعها روسيا والصين، بالإضافة لفرنسا ولكن الأخيرة تغالى فى تكلفة الإنشاء.

- لكن ما سمعناه حينها أن هناك اعتراضات من البعض كما أن إسرائيل رفضت المشروع؟!

شىء طبيعى لأنها لا تريدك أن تملك التكنولوجيا النووية، والغريب فى الأمر أنه ليس لها حق فى الرفض أو التعليق على أى دولة فى العالم خاصة أنها لم توقع على اتفاقية «NBT» الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية ولا«A.B» الخاصة بالبروتوكول الإضافى الذى يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية التفتيش فى أى مكان فى أى دولة موقعة، وبالتالى ليس لها الحق فى التعليق أو الرفض لأى دولة.

- لكن لماذا لا يتم التفتيش على إسرائيل كما سبق والتعامل معها كما تم التعمل مع العراق وليبيا وغيرها من الدول العربية؟!

لأن إسرائيل كما سبق وقلت غير موقعة على الاتفاقية، وبالتالى ليس لنا حق التفتيش عليها ولكن مصر موقعة والعراق والدول العربية موقعة.

- هل وقعت مصر على الاتفاقيتين؟!

لا، مصر وقعت على الاتفاقية الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية فقط وترفض التوقيع على الأمر الإضافى حتى توقع إسرائيل وهذا حقها.

- ولكن ماذا تقول فى الاتهامات الموجهة إلى وكالة الطاقة الذرية أنها تتبع سياسة الكيل بمكيالين مع الدول؟

أؤيد ذلك بشدة خاصة أن هناك ٦ دول نووية هى التى تسمح بالتفتيش على المفاعلات التى تحددها وليس الوكالة وهو أمر سيئ بالطبع .

- وماذا عن الهند وباكستان؟!

غير موقعتين على اتفاقية منع الانتشار النووى فالهند تمتلك ١٥ مفاعلا نوويا، وباكستان ٤ مفاعلات.

- ولكن لماذا وقعت مصر على الاتفاقية؟!

لا أعلم خاصة أن الوكالة لا تطلب التوقيع على الاتفاقية فنحن وقعنا بدون أى مراجعة ولا مميزات أو حوافز سياسية تدفعنا لكى نفعل ذلك.

- بخصوص أسلحة الدمار الشامل يقال إن السلاح النووى هو سلاح الدول الغنية أما الدول الفقيرة فسلاحها الرادع هو «الكيماوى والجرثومى» هل يمكن أن يكون هذا السلاح رادعًا للنووى؟!

فى البداية توجد اتفاقية لمنع انتشار الأسلحة الجرثومية والكيماوية، ومن ناحية أخرى لا يمكننا مقارنة السلاح النووى بغيره، فلا توجد أسلحة تواجه النووى.

- فترة انهيار الاتحاد السوفيتى أفادت العديد من الدول خاصة فى مجال الخبرات النووية السوفيتية وهناك من اشترى "نووى" فماذا عن استفادة مصر من ذلك؟!

للأسف الشديد إيران وإسرائيل أكثر من استفاد من هذه الفترة فقد استقطبا علماء الذرة أما نحن فقد نجحنا فى استقطاب الراقصات.

- كما أن إيران استطاعت بتملك التكنولوجيا أن تحول اليورانيوم الطبيعى لماء ثقيل وخفيف من ٣.٥ إلى ٥٪ ووصلت حالياً لـ ٢٠٪ أى أنها طورت أجهزة الطرد.

- معنى ذلك إيران نجحت فى تصنيع قنبلة نووية؟!

لا لم تصنعها حتى الآن، ولكنها امتلكت التكنولوجيا اللازمة لأن القنبلة النووية تحتاج إلى ٩٠٪ ويمكن أن تصل لها خلال عام.

- ولكن أمريكا هددت بنسف مشروعها وتوجيه ضربة قاصمة لها؟

أمريكا من الممكن أن تؤجل أو تعطل ولكن لا تستطيع نسف المشروع لأن إيران امتلكت بالفعل التكنولوجيا اللازمة لصنع القنبلة، ومثال ذلك ألمانيا التى ضربت فى الحرب العالمية الثانية ولكنها استطاعت تصنيع القنبلة بعد ذلك لأنها امتلكت التكنولوجية.

- تردد أن إيران عرضت المساعدة على مصر فى هذا الشأن وإمدادها بالخبرة اللازمة؟

هذا الكلام غير صحيح نهائيًا لأن كل المعلومات التى تملكها إيران يمكن امتلاكها بسهولة إذا ما توافرت الإمكانيات والإرادة الحقيقية.

- أشعر من كلامك أنه لم يكن لدينا إرادة حقيقية؟!

«بالفعل» لم يكن لدينا إرادة لامتلاك القنبلة النووية والتكنولوجيا اللازمة لها.

