/>

مشروع اختطاف إقليم قناة السويس ! جمال سلطان







ذهب اليوم الدكتور حازم الببلاوي ، رئيس الوزراء "المؤقت" وعدد من وزرائه "المؤقتين" ومعهم مجموعة من قادة القوات المسلحة للإسماعيلية لتدشين مشروع تنمية إقليم قناة السويس ، حيث تم طرح كراسة الشروط كما قيل ، وواضح أن هناك عجلة شديدة في إنفاذ هذا المشروع الكبير والتاريخي ، والجدير بالذكر أن هذا المشروع كان قد أعلن عنه الرئيس المعزول محمد مرسي وأراد إنفاذه فقامت ضجة كبيرة واتهامات لا حصر لها ببيع البلد وتأجير القناة لدولة قطر وكلام طويل عريض من الذي اعتدنا عليه في الإعلام المصري ، الآن يعاد طرح المشروع نفسه ، بكل تفاصيله ، وبسرعة لافتة للنظر ، فهذا المشروع ليس من المشروعات العادية أو قصيرة الأجل ، وإنما هو من المشروعات التي تحدد صورة مصر واقتصادها وترهن جزءا كبيرا من أرضها ومقدراتها لربع قرن مقبل على الأقل ، أي أنه سيحكم الاقتصاد المصري إلى العام 2040 على أقل تقدير ، ومشروع بهذا القدر من الأهمية والخطورة والأمد الطويل كيف تجرؤ على إنفاذه حكومة مؤقتة ، كل مسؤولياتها تنحصر في تسيير أمور الدولة طوال أشهر قليلة ثم الإشراف على الاستحقاق الدستوري وربما تقال بعده أو تنتظر شهرين لحين إجراء الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية ، فأيا كان الحال في أيهما أولا فتلك الحكومة المؤقتة ينتهي دورها بانتهاء الانتخابات ، فمن الذي يمنح هذه الحكومة المؤقتة الحق في تكبيل الدولة المصرية والشعب المصري ورهن أراضيه في مشروع يحكم مصيره خمسا وعشرين سنة على الأقل ، ما هو وجه السرعة وما الداعي للاستعجال ، أيضا لماذا لا تنتظر الحكومة , ومن يسيرها ، لكي تتسلم السلطة حكومة شرعية منتخبة تكون مفوضة ديمقراطيا من الشعب بإدارة اقتصاده والتخطيط لمستقبله ، أيضا مثل هذه المشروعات التي تقدر مجمل استثماراتها وعوائدها بمئات المليارات من الجنيهات ، كيف لا تمر على مرجعية رقابية شعبية من برلمان منتخب لكي يبت فيها الشعب ممثليه ويراجعها ويراقبها ويختار قراره الحر في أمرها ، تمضي أو تتوقف ، وما هو الموقف إذا قامت تلك الحكومة بإبرام العقود والاتفاقات الدولية ثم جاء البرلمان المنتخب بعد ذلك فقرر أن هذه الاتفاقيات تضر بمصالح الشعب المصري وأنها لم تبن على عدالة حقيقية وإنما بنيت على مجاملات لدول بعينها ، وأن الأمر كان أشبه بسداد فواتير سياسية على حساب مصالح الشعب المصري والدولة المصرية . اللصوص وحدهم هم الذين يتعجلون اختطاف المشروعات والأراضي في غفلة من الشعب ومن الرقابة ومن البرلمان الممثل للإرادة الشعبية ، والبرلمان هو الجهة الوحيدة التي يفوضها الشعب بمراقبة ومراجعة ومحاسبة الحكومة في مثل هذه المشروعات الضخمة والخطيرة ، أليس مثيرا للريبة أن تكون الدولة والحكومة لم تنجح حتى الآن في وضع دستور للبلاد ولا يوجد لها رئيس منتخب ولا حكومة منتخبة ولا برلمان منتخب ، لا توجد دولة أساسا ، وتعلق مصير الدولة ومستقبلها على الاستحقاق الدستوري والجميع مشغول به ، في الوقت الذي تتحرك فيه حكومة مؤقتة للانتهاء من مشروع خطير ومستقبلي وضخم بهذا الشكل ، هو ليس افتتاح محطة وقود أو كوبري للمشاة ، حتى يمرره حازم الببلاوي وسط غفلة من الناس ، إنه أشبه برهن شريان الذهب المصري ، قناة السويس ، بمساحات ضخمة من أراضيها في سيناء والدلتا لدول أجنبية ومستثمرين أجانب ، أيضا أستغرب أن بلدا يعاني من الانفلات الأمني واسع النطاق وخاصة في منطقة القناة وسيناء وتتفجر منشآته الأمنية ذاتها عدة مرات في شهرين ويعاني توترا كبيرا لتوفير حماية للسفن المارة في القناة ثم هو يتعجل إنفاذ مشروع يحتاج إلى منشآت وعمالة وفنيين وخبراء وحركة تنقلات وسكن ووجوه غريبة ، أليس الأولى أن يتم توفير الأمن وضماناته قبل دعوة المستثمرين هناك ، لقد احتاج الدكتور حازم الببلاوي إلى أن يفرض ما يشبه حظر التجول اليوم في نصف مدينة الاسماعيلية لمجرد أن يجتمع مع المسؤولين ويجري هذه الاحتفالية ، .. هناك شيء غامض في هذا الاستعجال ، هناك ما يريب فعلا في هذه الخطوة ، أشعر أننا أمام عملية قرصنة أو اختطاف في غفلة من الشعب . almesryoongamal@gmail.com twitter: @GamalSultan1





التعليقات
0 التعليقات