جهان مصطفى | 18-03-2012 18:19
يبدو أن المخاطر التي تحيط بالثورة اليمنية لن تقف عند حدود تزايد نفوذ تنظيم القاعدة ومحاولة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح العودة للسلطة بشكل أو بآخر، وإنما امتدت أيضا لتشمل تهديدات أرخبيل سقطرى بالانفصال عن صنعاء.
ففي 17 مارس، كشفت تقارير صحفية أن أرخبيل سقطرى اليمني، الذي يضم أربع جزر ويتبع إداريا محافظة حضرموت في جنوب البلاد، يتجه إلى إقامة حكم ذاتي موسع، تمهيدا للاستقلال عن اليمن.
ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن مصادر يمنية القول إن أبناء جزر سقطرى عقدوا مؤتمرا بحضور رؤساء وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والمجالس والائتلافات ومنظمات المجتمع المدني والمشايخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية للخروج برؤية سياسية وإدارية موحدة لمستقبل الجزر الأربعة.
وأضافت المصادر ذاتها أن المشاركين في المؤتمر اتفقوا على ثماني نقاط هي: أن جزر سقطرى تطالب بمكون إداري يحظى بصلاحيات كاملة تشريعية، وتنفيذية، وقضائية ويعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات واعتماد الديمقراطية في التداول على السلطة ويحظى هذا المكون بصلاحية سن القوانين بما يكفل له حفظ الخصوصية الثقافية والبيئية والتاريخية والاجتماعية والجغرافية للجزر وممارسة السيادة على نطاقه الجغرافي برا وبحرا وجوا.
كما تضمنت النقاط الثماني أنه من حق هذا المكون الإداري رسم السياسات الاقتصادية والإدارية بما يضمن الرقي الاجتماعي والمعيشي لسكان جزر سقطرى والتفاوض والتعاقد واستلام المنح والهبات مباشرة من المانحين داخليا وخارجيا وضمان حصول جزر سقطرى على التمثيل والمشاركة في إدارة مؤسسات الدولة الاتحادية وضمان حق أبناء سقطرى في إدارة جزرهم وجميع مؤسساتها.
ويالنظر إلى أن جزر سقطرى اليمنية هي إحدى أكبر الجزر في المنطقة العربية وتتمتع بطبيعة خلابة وموقع استراتيجي في مدخل البحر ويدخل إليها قرابة العشرة ملايين سائح سنويا من جميع الجنسيات، فقد حذر كثيرون من أن التطور السابق يشكل خطورة بالغة على وحدة اليمن، خاصة في ظل التقارير المتزايدة حول تحول تلك الجزر لقاعدة عسكرية أمريكية.
ففي 24 أكتوبر 2010 ، أكد الخبير الاستراتيجي المصري اللواء الدكتور عبد الحليم المحجوب في ندوة عقدها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة تحت عنوان "تحديات الأمن القومي العربي" أن جزر سقطرى اليمنية أصبحت قاعدة عسكرية جوية ضخمة للجيش الأمريكي، رابطا بين هذا التواجد الأمريكي غير المعلن في الجزر اليمنية والمطامع الإسرائيلية منذ السبعينيات للسيطرة على جزر البحر الأحمر في الجنوب بمساعدة إثيوبيا للتحكم في الملاحة البحرية وإمدادات البترول والتأثير على قناة السويس.
وحذر المحجوب حينها من أن الانتشار الأمريكي المتزايد في المنطقة وأطماع تل أبيب المتكررة تهدد الأمن القومي برمته، وشدد على أن اليمن بحكم موقعه الاستراتيجي المطل على الممرات الملاحية بالبحر الأحمر يجعله مطمعاً دائماً لكل من تل أبيب وواشنطن لفرض نفوذهما على المنطقة، داعيا القادة والزعماء العرب إلى أن يضعوا التهديدات المحيطة بأمن البحر الأحمر نصب أعينهم، خاصة الطموح الصهيوني المتزايد للسيطرة عليه.
وفي 25 فبراير الماضي، أكدت شبكة "يو بي آي" الإخبارية العالمية وصول قوات أمريكية إلى جزر سقطرى اليمنية، استعدادا لنزاع مسلح مع إيران.
كما نشرت مجلة "الأيكونوميست" البريطانية في فبراير الماضي أيضا معلومات عن وصول آلاف من الجنود الأمريكيين إلى جزر سقطرى اليمنية، وجزيرة مصيرة العمانية، التي تطل على مضيق هرمز .
ورغم مسارعة وزارة الدفاع اليمنية حينها لنفي الأنباء التي نشرتها مجلة "الأيكونوميست" عن انتشار آلاف من الجنود الأمريكيين في جزر سقطرى، إلا أن وكالة "رويترز" أكدت هي الأخرى وجود العديد من العناصر الأمنية والعسكرية الأمريكية على الأراضي اليمنية.
بل وهناك من لم يستبعد أن يكون انتشار القوات الأمريكية غير المعلن في جزر سقطري يأتي في إطار خطة مشتركة بين واشنطن والرئيس اليمني المخلوع على عبد الله صالح لضمان عودته للسلطة مستقبلا.
ففي 29 فبراير الماضي، نفى عبده الجندي الناطق باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح ما تردد بشأن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية على جزر سقطرى اليمنية، مؤكدا أن هذه الأنباء عارية تماما من الصحة وأن جزر سقطرى يمنية ومن يعيش عليها مواطنون يمنيون.
وقال الجندى حينها خلال مؤتمر صحفي عقده في صنعاء:"أمريكا ليست فى حاجة إلى إقامة قاعدة عسكرية على جزر سقطرى لأن لديها قاعدة فى قطر، كما أن أساطيلها تجوب العالم والبحار من أقصاها إلى أقصاها دون عائق".
وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن هناك مؤامرة بدأت تتضح معالمها وتستهدف تمزيق اليمن وإجهاض ثورته، بل وفتح الباب على مصراعيه أمام التغلغل الأمريكي والإسرائيلي غير المعلن في أراضيه، ولذا لا بديل عن التزام ثوار ساحات التغيير الحذر واليقظة للحفاظ على وحدة بلادهم. |
|