قال موقع هافينجتون بوست الأمريكي إن القرار الأمريكي بإرسال أسلحة لمصر بمثابة "لعب بالنيران"، واصفًا المشير السيسي مرشح الرئاسة بأنه يقود مصر نحو الهلاك، وأن مكانه الطبيعي هو المثول أمام محكمة "هيج" ويقصد الجنائية الدولية، وليس الفوز بانتخابات الرئاسة، معتبرًا أنه مسؤول أكبر حملة قمعية في التاريخ المصري الحديث.
وفيما يلي نص المقال للكاتب ديفيد هيرست:
أمريكا مجددًا تتلقى محاضرة من دولة تابعة لها في الشرق الأوسط، وكان المحاضر هذا الأسبوع الرئيس المنتظر لمصر، الرجل المفترض أن يكون ماثلاً أمام محكمة هيج لأسوأ حملة قمعية في التاريخ الحديث لبلاده.
في إطار الشد والجذب بين القيم والمصالح الاستراتيجية الثقيلة، أضحى من المعطيات أن يفوز الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل، واتفاقية كامب ديفيد، وقناة السويس، ولكن يجب دق ناقوس الخطر في البنتاجون.
الجنرال الذي منح نفسه لقب المارشال أخبر فوكس نيوز أن برفضهما نشر قوات لاستقرار ليبيا عقب الإطاحة بمعمر القذافي في أواخر 2011، خلقت الولايات المتحدة والناتو فراغًا ترك ليبيا في رحمة المتطرفين والقتلة، وأضاف أن عدم مساعدة أمريكا لمصر ضد معركة أكبر حركة تمرد إسلامية في التاريخ، وكذلك عدم تدخلها لاحتواء الحرب الأهلية في العراق وليبيا وسوريا خلقت أرضًا خصبة للتطرف الديني، والذي سيكون كارثة على كل من أمريكا والعرب سواء.
رسالة السيسي بأن شرق ليبيا يحتضن معسكرات تدريب الجهاديين وعلاقتهم بالإخوان المسلمين، لم تظهر فجأة، فالإعلام المصري يمتلئ بتقارير عما يسمى "الجيش المصري الحر"، وإشارة بأن "درنة" ، في شرق ليبيا، أضحت معقل الجهاديين العالميين بقيادة "الأمير" شريف الرضواني، الذي استعان بإسماعيل الصلابي بأحد قيادات تنظيم القاعدة البارزين.
نائب وزير الدفاع الليبي خالد الشريف نفى صحة هذه الادعاءات، كما نفاها نعمان بن عثمان الباحث الليبي المتخصص في الحركات الإسلامية ورئيس "مؤسسة كويليام".
إن درنة تضم جهاديين بلا شك، وسط ادعاءات بكونها محل تدريب جماعة "أنصار الشريعة" التي اتهمتها واشنطن بالوقوف وراء حادث قنصلية بنغازي، لكن لا دليل على أن تلك العناصر الجهادية شكلوا كتائب مسلحة تعتزم مهاجمة مصر، حتى إن بن عثمان أشار إلى أن عددهم ضئيل يمكن حصرهم على أصابع اليد الواحدة.
الدوافع وراء تدخل الجيش المصري في ليبي لا يجب أن ينظر إليها باستخفاف، على الأقل من وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل، الذي لديه انطباع بأن الطائرات العشرة "طراز الأباتشي" سوف تستخدمها مصر في سيناء، وليس على الحدود الليبية... وبخلاف الأباتشي، فإن خطوة هاجل بإرسال الطائرات لمصر تسمح لواشنطن بالإفراج عن جزء من المساعدات العسكرية السنوية البالغ مقدارها 1.3 مليار دولار.
السيسي أعلن بالفعل نواياه في ليبيا، بوضوح. الجنرال الليبي السابق خليفة حفتر قال إن السيسي عرض التدخل العسكري لصدّ الانقلاب في ليبيا، وأخبر حفتر وكالة "عين ليبيا" أن الجيش المصري عرض نشر قوات للتحكم في حقول النفط في الهلال، لكن بعد فشل محاولة الانقلاب، نفت مصر ضلوعها في الأمر.
غني عن القول أن الديكتاتور العسكري الذي يقود مصر إلى طريق الهلاك هو سيء بما فيه الكفاية، ولكن بدفع مصر إلى التدخل في دول فاشلة أخرى مثل ليبيا، التي تعجّ بالأسلحة، فإن السيسي يصبح مصدرًا رئيسيًا من عدم الاستقرار الإقليمي، فما يحاول السيسي فعله في شرق ليبيا يعرض الجميع للخطر. لقد شاهدنا بالفعل كيف تسببت الأسلحة التي أغرقت ليبيا في إحداث تمرد في مالي، وإشعال الحرب الأهلية في سوريا، فهل يريد هاجل إضافة مصر إلى تلك القائمة؟ هل هذا يصب في مصلحة أمريكا؟