حازم سعيد :
في عقيدة المسيحيين أن اليهود تمكنوا من المسيح عيسى عليه السلام وصلبوه ، وفي عقيدتنا نحن المسلمين أن الله سبحانه ألقى الشبه على بعض أتباعه فأخذوه بدلاً منه ورفعه الله إلى السماء في معجزة إلهية كمعجزة ولادته من غير أب ، ( وفي رواية أن الذي ألقي عليه الشبه هو بعض خصومه ) والثابت في كل الحالات أن الله قد ألقى الشبه على شخصٍ غيره فصلب بدلاً منه ، ورفع الله سبحانه نبيه المسيح عيسى عليه السلام إليه يقيناً ثابتاً .. (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
ثم في آخر الزمان ينزل ليقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويصلي خلف إمام المسلمين ، وينشر الله بقدومه الخير في ربوع الأرض كما نصت على ذلك الأحاديث النبوية الصحيحة .
وعلى عقيدتهم .. وعلى عقيدتنا أيضاً أن اليهود حاربوه وكفروا به وآذوه ، وإن اختلفت العقيدتان حول النهاية الأولى للمسيح عليه السلام .
ثم إذ بك تفاجئ أن هؤلاء الخصوم الألداء الأعداء – في العقيدتين - ، أصبحوا بقرار من بابوات الكنيسة المتطرفين ( في الفاتيكان ) ، وهنا في مصر من الحمائم الأحباب ، بل ويوالونهم ويضعفون من بلدهم مصر من أجلهم .
دور الكنيسة في هدم مصر لصالح الصهاينة
نعم .. فإن الدور الذي تلعبه الكنيسة المتطرفة ومن يتبعها من ( جل ) مسيحيي مصر مع العميل الصهيوني الخائن ( سيسي كوهين ) هو من أخطر الأدوار التي ستنسب للمسيحيين بمصر على أنه دور قذر هدام ، ضد إرادة الأمة وضد الوطنية وضد الديمقراطية وضد مصر .
الكنيسة بدأت الدور منذ أن اختارت – وعلى طول الخط – اختياراً أحادياً منذ عهد مبارك بالانحياز إلى منظومته الفاسدة مقابل مكاسب وصفقات واضحة ، كان أبرزها على الساحة التغول في بناء الكنائس والاستيلاء على أراضي الدولة ، ورد المقبلات على الإسلام من المسيحيات إلى الكنيسة لتفتنهم في دينهم وتردهم عنه أو تقتلهم ( وكانت النماذج الأبرز وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة ) ، وذلك على الرغم من اليقين المترسخ عند المسيحيين أن مرتكبي المجازر ضدهم ( كنيسة القديسين نموذجاً ) هو النظام القائم ، ولم يختلف الأمر بعد الشهيدة 25 يناير ( مذبحة ماسبيرو ) ، رغم كل هذا كان الانحياز المطلق لمنظومة الفساد القائم ، مقابل صفقات ومصالح ضيقة .
استمر الأمر بعد الشهيدة 25 يناير في كل الاستحقاقات الديمقراطية بالانحياز الأحادي للكنيسة ضد ما هو إسلامي ولصالح النظام الفاسد المتآمر مع الصهاينة أو العلمانيين ( استفتاء التعديلات الدستورية – مجلس الشعب –مجلس الشورى – رئاسة الجمهورية – استفتاء الدستور ) .
ولم يقف الدور عند هذا الحد ، بل تطور إلى النضال المسلح والتآمر الواضح لإسقاط النظام الديمقراطي المنتخب ، فكان نظام الميليشيات الكنسية المسلحة ( البلاك بلوك ) والتي تدربت في أماكن مختلفة منها ما هو أوروبي ومنها ما هو آسيوي ( لبنان ) ومنها ما هو محلي بمصر ، لتتولى مسئولية الهجوم على الإخوان وحرق مقراتهم بمعاونة البلطجية والمخابرات وحصار الاتحادية وقتل الشهداء الإخوان بها ، والعمل على إسقاط نظام الرئيس مرسي الشرعي .
وبعد ذلك تولت الكنيسة الحشد الجماهيري في 30 يونيو و3 يوليو ليبدوا المليون أو المليون ونصف الذين حشدتهم الكنيسة مع أمثالهم من التائهين المضللين من المسلمين – بفضل كاميرات خالد يوسف – وكأنهم 33 مليون ( ومفيش حد بيعد ) .
وفي النهاية تولت الكنيسة صناعة وإعداد وثيقة الخمسين المسماة زوراً ( دستور ) بالاتفاق مع العسكر ، وصنعت الكنيسة كذلك العديد من الأنظمة واللوائح بمقارها وأديرتها ( كاللائحة الطلابية الجديدة ، وتعديل مناهج التعليم وحذف كل ما هو إسلامي منها ، وحذف متعلقات الشهيدة ثورة 25 يناير ... الخ ) .