- ولكن النظام السابق كان دائما ما يتباهى بمفاعل إنشاص فما رأيكم فيه؟!

مفاعل إنشاص قدرته ٢ جيجا، ومن الأفضل أن يتم تكهينه وتحويله للتدريب لتكون بداية حقيقية وجادة لإقامة المفاعلات النووية فهو يستخدم لاستخراج النظائر المشعة وللأسف لا ننجح فى تسويقها حيث إن الإنتاج العالمى منها قليل خاصة مع غلق العديد من المصانع الهولندية والكندية ونحن عندما نتحدث عن مفاعل قدرته ٢ ميجاوات فيجب أن نذكر أن المفاعلات فى الخارج قدرتها ٢٢ ميجاوات. فهل عرفت الفرق؟!!

- ما قدرة المحطة النووية وتكلفتها وفترة إنشائها؟!

من١٠٠٠ إلى ١٦٠٠ ميجاوات وتصل تكلفتها لـ ٤ مليارات جنيه كما أنها تحتاج ما بين ٥ و٧ سنوات فى الإنشاء.

- ولكن هل يمكن أن تبدأ مصر بمفاعلات صغيرة؟!

ياريت نحن لا نحتاج للمفاعلات الكبيرة الآن ولكننا نحتاج لمفاعلات تولد ما بين ٢٠٠ و٣٠٠ ميجاوات تصلح فى المناطق معدومة الخدمات مثل الصحراء حيث نستطيع من خلالها إنشاء شبكة كهربائية وتحلية مياه البحر، إضافة إلى الاستخدامات الطبية عن طريق الأقراص المشعة والكثير من الاستخدامات التى تسهم فى نهضة زراعية - صناعية كبرى.

توليت منصبًا دوليًا رفيعًا فهل استفادت مصر من هذا المنصب؟

أرغب فى مساعدة بلادى ولست بمفردى فى هذا الشأن بل كثير مثلى من الخبراء فى المجالات المختلفة ولكن لا أحد يسأل فينا لذا نقوم بمبادرات شخصية، فحالياً مشغولون بمشروع بكليتى العلوم والهندسة جامعة القاهرة حيث نقوم بإنشاء مركز للثقافة النووية بـ ٦ أكتوبر.

- هل من الممكن أن تلقى لنا الضوء عليه؟!

هذا المركز نستطيع من خلاله التعرف كيفية التعامل مع النظائر المشعة ففى مصر جهات كثيرة تستورد نظائر مشعة ويفترض أن تبلغ بها الوكالة الدولية حتى لا تضر الأفراد حيث إن تلك النظائر يكون لها عمر افتراضى وطرق معينة فى التأمين حتى لا يتعرض تخزينها أو استخدامها لمشاكل خطيرة مثل الأمراض السرطانية وغيرها من الأمراض التى تؤثر على حياة الإنسان ولكن للأسف مصر لا توجد بها قاعدة بيانات خاصة بتلك النظائر لذا نقوم حالياً بالاتصال بجميع الجهات التى تستخدم نظائر مشعة حتى نثقفهم ونعلمهم كيفية التعامل معها والتخلص منها بعد نهاية عمرها الافتراضى حتى لا تتعرض حياة الأفراد للخطر «مثل ما حدث للعائلة السكندرية التى اكتشفت جسمًا مشعًا ولم تكن تعلم التعامل الأمثل معه فأصيبت بالسرطان للأسف الشديد».

لذا أرى أن تثقيف المصريين نووياً سيساعد فى استخدام المصدر المشع فى حل كثير من المشاكل الخاصة بالزراعة مثل الميكروبات فى صوامع القمح وتحسين طرق التخزين، ومد أنابيب البترول، واللحام الخاصة بها.

أى أننا ننشئ قاعدة بيانات ستكون البداية الحقيقية للتثقيف النووى فى مصر وسنحاول تعميمها فى جامعات مصر.

- لماذا لا تتعاون مع دكتور / أحمد زويل فى جامعته التكنولوجية؟!

لا أمانع ولكن يوجد تعارض فى أن الدكتور زويل يهتم بنانو تكنولوجى وميكروبيولوجى أى بالتطبيقات التى يحتاجها العالم الخارجى ويمكن تصديرها لهم.

أما نحن فمهتمون بالتطبيقات التى نحتاجها فى مصر وكيفية استخدامها وتطويعها لتعود بالنفع علينا لحل مشاكلنا وتصلح لاستخدامها من قبل أناس كثيرة.

- أخيراً فى رأيك من يصلح لرئاسة مصر؟!

بكل وضوح أرشح د. محمد سليم العوا لأنه رجل يملك رؤية وعلاقات دولية ونحن فى أمس الحاجة لذلك حالياً.






التعليقات
0 التعليقات