داني روبنشتاين | ما زال الفلسطينيون حتى اليوم يستنجدون بالاشقاء العرب، ومثلما خذلهم هؤلاء بالأمس ها هم يخذلونهم اليوم
ياسر عرفات الذي ولد (في عام 1929) وكبر وترعرع في القاهرة، انضم في نهاية شهر نيسان / أبريل من عام 1948 الى مجموعة من المتطوعين المصريين الذين جاءوا ليحاربوا الوجود اليهودي. بعدها بأسبوعين، في الخامس عشر من شهر أيار / مايو من عام 1948، انتهى الانتداب البريطاني على المنطقة التي كانت تسمى “بلشتينا دولة إسرائيل”. دافيد بن غوريون أعلن عن إقامة دولة إسرائيل، وفي اليوم ذاته اجتاحت الجيوش العربية البلاد من أجل محاربة الدولة اليهودية التي ولدت للتو. إحدى الفعاليات الأولى للجيش المصري كانت نزع سلاح المليشيات العربية المختلفة في جنوب إسرائيل لكي يتم إدارة الحرب بصورة مرتبة بواسطة جيش نظامي.
ياسر عرفات، حتى يومه الأخير، كان يروي كيف جاء اليه جنود مصريون وأخذوا منه بندقيته، ولم يسمحوا له بالقتال. وماذا حدث؟ “المصريون لم يسمحوا لي بالمشاركة في القتال، وفي نهاية الأمر خسروا ووقعوا على اتفاقية وقف إطلاق نار ومن بعدها على اتفاقيات سلام مع إسرائيل”.
هذه الفكرة عادت وظهرت في كل نقاش سياسي مع عرفات. في السنوات التي تلت عام 1948 تمت ملاحقته واعتقاله في كل دولة عربية تقريباً، في الأردن، في سوريا وفي لبنان. على هذه الخلفية سئل عرفات عن سبب وجود المشكلة الفلسطينية، وجوابه كان دائماً: إخواننا العرب خانونا.
ياسر عرفات الذي ولد (في عام 1929) وكبر وترعرع في القاهرة، انضم في نهاية شهر نيسان / أبريل من عام 1948 الى مجموعة من المتطوعين المصريين الذين جاءوا ليحاربوا الوجود اليهودي. بعدها بأسبوعين، في الخامس عشر من شهر أيار / مايو من عام 1948، انتهى الانتداب البريطاني على المنطقة التي كانت تسمى “بلشتينا دولة إسرائيل”. دافيد بن غوريون أعلن عن إقامة دولة إسرائيل، وفي اليوم ذاته اجتاحت الجيوش العربية البلاد من أجل محاربة الدولة اليهودية التي ولدت للتو. إحدى الفعاليات الأولى للجيش المصري كانت نزع سلاح المليشيات العربية المختلفة في جنوب إسرائيل لكي يتم إدارة الحرب بصورة مرتبة بواسطة جيش نظامي.
ياسر عرفات، حتى يومه الأخير، كان يروي كيف جاء اليه جنود مصريون وأخذوا منه بندقيته، ولم يسمحوا له بالقتال. وماذا حدث؟ “المصريون لم يسمحوا لي بالمشاركة في القتال، وفي نهاية الأمر خسروا ووقعوا على اتفاقية وقف إطلاق نار ومن بعدها على اتفاقيات سلام مع إسرائيل”.
هذه الفكرة عادت وظهرت في كل نقاش سياسي مع عرفات. في السنوات التي تلت عام 1948 تمت ملاحقته واعتقاله في كل دولة عربية تقريباً، في الأردن، في سوريا وفي لبنان. على هذه الخلفية سئل عرفات عن سبب وجود المشكلة الفلسطينية، وجوابه كان دائماً: إخواننا العرب خانونا.
هذه المقولة سيطرت على القصة الفلسطينية للحرب في عام 1948 وما زالت شائعة حتى اليوم في العديد من البلدات الفلسطينية، بالأساس في الضفة الغربية. كان جواب الجنود العرب عندما سألهم الفلسطينيون عن سبب عدم محاربتهم “ما في أوامر”. أي بمعنى ان القيادات العربية، من ضمنها قيادة الجيش العراقي الذي كان متواجداً في مركز البلاد، لم تعط للجنود العرب الأمر بالقتال. بكلمات أخرى: الحكومات العربية ادعت انها تحارب إسرائيل، لكن في الواقع لم يحاربوا، وإنما خانوا.
