أكد المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن إصدار قانون منع التظاهر في ذات الوقت الذى تعد فيه لجنة الخمسين نظامها الدستوري المرتقب للبلاد ليس مصادفة، مبينًا أن هذا القانون هو الذى سيمنع أية قوة شعبية من أن يكون لها أي دور فعال في التأثير على مؤسسات الدستور المرتقب.
وقال في دراسة له بعنوان " قانون منع المظاهرات ودلالته الدستورية فى النظام السياسى لمصر" نشرتها جريدة الشروق المصرية أن ما سينص عليه هذا الدستور من كلام وأقوال تتعلق بحقوق الشعب وحرياته، ستصير مجرد ألفاظ بلا دلالة حكمية واقعية، وتكون محض حديث يفتقد أية قوة فعلية يمكن عند اللزوم أن تصون الفاعلية الواقعية لمواد الدستور.
وأضاف البشري أن قانون منع التظاهر ناتج الطبيعى للانقلاب العسكرى الذى جرى فى 3 يوليو 2013 - قائلاً: إن توقيت إصدار هذا القانون وما قد يليه مما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب، لم يرد مصادفة ولا كان مجرد رد فعل للمظاهرات التى تجرى فى مصر منذ وقوع الانقلاب العسكرى المذكور، على حد قوله_،.
وتابع أن ما حدث في 3 يوليو انقلابا عسكريا، ليس موجها ضد الإخوان المسلمين فحسب ولا ضد تيار سياسى محدد فقط، ولكنه انقلاب وجه ضد الديمقراطية وضد ثورة 25 يناير التى لم يكن لها هدف مجمع عليه إلا الديمقراطية. وانه انقلاب تستعيد به قوى الاستبداد سيطرتها على الحكم وتعمل على هدم كل ما جرى لتشييده من ابنية ونظم ديمقراطية تقضى على الاستبداد وقواعده السياسية والتنظيمية.
وأشار إلى أن من أساليب السلطة المستبدة فى التاريخ المصرى، انها فى فترات الإعداد للدساتير بعد قيام الثورات، تعمل على ازهاق روح الثورة قبل أن يعد الدستور الناتج عن الثورة، وذلك بالحيلولة دون احتمال ان يقوم حراك شعبى جماهيرى منظم، يهدد من جديد عودتها كنظام استبداد للسيطرة على مفاتيح السلطة ومقدراتها، على حد تعبيره.
ونوه البشري إلى أن لجنة إعداد الدستور كانت لجنة معينة لا منتخبة، فلا تمت لحراك شعبى بأى سبب، حتى يمكنها السيطرة على صياغة أحكام الدستور بما يمنع من سد نوافذ عودتها للاستبداد بالحكم من جديد.
كما وصف النظام الحكام الآن بالمستبد من خلال إصداره مجموعة من القوانين تزهق روح ما عسى ان يرد بالدستور من أحكام تتعلق بالحريات الشعبية وبحقوق المواطنين وبما يكون لهم من حصانات ومناعات ضد الاستعباد، وذلك بإصدار قوانين تقيد الحراك الشعبى وتعوق حراكه عن الاحتشاد والتجمع والاعتصام والتظاهر والاحتجاج والتنظيم فى هيئات أهلية.
وأضاف البشري أن النظام الحالي استغل اضطراب الحكم فى أول تشكيل سياسى عقب العمل بدستور 2012، ليقفز إلى السلطة ويسيطر، مضيفًا أن النظام استغل الظروف ليلقى بالدستور بعيدا، وليسلب الشعب حقه فى التغيير السياسى بطريق الانتخاب، فتقرر التغيير بطريق الانقلاب.
وبين البشري أن التغيير السياسى يتعين أن يكون بإرادة الشعب بطريق الانتخاب وليس بفعل قوى الاستبداد بطريق الانقلاب، قائلاً: "المسألة ليست مسألة حكم الإخوان المسلمين الذى يمكن أن يتغير بالانتخاب وتعدل أوضاعه بذلك، ولكنها مسألة الديمقراطية التى أراد أن يقضى عليها انقلاب 3 يوليو 2013".
واختتم البشري أن قانون التظاهر العام ليس مجرد قانون يصدر ليواجه مظاهرات، أنه صلب العمل الدستورى الذى يراد وضعه وتقريره الآن ليجرد الشعب من صميم قدرته على الحركة ليمسك زمام أمور بلده بنفسه. أنه جزء من صميم العدوان على ثورة 25 يناير.