إسقاط النظام الحر الشرعي الديمقراطي المستقل ، والذي غرد – في عزة واستقلال بعيداً عن الإرادة الأمريكية والصهيونية – والذي بدا أنه يصنع مصراً جديدة ، تقف شوكة في زور الصهاينة ، إسقاط هذا النظام كان أحد أهم وأبرز ما ساعدت عليه الكنيسة المصرية في السنتين الأخيرتين ، كمحارب أول ، ورأس بارزة في حربة إسقاط مصر وقرارها واستقلالها ، ولصالح العدو الأبرز الصهاينة ، بكل ما سبق وبوقوفها الواضح وقرارها بالاختيار الأحادي لصالح السيسي كوهين والصهاينة بجلاء وفجر في العلنية لا تخطئه العين .
الفارق بين شنودة وتواضروس
وهذا هو الفارق بين حكمة شنودة ( المسيحي المتطرف المتعصب – ولكن بحكمة ) ، وبين تواضروس ( المسيحي المتطرف المتعصب – ولكن بحمق سيسجله التاريخ بوضوح ) .
شنودة كان يملك من الحنكة السياسية ما يجعله في اللحظات الأخيرة يظهر جريحاً معذباً مضطهداً ، وكان كثيراً ما يعزف على النغمة النشاز ( الأقلية المعذبة ) ، ويساعده في ذلك ذراعه الخارجي - الذي يبدو وكأنه اختفى الآن – ( أقباط المهجر ) ، ولم يكن أبداً يظهر التنمر ولا العين الحمراء ولا ذراع القوة ، لأنه يعلم أن في ذلك هلاك المسيحيين بعزلهم في المجتمع وإضعاف قضيتهم وتحميس للمسلمين – حتى من لا يحمل منهم قضية - ، حيث موضوع الدين من المواضيع التي كانت – ولا زالت على استحياء - تؤثر في اللاوعي الجمعي عند الجميع ( مسلمين ومسيحيين ) .
الآن انعكس الوضع ، تواضروس الأحمق ، يظهر العين الحمراء ، ويبدي المجاهرة بخصومة الإسلاميين ، والموالاة الواضحة الظاهرة للسيسي كوهين ، وضد الديمقراطية المصرية وضد الثورة ، بل والتغول في كل الدولة وأنظمتها وقوانينها ، ووصل الأمر للجلوس على منصة مؤتمر إسلامي ( مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ) في فجور واضح ، وإعلان بارز عن السيطرة الكنسية على كل أمور مصر بما فيها الشأن الإسلامي .
ساويرس والتغلغل في الحياة السياسية
وجاء على رأس هذا التغول ( وهو الدافع الرئيسي لكتابة هذه المقالة ) ما يفعله ساويرس – أحد أهم اللاعبين المسيحيين السياسيين بمصر الآن - ..
ساويرس الذي جسد هو وغيره من قبل نموذج تحالف رأس المال مع السلطة الفاسدة ، جسد بجلاء خلال السنتين الأخيريتين كل الأدوار الفاسدة ، من إكمال تحالف رأس المال مع السلطة ، إلى القبطي المضطهد واستجداء الغرب لتمويله ومساعدته هو وطائفته ، إلى مسئول إعداد الميليشيات المسلحة ، إلى المضطهد الهارب من الدولة الإسلامية الإخوانية ، إلى العائد التائب المتصالح الدافع للضرائب ، إلى الثورجي الحاشد والداعم بالمال والأفراد لنصرة ( ثورة 30 سونيا ) ، إلى المتحالف الأبرز مع السيسي كوهين والعسكر والصهاينة ، إلى السياسي المتغول في الأندية الرياضية والاجتماعية ، إلى الخائف الفزع على مكاسب الانقلاب ( ويصدر ذلك للغرب حالياً ) ..
من قبل كان تغول الكنيسة في مجال المال والأعمال وتجارات بعينها ( في مجال التجارات الكبيرة ( الذهب والعقارات وبعض الصناعات ) وفي مجال التجارات الصغيرة ( تجارة البيض والبراويز الخشب ) .... ) .
وقتها كان الدور الكنسي السياسي غير بارز ، وكانت صفقاتهم من تحت الترابيزة أكثر ، الآن تحولت الكنيسة وتوجهت دفتها بعد خسائر ( خمس استحقاقات انتخابية بعد الشهيدة 25 يناير ) ، تحولت الكنيسة إلى السياسة العلنية ومحاولة السيطرة على جوانب عدة أبرزها الآن الأندية الرياضية ، بدعم علني واضح غير مسبوق وتمويل مفتوح لانتخابات النادي الأهلي والمساعدة في إنجاح قائمة بعينها وزرع أحد رجال ساويرس ( أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار ) ليصبح نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي أكبر الأندية العربية شعبية وتاريخاً وبطولات .
ساويرس في هذا المشهد يمثل أحد أهم وأخطر الأدوار الكنسية في المنطقة وفي السنين الأخيرة ، ويمثل تحولاً في الدفة المسيحية ، ليس من اللعب في مجال المال والأعمال لصالح السياسي ، ولكنه في الحقيقة تحول إلى العلنية في ممارسة هذا الدور ، فقد كانوا يمارسون ذلك من قبل في الخفاء .
