عدوان غزة موجه إلى مصر
قامـت (إسرائيل) باغتيال المجاهد زهير القيسى، الأمين العام للجان المقاومة الشعبية ومخطِط عملية أسر جلعاد شاليط، فاستشهد هو ورفيقه المجاهد محمود الحننى الأسير المُحَرَّر فى صفقة تبادل الأسرى، فرد المجاهدون الفلسطينيون (كما هو متوقع) بإطلاق عدد من الصواريخ على إسرائيل التى شنت عدوانًا جديدًا على غزة أسقط 26 شهيدًا غير المصابين.
وكانت أبرز التصريحات (الإسرائيلية) المعبرة عن الأهداف الحقيقية وراء العدوان ما قاله "موشى يعالون" نائب رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير الشئون الإستراتيجية بأن (جولة التصعيد الحالية أثبتت فشل نظرية أن الوضع الجديد فى مصر المنبثق عن الثورة يكبل يد إسرائيل فى قطاع غزة)
ليرسل بذلك للجميع وعلى رأسهم مصر، رسالة واضحة لا تحتمل التأويل. رسالة تهديد وتحدٍ وجس نبض واختبار نوايا للثورة المصرية.
فهم يريدون بهذا العدوان توجيه ذات الاستجواب الذى وجهته لنا، ألف مرة, الوفود الأمريكية المتتالية منذ قيام الثورة ألا وهو: هل ستلتزمون بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية؟
ورغم أن إجابات الجميع (للأسف الشديد) جاءت بالإيجاب الذى كاد يقترن بالقسم، بأننا والله العظيم ثلاثة سنلتزم .. سنلتزم ، إلا أنه من الواضح أنهم لم يطمئنوا إلى الإجابات النظرية التى تلقوها من كل الأطراف، فقرروا أن يحصلوا على إجابة عملية على أرض الواقع. و جاءنا استجوابهم هذه المرة محمولاً على جثامين شهدائنا الكرام فى فلسطين.
وهو ليس نهجًا إسرائيليًا جديدًا، بل كان هذا هو أسلوبهم على الدوام: فعلوها من قبل مع نظام السادات / مبارك ومع آخرين. فلقد وُضِعَت مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، تحت اختبارات قاسية لمعرفة حقيقة نواياها وللتأكد من تخليها تمامًا عن اتفاقيات الدفاع العربى المشترك لصالح إسرائيل، وتم اختبارها ثلاث مرات على الأقل:
المرة الأولى تمت مع الاجتياحات الإسرائيلية للبنان عام 1978 فيما سمى بعملية الليطانى.
والثانية تمت فى ضرب المفاعل النووى العراقى فى يونيو 1981.
أما الاختبار الثالث فتم أثناء الاجتياح الإسرائيلى الأكبر والأخطر للبنان عام 1982فيما عرف بسلام الجليل.
ولما نجح النظام المصرى فى الاختبارات الثلاثة والتزم الصمت تمامًا، أعطته الولايات المتحدة شهادة حسن سير وسلوك وقبلت به عضوًا عاملاً ونشيطًا فى الحظيرة الأمريكية.
ومن يومها لم يخرج منها أبدًا، فأثبت ولاءه الكامل للأمريكان ولإسرائيل فى مناسبات متعددة: مثل حرب تحرير الكويت 1990/1991 ومقاومة (الإرهاب) واحتلال أفغانستان 2001 والعراق 2003 وحرب لبنان 2006 وحرب غزة 2008/2009 ثم حصارها، وأخيرًا تقسيم السودان وغيره الكثير.
***
والآن وانتخابات الرئاسة وتسليم السلطة باتت على الأبواب، فإنه من الواضح أن الأمريكان والصهاينة لم يتخذوا بعد قرارهم النهائى بشأن ما يحدث فى مصر، هل يباركونه أم يحاولون إجهاضه؟ فقاموا بالعدوان الأخير على غزة لإحراج القوى الجديدة فى مصر واختبار حقيقة نواياها تجاه إسرائيل.
وحتى لا يكون هناك أى مجال للشك فى أهداف هذا العدوان، أعلن (يعالون) ما أعلنه، فى انتظار رد الفعل المصرى.
والسؤال الآن هو هل ستنتصر قوى الثورة لفلسطين؟ أم ستنتصر بقايا نظام مبارك لأمن إسرائيل؟.
وهل سنقف ذات الموقف الوطنى الذى وقفناه فى عدوان 2008 حين كنا فى المعارضة؟ أم أن السلطة غيرتنا؟
سنرى