أم تموت بـ"السكتة القلبية" ساعة القبض على نجلها.. ومحاسب يتحول إلى جزار فى الاتهامات
زوجة أحد المتهمين: النيابة كانت تجدد الحبس قبل نهايته
تحوّلت محافظة المنيا بين يوم وليلة إلى ساحة سوداء من العزاء والنواح والصريخ بعد الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار سعيد يوسف صبرة بإحالة 528 إلى المفتى أثناء أحداث مركز مطاى شمال المحافظة، حيث أصبحت الآن تعرف بمدينة "الإعدام" فى أكبر وأسرع محاكمة جنائية فى تاريخ القضاء. المتهمون ليسوا إخوانًا بإجماع آراء أهالى أسر المحكوم عليهم، بل إن التحريات والتحقيقات تقول إنهم شاركوا فى عمل لا يرضاه أحد من البشر. وبعد صدور حكم الإعدام على أبناء مطاى ظهرت مفاجآت حاولت "المصريون" رصدها من خلال تفقدها لبيوت المحكوم عليهم بالإعدام، والذين كانوا بين طالب مظلوم تهمته إنه ينفق على أسرة وبين رجل يقول ربى الله وبين محامٍ يدافع عن مظلومين فينضم إلى قائمة المجرمين وبين رجل خرج ليحضر أكلاً فلا يرجع حتى اليوم وبين من مات قبل الاتهام فيصبح المتوفى متهمًا وهذا أعجب ما حاولنا الكشف عنه.
"الكوادى" قرية الإعدام
يأتي الطالب عبد الله عمر، الذي لم يتجاوز عمره 17 عامًا بقرية الكوادى التي تضم أكثر من 35 حالة إعدام حالة إنسانية فريدة. ويعتبر عبد الله، أحد أبناء القرية التي تضم أكثر من 35 متهمًا حكم عليهم بالإعدام منهم أيضًا ثلاثة من بيت واحد وهم حسن عبد الرسول وابنه أحمد وهاني ما زالوا محبوسين بنفس التهم الـ15 التي وجهتها النيابة العامة للمتهمين والوحيد على 3 بنات.. تهمته الوحيدة أنه يساعد والده العاجز عن الحركة، حيث يقف فى دكان بالإيجار ويدفع له 200 جنيه شهريًا ولا يستطيع أن ينفق لدرجة أن والده فقد البصر من كثرة البكاء على ابنه الذي أخذ مظلومًا وهو يعمل فى مكتبة مع ابن عمته بمدينة مطاى. ويقول والده باكيًا إنه اقترض أكثر من خمسة آلاف جنيه كفالة لابنه حين أفرج عنه فى يوم 12 ديسمبر بعد أن ظل أكثر من شهرين بسجن الترحيلات دون أن يراه إلا مرة واحدة، رغم أنه كان يذهب لزيارته بتصريح من النيابة فترفض إدارة السجن الزيارة. وأضاف الوالد أنه تم القبض على ابنه يوم 18 أغسطس الماضي بعد أحداث الشغب، ولحظة القبض قالوا له "أنت إخواني واقتحمت قسم الشرطة وشاركت فى حرق القسم" رغم أنه لا يوجد فيديو ولا صورة ولا ما يثبت أنه كان فى محيط الأحداث، والغريب أن عبد الله الطالب بالمرحلة الثانوية لم يحقق معه ولم يستجوب بل كانت النيابة تجد له الحبس على الأوراق دون العرض بحجة أنه لدواعٍ أمنية. تضم قرية بنى عمار أكثر من 37 متهمًا حكم عليهم بالإعدام، وتضم عزبة أبو شحاتة حوالي 55 متهمًا منهم 7 من أسرة واحدة، والتهم واحدة والقضية واحدة والفاعل مجهول لدى الناس ومعلوم لدى القضاء والأمن.