عقلاء الكنيسة
على عقلاء الكنيسة أن ينتبهوا ، فالثورة الشعبية الإسلامية الوطنية ستنجح – إن شاء الله – شاؤوا أم أبوا ، متغيرات العصر كثيرة جداً ، والتغيرات في كل المجالات ( سياسية – اجتماعية – ديموغرافية – إعلامية – تكنولوجية .... ) كثيرة جداً بالشكل الذي يمنع قمع العسكر والشرطة الواضحين من أن يؤتوا ثمارهم في إسقاط الديمقراطية وثورة شعب أحس بالحرية ولا يرضى عنها بديلاً .
الانقلاب إلى زوال وإلى مقبرة التاريخ إن شاء الله ، مهما طال أمد الانقلابيون ، ومهما اشتد عنفهم ، والمبشرات المنطقية الواقعية ، ثم الإيمانية والدينية أكثر من أن تحصى ، وطالما كتب عنها المخلصون ( كسرد حقيقة وواقع أو كتثبيت للثوار وللمؤمنين ) .. هذا يقين لابد أن يتدبر فيه عقلاء الكنيسة ومن لهم رأي بها .
سيزول مع الانقلاب وسيحاسب وسيكون للثوار معهم وقفة : كل من ساهم وأيد ودعم الانقلاب ، وعلى رأس هؤلاء العلماء الرسميون كشيخ الأزهر وعلي جمعة وأمثالهم ، وكحزب الزور والظلام ، وكمفسدي العسكر والشرطة ، وبلا رحمة ولا هوادة من الثوار ...
وسيكون على رأس من سيحاسب الكنيسة المتطرفة التي زرعت الشر بيدها وأيدته ، ووقفت بجانب المفسدين على طول الخط ، ولو أراد عقلاء الكنيسة الخير بها وبطائفتهم ، فعليهم أن يتدبروا حجم الحماقة التي ارتكبتها الكنيسة على مدار سنين ، وفشا على وجه الخصوص دورها وظهر في العلن في السنتين الأخيرتين وفي عهد الانقلابيين .
وعليهم أن يوقفوا هذه النزعة الحمقاء وهذا التغول المفزع في كل الشأن المصري ، ليصبح رموز ستة مليون مصري متحكمين في شأن تسعين مليون مصري أو يزيد في فجور في العلنية واضح سيحاسبون عليه يوماً ما . وإن غداً لناظره قريب .
كبسولات :
1. لم يسعدني في الأيام الأخيرة شئ – ولا شئ أصلاً يسعدني بعد فقد أحبابي الشهداء – بقدر ما أسعدني هاشتاج #انتخبوا_الع.. الذي دشنه الشباب المخلصون ، ونجح نجاحاً بارزاً بعفوية ودون تدبير ، ليظهر للعالم كله مدى بشاعة الانقلاب العسكري في حس المصريين ، ومدى خسة ونذالة السيسي وأنه ( قواد ) الكلمة الفصحى المرادفة لكلمة ( ع.. ) ، وسيبقى نجاح هذا الهاشتاج بما تبعه من فعاليات متلفزة أو مكتوبة أو مصورة ، مؤرقاً مقلقاً للانقلابيين الأنذال إلى أن يزول حكمهم وقد أوشك بإذن الله ، ويسئلونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً .
2. الأفاك ياسر برهامي يعلق على الهاشتاج بأنه ضد الأخلاق وأن الشتيمة تضر صاحبها ولا تضر الذي توجه ضده ، ويقول أيضاً أن الصورة الذهنية المصدرة لمصر عن أن ما يحدث في مصر الآن مجازر ودماء تسفك غير صحيحة . وأنا أقول : أنه رغم أن شخصاً عينه لم تستطع رؤية المذابح والمجازر التي يرتكبها العسكر والانقلابيون يومياً ولم تنكر بشاعة ما حدث برابعة والنهضة وما قبلهم وما بعدهم من سفك الدم الحرام المؤمن الطاهر ، رغم أن صاحب مثل هذه العين التي فقد البصيرة لا يستحق التعليق على مواقفه ولا أقواله ، إلا أن علاقتي يوماً ما بأمثاله تجعلني في حيرة من أمري وتستدرجني للتعليق : أيمكن للفتنة أن تحول المرء إلى مثل هذا المسخ المشوه وبهذه الصورة ؟! أيمكن للفتنة أن تعمي القلب والبصيرة إلى هذه الدرجة ؟! أيمكن لحسد الأقران أن يسلخ المرء من دينه وهويته وعقله إلى هذا الحد ؟! أيمكن للفتنة أن تنسي المرء - بهذا القدر - ما عاش زمانه عليه كتابة وتأليفاً وتصنيفاً وتدريساً من قواعد الولاء والبراء والعقيدة ؟! إنا لله وإنا إليه راجعون .. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .
----------------
Hazemsa3eed@yahoo.com