لاحظت هذه الفكرة عندما رأيت الفلسطينيين المساكين في حارات غزة يعودون لرؤية بيوتهم ليجدوها مهدمة خلال فترة وقف إطلاق النار الإنسانية. العديد منهم أجهشوا بالبكاء وصرخوا أمام كاميرات قناة “الجزيرة”: أين أنتم يا عرب؟ أين أنت يا السيسي؟ أنتم تجلسون صامتين وانظروا ماذا يفعلون بنا!”.
الغضب الفلسطيني على دولة إسرائيل التي تمس بهم وعلى حركة حماس في غزة ليس بحاجة الى تفسيرات. إسرائيل هي الخصم. لكن الأسوأ من ذلك هو تصرف الأخوة العرب. هذه خيانة. صرخات مشابهة كان يمكن سماعها بين أنقاض مخيمات اللاجئين صبرا وشاتيلا في لبنان حين قامت مليشيا مسيحية بمجزرة هناك في عام 1982 في حين كان الجيش الإسرائيلي متواجدا على مداخل المخيمين. الفلسطينيون لم يشتموا إسرائيل، ولا الجنود المسيحيين – وإنما شتموا بالأساس قادة الأخوة العرب الذين سمحوا بحدوث مثل هذه المجزرة.
هنالك مثل فارسي قديم عن هذا الموضوع الذي يسأل لماذا عندما يتم ضرب الحديد بالخشب يسمع صوتا خافتاً – وعندما يتم ضربه بالحديد يسمع صوتا عالياً. الجواب: الحديد المضروب يصرخ بصوت عال لأن أخاه، الحديد الآخر، يضربه.
فكرة خيانة العرب، حيث يتواجد المصريون في أعلى اللائحة حالياً، والتي سمعت خلال الأسبوع الأخير بين أنقاض حي الشجاعية تسيطر وتقود الروح والسياسة الفلسطينية في جميع فتراتها. هنالك رسامة كاريكاتير معروفة في غزة تدعى أمية جحا التي غالباً ما ترسم الحكام العرب، خصوصاً أمراء الخليج في قمصانهم البيض (الدشداش) ومنظرهم بشع، سُمناء، ويبحثون عن الملذات، ودعمهم للقضية الفلسطينية يتلخص بعدة صدقات مثل الشخص الذي يرمي عظمة للكلب. بالإضافة الى جوقة من الإعلانات والتصريحات القومية وشعارات فارغة. وسبقها الرسام الفلسطيني المعروف ناجي العلي بهذه الفكرة عندما كان بطله “حنظلة” يظهر الأصبع المتوسطة للحكام العرب الفاسدين.
فكرة انه من الواجب على كل حاكم عربي ان يساعد الفلسطينيين مغروسة في كل الفعاليات القومية الفلسطينية منذ بدايتها. حاول العرب مساعدة الفلسطينيين في العديد من الحروبات (في ثورة 1936، حرب الاستقلال الإسرائيلية 1948، حرب الأيام الستة في حزيران 1976، وحرب يوم الغفران (أكتوبر) 1973)، لكن في جميع الحالات فشل العرب. الفلسطينيون يرفضون تقبل مثل هذا الفشل: بالنسبة للفلسطينيين لا يجوز ان تكون 22 دولة عربية يصل عدد سكانها الى نحو 350 مليون نسمة، ذات جيوش نظامية قوية، ثراء اسطوري بسبب النفط، وقوة سياسية وقدرة تأثير عالمية، غير قادرة على التعامل مع دولة إسرائيل الصغيرة.
فكرة ان القوة العربية الكبيرة غير قادرة على المس بإسرائيل بسهولة وإعادة الحقوق للفلسطينيين، لا تريح الفلسطينيين. وعندما يستمر هذا العجز على مدى عشرات السنين، فإن التفسير الوحيد الذين يعطونه هو ان الحكام في الدول العربية الشقيقة فاسدون وخائنون. هؤلاء الحكام يخدمون مصالح غربية، وليس مصالح الأمة العربية. هذا ما قاله عرفات في عام 1948، وهذا ما يعتقدونه في غزة في عام 2014.
داني روبنشتاين – محاضر عن القضايا العربية في جامعة بن غوريون الاسرائيلية والجامعة العبرية في القدس، وكاتب عمود القضايا الاقتصادية الفلسطينية في صحيفة Calcalist.