مأساة شيخ أزهري
فى شارع البنزينة بمدينة مطاى، يوجد منزل الشيخ أحمد قرنى حسين، إمام وخطيب مسجد، وأب لـ5 أولاد. يعرف عنه بين الأهالي أنه يكره التظاهرات وأنه أزهري ولا يحب أن يتحدث فى السياسة حتى على المنبر، كما يوجد فى الشارع الذي يسكن فيه 7 حالات حكم عليهم بالإعدام، فما من بيت ولا شارع فى قرى مدينة مطاى إلا فيه فرد أو أكثر حكم عليه بالإعدام والجريمة واحدة. تقول زوجة الشيخ قرنى: "لو مات كنا استريحنا وعرفنا أنه ميت مش هيرجع" لكن زوجى حكم عليه بالإعدام وهارب خارج البلاد لا هو قادر أن يعود ولا مستقر فى حياته ولا نعرف عنه حاجة هو فين وعايش إزاي ويا ترى ميت ولا عايش وفى أى دولة". وتابعت زوجى: "يوم الأحداث كنا فى البيت وكانت قدماه مصابتين بكسر وما يقدرش ينزل من البيت وسمعنا عن اللي حصل من الجيران لأننا كنا نايمين لحد الساعة الواحدة ظهرًا ولحد يوم 20 سبتمبر زوجى كان بيمارس عمله كخطيب يوم الجمعة". وأوضحت أن زوجها خطب الجمعة وبعد الصلاة نام فى البيت حتى أذان العشاء وبعد الصلاة خرج يجيب عيش للأولاد على موتوسيكل اتعطل الموتوسيكل أخده للورشة وهو فى الورشة عدى بوكس الشرطة وأخذه ومرجعش إلا بعد 10 ديسمبر الماضي بكفالة 5 آلاف جنيه ورجع الشغل. وفجرت الزوجة مفاجأة قائلة: "كنت أذهب للنيابة علشان أجيب خطاب لشغله أجد قرار تجديد الحبس جاهز قبل الميعاد بـ4 أيام كنت باستغرب ده زوجى مش بيتعرض على النيابة ولم يدلِ بأقواله ولا حتى شاف اللي حصل". أما والد زوجته فيقول: "زوج بنتى معملش حاجة ولا راح القسم كانت رجليه مكسورة وما يقدرش ينزل والغريب إن المحكوم عليهم من خطباء المساجد بلغ 17 خطيب وإمام مسجد من مدينة مطاى، ولم يكن أمر ضبط وإحضار من النيابة وحين دخل القسم تم عمل أمر ضبط وإحضار بأثر رجعى. ووصفت الزوجة القاضي قائلة: "إنه مثل بشار الأسد الذي يذبح فى الناس بدون وجه حق وإحنا فى عزاء لحد ما يظهر الحق وتظهر الحقيقة، مش عارفين نعمل إيه وملناش محامي غير ربنا وإحنا مش بنقدر ناكل ولا نشرب لأننا فى مأتم وحزن على اللي حصل لزوجى وغيره من أبرياء المدينة". واختتمت الزوجة حديثها بأن زوجها علم أنه من ضمن المتهمين باقتحام قسم الشرطة الأسبوع الماضي فقرر أن يغادر المحافظة ولا نعرف أين هو؟
محامى المتهمين ينضم إلى قائمة الإعدام
من محام عن الإخوان إلى محكوم عليه بالإعدام.. شاب لم يتجاوز 30 عامًا ولديه ولد وبنت زوجته مدرسة ووالده رجل يعرف ربنا كويس ومعروف عنه بالإخلاص كان يعمل وكيلاً للوزارة بإحدى المصالح الحكومية. كان أحمد عيد عبد المطلب هو المحامى عن 180 من المتهمين بانتمائهم إلى تنظيم الإخوان باقتحام أقسام الشرطة وقتل العقيد مصطفى رجب العطار وظل محاميًا عنهم إلى جانب عمله بإحدى الشركات الاستثمارية بمحافظة سوهاج وظل يمارس عمله حتى يوم 24 يناير عشية الاحتفالات بالذكرى الثالثة لقيام ثورة 25 يناير. تقول زوجته وهى تبكى إن زوجى لم تذكر تحريات الأمن أنه كان شريكًا فى يوم أحداث فض رابعة ولا توجد له صور ولا فيديوهات إدانة ولأنه محامى المتهمين باقتحام قسم الشرطة عن 180 منهم تم وضعه تحت منظار الأمن ولا يوجد له أمر ضبط وإحضار. وتابعت أن يوم القبض عليه كان راجعًا من مقر الشركة بمحافظة سوهاج، حيث اتصل به رئيس مباحث القسم محمد مصطفى وقال له