كتبت - جهان مصطفى | 22-01-2012 15:16
يبدو أن انتقام حركة طالبان من فضيحة تبول جنود "المارينز" على جثث قتلاها لم يتأخر كثيرا، حيث لقي ستة جنود أمريكيين مصرعهم إثر سقوط مروحيتهم في 19 يناير في إقليم هيلمند بجنوب غرب أفغانستان.
ورغم أن مسئولا أمريكيا زعم في تصريحات لوكالة "فرانس برس" أن المروحية وهي من نوع "سي اتش-53 " سقطت نتيجة خلل فني، إلا أن مصادر حلف الناتو رجحت سقوطها بنيران طالبان، مشيرة إلى أن القتلى في الحادث من جنود المشاة البحرية الأمريكية "المارينز".
ومن جانبها، أعلنت حركة طالبان مسئوليتها عن إسقاط الطائرة في شمال إقليم هيلمند، الذي يعتبر المعقل الرئيسي لها، وتتواجد فيه قبيلة البشتون التي ينتمي إليها معظم أنصارها، بل ولم تستبعد الحركة أن يكون عدد القتلى الأمريكيين أكبر بكثير، بالنظر إلى أن المروحية مخصصة لنقل الجنود وتتسع لأربعين شخصا.
ولعل ما يدعم صحة تصريحات طالبان حول إسقاط المروحية، هو أن الحادث لم يكن الأول من نوعه في الشهور الأخيرة، حيث أسقطت الحركة أيضا مروحية أمريكية من نوع شينوك في أغسطس الماضي، ما أدى حينها إلى مقتل 33 جنديا أمريكيا بينهم 22 من عناصر وحدة "نايفي سيلس" للنخبة والتي قامت باغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية خاصة بباكستان في مايو 2011.
ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تنفست الصعداء بموافقة طالبان مؤخرا على فتح مكتب تمثيل لها في قطر لإجراء محادثات مع الغرب حول إنهاء الصراع في أفغانستان، إلا أن انتهاكات "المارينز" والجنود البريطانيين في الأيام الأخيرة شككت في احتمال نجاح هذا الأمر، بل ورجحت أيضا أن الأسوأ مازال بانتظار قوات الناتو في أفغانستان.
ففي 19 يناير، كشفت صحيفة "ذي صن" البريطانية عن اعتقال جنديين من الشرطة العسكرية الملكية على خلفية اتهامات بتحرشهما جنسيا بطفلين أفغانيين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الدفاع البريطانية القول إن الجنديين تحرشا بطفلين في حوالي العاشرة من العمر وقاما بتصوير تصرفاتهما معهما.
وعلى الفور، وصف الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في بيان له سلوك الجنديين البريطانيين بأنه "غير أخلاقي"، قائلا :" نشعر باشمئزاز بالغ لتصاعد الحوادث ذات الطابع غير الأخلاقي مؤخرا بين الجنود الأجانب، والذي من الواضح أنه يقوض ثقة الرأي العام وتعاون الشعب الأفغاني مع القوات الأجنبية".
وبالنظر إلى أن الحادث السابق جاء بعد أسبوع فقط من بث تسجيل مصور على الإنترنت يظهر جنودا من مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" وهم يتبولون على جثث عناصر من حركة طالبان، فقد تصاعدت حدة الغضب الشعبي في أفغانستان.
بل وجاء الانتقام من قوات الناتو سريعا، حيث أسقطت طالبان المروحية الأمريكية، كما قام جندي أفغاني في 20 يناير وبعد ساعات قليلة من الحادث السابق بقتل أربعة جنود فرنسيين وإصابة 17 آخرين في وادي تاغاب بإقليم كابيسا في شرق أفغانستان، ليرتفع عدد الجنود الفرنسيين الذين قتلوا هناك منذ عام 2001 إلى 82.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أمنية في كابول القول إن جنديا أفغانيا فتح نيران سلاحه على مجموعة من الجنود الفرنسيين في قاعدة عسكرية مشتركة تضم قوات أفغانية وأخرى من القوات الدولية للمساعدة في تثبيت الأمن والاستقرار في أفغانستان "إيساف" التي يقودها حلف الناتو، ما أدى إلى مقتل أربعة منهم وإصابة 17 آخرين.
وأضافت المصادر السابقة أن الحادث وقع في قاعدة "غوام" في منطقة تاجاب بولاية كابيسا، حيث يتمركز الجزء الأكبر من القوات الفرنسية، وأشارت إلى أنه تم القبض على منفذ الهجوم ويدعى عبد الصبور، قائلة :" إن الجنود الفرنسيين لم يكونوا مسلحين وكانوا يشاركون في تدريب رياضي".
واللافت إلى الانتباه أن الحادث السابق لم يكن الأول من نوعه في تلك المنطقة التي يتسلل إليها عناصر طالبان ويوجد فيها وادي تقب، حيث قتل عنصران فرنسيان برصاص جندي أفغاني في ولاية كابيسا أيضا في 29 ديسمبر الماضي.
وبالنظر إلى أن الهجمات السابقة تهدد فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية في إبريل المقبل، فقد سارع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للتلويح بانسحاب مبكر لقوات بلاده من أفغانستان قبل الموعد المقرر لانسحاب جنود الناتو في 2014، كما أعلن تعليق عملياتها هناك.
وقال ساركوزي :"نحن أصدقاء للشعب الأفغاني، لكن لا أقبل أن يطلق جنود أفغان النار على قواتنا"، مشيرا إلى أن وزير الدفاع جيرار لونغيه ورئيس هيئة أركان الجيوش الأميرال ادوار غييو توجها على الفور إلى أفغانستان.
وتابع ساركوزي الذي كان يتحدث أمام الدبلوماسيين الفرنسيين بمناسبة تقديم التهاني بالعام الجديد "كل عمليات التدريب والمساعدة على القتال التي يقوم بها الجيش الفرنسي علقت، إذا لم تحدد الظروف الأمنية بوضوح فسنطرح حينئذ مسألة انسحاب مبكر لقواتنا من أفغانستان".
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن بلاده ستطلب من الجيش الأفغاني "ضمانات موثوقة" حول طرق تجنيد عناصره، وذلك بعد تزايد التقارير حول تغلغل طالبان بداخله.
وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن هزيمة الناتو في أفغانستان باتت حقيقة مؤكدة، ولذا حاول أوباما في الفترة الأخيرة إقناع طالبان بالحوار لوقف نزيف خسائره هناك والتي تهدد بقوة فرصه في الفوز بولاية ثانية.