/>

أقوال المذاهب الفقهية في هاشتاج #انتخبوا_العرص





مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد.. تلك هي المذاهب الفقهية الأشهر للأمة، والتي تؤسس لحالة من الضبط الفقهي للأفعال والأقوال منطلقة من فهم نصوص الكتاب والسنة..
وقد كثر الجدل أخيرا حول الهاشتاج الشهير، والذي انبرى بعض المحسوبين على العلم الشرعي لاستنكاره، ووصفه بأوصاف شرعية توحي بكراهته أو حرمته.
وقد تعدى الأمر لدى البعض مرتبة الكراهة أو الحرمة إلى مرتبة تصريحهم بوجوب “الحد” على مستخدمي هذا الهاشتاج والمروجين له، ومعلوم أن الحد من العقوبات النصية التي ينبغي فيها وجود نص صريح.
ومن هؤلاء الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، والذي أفتى بعدم جواز نشر هذا الهاشتاج، معتبرًا أنه يتضمن قذفا في حق “أهل بيت السيسي” نفسه يستوجب معه العقوبة الشرعية عليه.
واستشهد برهامي بقول الله تعالى “والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون”.
هذا التقرير إذن معني بتقديم خلاصات البحث في المذاهب الفقهية عن اللفظ المستخدم في الهاشتاج على وجه التحديد، والنظر فيما قاله الفقهاء القدامى، وهل بالفعل يوجب استخدام هذا اللفظ حدا أو لا؟!
التقرير يكشف من خلال النظر في كتب المذاهب الفقهية أن هذا اللفظ لا يوجب حد القذف عند ” الحنابلة والشافعية والحنفية” وفي المذهب المالكي تفصيل تحتل فيه القرائن العرفية اعتبارا كبيرا، إلا أن الجميع متفق على أنه لفظ مسيء يستوجب التعزير.
ومما يجدر ذكره هنا أن أكثر من استخدم هذا “الهاشتاج” المسيء قد دفع العقوبة مقدما، فإذا كان الفقهاء يتحدثون عن التعزير، وهو السجن الكريم، أو الجلد الخفيف، أو الغرامة غير الجائرة، فقد دفع كثير من هؤلاء أو ذووهم أضعاف ذلك، حسبما يصرحون!!
 لا حد إلا في القذف الصريح بالزنا
 لقد تحدثت كتب المذاهب الأربعة عن لفظة “العرص” في سياق حديثهم عن القذف بألفاظ الكناية.
واتجاه الفقهاء في المسألة ابتداء أنه لا حدّ في القذف بغير اللفظ الصّريح، ومن ذلك : القذف بالكناية ، أو التّعريض ، فليس فيه حدّ عند الحنفيّة، بل التّعزير ، وكذلك عند الشّافعيّة، ويرى مالك : الحدّ في القذف بالتّعريض أو الكناية، والّذين منعوا الحدّ قالوا بالتّعزير ، لأنّ الفعل يكون جريمة لا حدّ فيها.
 أولا: المذهب المالكي
 جاء في كتاب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ذكر هذه اللفظة “عرص” في ذكر الألفاظ التي يقذف بها، وذكر أن فيها حد القذف ثم قال: قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى قال إنه لم يرد القذف فلا يحد، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد، كما لو قال له: يا ندل فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به.
ومن جميل ما ذكره المالكية هنا التفرقة بين الألفاظ التي يقصد بها نفي الشرف فلا يوجبون بها الحد، وبين تلك التي فيها نفي للنسب فيوجبون بها الحد ” راجع حاشية الدسوقي”
والقرائن، بل وتصريحات المروجين للهاشتاج المسيء واضحة في أنهم يريدون الاغتيال المعنوي للشخصية، وليس اتهامه ولا اتهام أحد من أهله بالفاحشة وإلا وجب الحد.
 ثانيا: المذهب الشافعي
 جاء في كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 204): “وليس “التعريص” بالصاد المهملة قذفا، أي لا صريحا ولا كناية وفيه التعزير للإيذاء”
وفي حاشية الجمل من كتب الشافعية أيضا : “واعتمد شيخنا صراحة: يا قحبة، ويا لائط، وعدم صراحة: يا علق، ويا مخنث، ويا عرص” أي عدم صراحة اللفظ المقصود في الرمي بالفاحشة.
 ثالثا: المذهب الحنبلي
 جاء في كتاب كشاف القناع: ويعزر بقوله يا معرص، و يا عرصة، وذلك بالرغم أنه قال بعد ذلك وينبغي فيهما بحسب العرف أن يكونا صريحين.
 رابعا: المذهب الحنفي :
جاء في كتاب البحر الرائق : “وعلى هذا يعزر بلفظ معرص؛ لأنه الديوث في عرف مصر والشام” وقال العيني في ضبط اللفظ : المعرس بكسر الراء والسين المهملة، والعوام يلحنون فيه فيفتحون الراء ويأتون بالصاد .
والمذهب الحنفي أبعد المذاهب عن إقامة الحد بألفاظ الكناية والتعويل على النية، فقد جاء في كتبهم : “وقيل في “يا لوطي” يسأل عن نيته، إن أراد أنه من قوم لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فلا شيء عليه ، وإن أراد أنه يعمل عملهم عزر على قول أبي حنيفة وعندهما يحد ، والصحيح أنه يعزر إن كان في غضب.
كما أن المذهب الحنفي راعى بعدا مهما في ألفاظ القذف، وهو اعتبار حالة المقذوف والمشتوم، فمن كان معروفا بفسقه، فشتمه أحدهم بما هو معروف به، فيعتبرون أن المشتوم هو المخطئ.
وفي ذلك قالوا: “إذا قال لرجل صالح ، أما لو قال لفاسق يا فاسق أو للص يا لص أو للفاجر يا فاجر لا شيء عليه ، والتعليل يفيد ذلك وهو قولنا إنه آذاه بما ألحق به من الشين؛ فإن ذلك إنما يكون فيمن لم يعلم اتصافه بهذه، أما من علم فإن الشين قد ألحقه هو بنفسه قبل قول القائل”.

التعليقات
0 التعليقات