بكره تعالى اشرب معايا قهوة قاله حاضر وهناك تسجيل من واقع فاتورة التليفون من شركة الاتصالات بالمكالمات بين الضابط وبين زوجى المحامى حتى صباح يوم 25 يناير. وأوضحت أن زوجها ذهب إلى القسم الساعة الواحدة ظهرًا، حيث فوجئ هناك بأنه متحفظ عليه ومعموله أمر ضبط وإحضار بأثر رجعى سأل إزاي قالوا له إنه شارك فى أحداث الشغب رغم أنه أحضر خطابًا يوم 14 أغسطس من المحكمة وأنه كان متواجدًا بالشركة التي يعمل فيها. الغريب والكلام لزوجة المحامى، أنه لم يدرج فى أمر الإحالة إلا بعد صدور أمر الإحالة من المستشار المحامى العام لنيابات المنيا بقرار منفصل. وأضاف والده: "فين العدل ابنى محامى بيدافع عن متهمين كيف يزج باسمه فى أحداث لا ناقة له فيها ولا جمل ترك ابنه وابنته حتى اليوم ولم نعرف عنه إلا يوم صدور الحكم ولم نره". وتساءل والده كيف يخرج 17 متهمًا من البلطجية والمجرمون براءة ويحكم على المظلومين بالإعدام ابنى مدرج فى القضية ذاتها بأنه محامٍ عن 180 من المتهمين بانتمائهم إلى الإخوان وعلشان بيدافع عن مظلومين أو متهمين يبقى "إخواني". وأشار إلى أنه ذهب إلى المحامى العام قال لي لو ثبت إن ابنك محامى عن المتهمين سوف يستبعد لكنه لم يوف بوعده معنا. وتساءل هل القاضي قرأ الـ14 ألف صفحة والتحريات المزيفة والتهم الملفقة ضد الأبرياء حتى يحكم عليهم بالإعدام. ووصفت زوجة المحامى ووالده الحكم بأنه ظالم وتساءلا إذا أعدموا 528 بقتل ضابط شرطة ورقيب والتعدي على القسم فأين من قتلوا 10 من المتظاهرين ولم يتحدث أحد عنهم يوم الأحداث أين قتلة أبناء المدينة العشرة على يد كريم هندى ومحمد مصطفى ومصطفى العطار الذين ساروا حوالي نصف كيلو من مكان القسم بأسلحة وآلية لضرب المتظاهرين العشرة. ولماذا لم يتم القبض على البلطجية ومسجل الخطر الذين هم من اقتحموا الأقسام وسرقوا الأسلحة وحرقوا القسم وقتلوا الضابط انتقامًا لأهليهم أو ذويهم على خلفية قضايا سابقة.
محاسب فى البطاقة جزار فى التهمة
لم تكن تهمة المحامى أحمد عيد طلب، الوحيدة التي لفتت الأنظار بل قضية المحاسب على عبد الفتاح محكوم عليه بالإعدام أيضًا ومن ضمن المخلى سبيلهم، وهو يعمل محاسبًا فى هيئة التأمينات الاجتماعية ومثبت ذلك بخطاب ورد من التأمينات أنه يوم أحداث الشغب كان متواجدًا فى مقر عمله، كما ينضم معه آخرون منهم شقيق النائب السابق إسماعيل ثروت عبد الفتاح وحسن عبد الجواد وهشام محمود عبد الفتاح عبد الجواد وفتحي أحمد عبد الجواد وغيرهم منهم مدير بنك، ومدرس، بالإضافة إلى آخرين حصلوا على إخلاء سبيل بكفالات مالية قدرها 5 آلاف جنيه ومنهم من هو هارب ومنهم من هو مقبوض عليه حتى الآن، الجميع ليسوا من الإخوان باستثناء شقيق إسماعيل ثروت الهارب خارج البلاد. تقول زوجة على عبد الفتاح زوجى: "كان يوم 14 أغسطس فى شغله ولم يعرف ما حدث ولم يصدر ضده أمر ضبط وإحضار وكان يمارس عمله حتى يوم 20 مارس الماضي أى قبل أول جلسة بـ24 ساعة فقط، حيث فوجئنا بإدراج اسمه فى القضية ومحكوم عليه بالإعدام كيف زوجى بريء، معنا أولاد أطفال اضطر إلى الهروب حتى لا تكون المصيبة مصيبتين.
إعدام الموتى
من أبرز القصص الغريبة التي ظهرت فى القضية أن هناك عددًا ممن استشهدوا فى رابعة قبل فض الاعتصام ولكنهم مدرجون فى محكمة الجنايات بالعدوة ومطاى.
