/>

ديباجة دستور الانقلاب تعمدت تغييب هوية مصر الإسلامية




أثارت ديباجة الدستور، حفيظة عدد من المحللين والسياسيين وقالوا إن هذا الأمر كان طبيعيًا في ظل وجود الشاعر سيد حجاب على رأس اللجنة المصغرة التي صاغت الديباجة.
وكان حجاب هو الذي قالها صراحة في تصريح مسجل له بالفيديو في بداية عمل اللجنة، إن الحديث عن هوية الدولة في الدستور قضية مضحكة، وأن هوية الدولة المصرية معروفة منذ آلاف السنين، وقال عن المادة 219 بدستور 2012، إنها مادة طائفية، والحديث عنها حديث عبثي، واصفًا إياها بالمشبوهة.
وذكر أن تلك المادة مقصود بها تحويل مصر من بلد إسلامي إلي بلد سني، بما يتيح للمتآمرين علي الوطن أن يدخلونا في الصراع السني الشيعي، وذلك يخدم الأمن الاسرائيلي.
هكذا كان رأي حجاب، وهو اعتبره البعض أنه انعكس على ديباجة الدستور التي خالفت في صياغتها، الصياغات المعتادة، ووصفوها بأنها إنشائية وجاءت في مجملها مهلهلة في العديد من مضامينها.
وأشار مراقبون إلى أن من صاغها أراد أن يؤصل لرؤيته الغربية لمنظور الدولة، وهو ما كان واضحًا في ذكر رموز محددة، وحقب تاريخية بعينها مع تجاهل فترات تاريخية أخرى لمصر، وعلى رأسها التاريخ الإسلامي لمصر بالكامل.
ففي نص ديباجة دستور لجنة الخمسين، جاء ذكر تاريخ مصر الفرعوني، كما جاء بالفقرة "في مطلع التاريخ، لاح فجر الضمير الإنساني وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام، فاتحدت إرادتهم الخيرة، وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياة المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة، وتطلعت قلوبهم إلى السماء قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاثة".
وجاء ذكر أنبياء الديانات السماوية الثلاثة بشكل مختصر في ثلاثة أسطر عن "كليم الله" و"آلاف الشهداء دفاعًا عن كنيسة السيد المسيح و"خاتم المرسلين الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق"، وتجاهلت بشكل واضح الحديث عن تاريخ مصر الحديث.
وانتقلت "الخمسين" في الديباجة إلى الحديث عن العصر الحديث مباشرة، وقام بذكر كل من تبنى فكرة استيراد شكل الدولة الحديثة من أوروبا منذ وقت محمد علي، حيث جاء بالديباجة "وفى العصر الحديث، استنارت العقول، وبلغت الإنسانية رُشدها، وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم، رافعة رايات الحرية والمساواة، وأسس محمد على الدولة المصرية الحديثة، وعمادها جيش وطني".
وقامت الخمسين بذكر رموز وطنية أمثال "أحمد عرابي ومصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول ومصطفى النحاس وطلعت حرب وجمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات".
وما جاء بالديباجة لم يكن وليد الصدفة، حيث تم النص في مواد هذا الدستور في المادة (227): "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة"، تلك المادة التي تم المطالبة بإلغائها حين كان التوجه داخل الخمسين بوضع المادة المفسرة بالديباجة، ولكن حين الاكتفاء بذكر الإشارة إلى مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا، دون ذكر نص الأحكام.
تغييب التاريخ الإسلامي
 وتعليقًا على هذا السرد التاريخي، قال د.رأفت محمد محمد النبراوي، أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن تجاهل وقصور لجنة الخمسين، لسرد حقب تاريخية في الديباجة يغيب تاريخ وهوية مصر الإسلامية، وتعد جريمة في حق هذا الوطن، مضيفًا: "واهم من يحاول طمس هذا التاريخ، وتغيير هوية هذا الوطن".
وأوضح النبراوي، في تصريحات خاصة، أنه كان على اللجنة عدم سرد التاريخ المصري بشكل انتقائي، مضيفًا أن عدم وجود أحد المتخصصين في التاريخ أوقعهم في وهم أن لديهم إمكانية لطمس تاريخ مصر الإسلامي.
وحول فكرة أن لجنة الخمسين قامت بذكر الفترات التاريخية التي كانت تعبر عن دولة مصرية مستقلة، أوضح النبراوي أن هذا تضليل لهذا التاريخ الذي ذكر، وتشويه للتاريخ الإسلامي، فمحمد علي مؤسس الدولة الحديثة، لم يكن مصريًا بالأساس، وفي المقابل كانت مصر صاحبة شخصية مستقلة على مدار التاريخ الإسلامي.
 وتابع: "كيف لا يذكر قائد غيَر في تاريخ العلاقة بين الغرب والشرق، مثل صلاح الدين الأيوبي، والذي صنع هذا التاريخ من مصر، وكذلك سيف الدين قظز ودوره في محاربة التتار والفترات التي واجهت بها مصر الحملات الصليبية".
وذكر أن الأمر لم يقتصر على دور مصر في اللحظات المفصلية من التاريخ الإسلامي، بل وشهدت تلك الفترة مراحل تاريخية مستقلة، مثل دولة أحمد بن طولون والدولة الإخشيدية، والدولة الفاطمية.

التعليقات
0 التعليقات