من المتهمين
تأتى حالة الدكتور بدوى فراج، أحد الشهداء العشرة الذين قتلوا بالرصاص أمام ميدان صيدناوى بمدينة مطاى حالة غريبة فى هذه القضية، ولم يكن الوحيد الذي ذكر فى أوراق القضية بل إن هناك الكثير من وجهت لهم الاتهامات بأنهم شاركوا فى الأحداث وهم فى عداد الموتى. يقول أحد أسر الضحايا: "إننا عرفنا إن الدكتور بدوى فراج كان ذاهبًا إلى العمل بالمستشفى كطبيب بقسم النساء والتوليد، حيث أصابته طلقات نارية حية من أسلحة آلية ميرى مات على الفور ورفض نقله إلى المستشفى وبعد ذلك فوجئنا انه مدرج فى أوراق القضية ومحكوم عليه بالإعدام. وتساءل كيف يدرج اسم متوفى فى قائمة المتهمين ضمن العشرة الذين قتلوا يوم فض اعتصام رابعة والنهضة. بل امتد الأمر أيضًا إلى مدينة العدوى والمتهم فيها أكثر من 683 بينهم مرشد الإخوان محمد بديع، ويوجد من بينهم المتهم ماهر عبد الفتاح متوفى منذ 7 سنوات وهو من ضمن المتهمين باقتحام قسم شرطة العدوة، وفرغلي محمد عبد الجواد والمتوفى منذ 5 سنوات، ومحمد السيد أحمد المتواجد فى المملكة العربية السعودية منذ عامين ونصف ولا يعرف شيئًا عن الأحداث فى مصر.
ويقول أحمد محمود من مدينة العدوة، إن له إخوة تم إخلاء سبيلهم وهم نور الدين محمود وعز الدين محمود إمام وخطيب مسجد وما زالا قيد الاتهام والمحبوسين فى القضية التي تم حجزها للحكم يوم 28 إبريل ومعهما 17 شخصًا آخرين من عائلة واحدة وكانوا غير متواجدين بالأحداث لكن المرشدين أرشدوا عنهم بانتمائهم إلى الإخوان لأن فيهم شقيقان يعملان كخطباء مساجد بالأوقاف.
السكتة القلبية لوالدة ضحية
قال عمى شعبان محمد يوسف من مدينة العدوة: "ألقوا القبض على ابنه صابر ظلمًا كما قال لم يكن ابنه هو الاسم المطلوب ولكن الاسم الحقيق المطلوب ضبطه وإحضاره يدعى عمرو شعبان محمد يوسف. وحال قدومه من المسجد ألقوا القبض على ابنه الذي لم يكن متهمًا فى الأصل بل أخذوا ابنه إلى مكان آخر وفى القسم تغير الاسم من عمرو إلى صابر وأصبح متهمًا باقتحام قسم الشرطة وشريكًا فى قتل الضابط. وقد داهمت قوات الشرطة المنزل وهو جالس مع والده وإخوته، حيث أصيبت أمه بسكتة قلبية حين رأت ابنها يتهم بأنه ينتمي إلى الإخوان فماتت بالسكتة القلبية على الفور. يقول عمى شعبان 70 عامًا: "أنا بأغسل كلى فى المستشفى ولا نعرف إيه الإخوان وكنا اليوم ده فى الغيط كلنا وسمعنا على اللى حصل مرحناش أى مكان وسمعنا من الناس اللى جرى ولا شاركنا ولا شوفنا والمباحث أخدت ابنى للتحقق من الاسم المطلوب وبعد بيوم واحد ابنى لبس التهمة لوحدة مكان المجرم المطلوب منهم لله البعده اللى ظلموا ابنى واخدوه ظلم". متهمو مركز العدوة لم يتم إحضار المتهمين من قسم العدوة ولم يتم إحضارهم أمام المحكمة بحجة دواع أمنية منهم رضا أحمد إمبابي، فلاح 30 سنة، باعتباره خطرًا على الأمن العام ومكنش موجود فى الحوادث ولا التهم المنسوبة. يقول ابن عمه محمد إمبابى: "رضا كان فى الغيط ومكنش موجود ومنعرفش ايه اللى جرى والحكومة بتلفق التهم للناس". وأضافت مبروكة زوجة أحد المتهمين بمركز العدوة أنهم أخدوا زوجها وابنها بسبب قضية ثار قديمة من 20 سنة، ولحظة القبض عليه تم القبض على ابنه". استنكر المحامى طارق فودة، فى مؤتمر صحفى، الإجراءات التعسفية التى اتخذها القاضى ضدهم ما دعا النقابة وهيئة الدفاع إلى تقديم دعوى رد هيئة المحكمة ودعوى الخصوم ضد القاضى. لكن ما استجد هو قيام رئيس محكمة الجنايات إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد نقابة محامى المنيا ردًا على المؤتمر الصحفى الذي كشف عن التجاوزات التي اتخذها القاضى خلال الجزء الأول من المحاكمة.