يصدر قريبا كتاب لمؤرخ مصري معروف يتوقع أن يثير الكثير من ردود الأفعال بسبب محتواه الذي سيكون صادما لكثيرين في الاوساط الثقافية والسياسية خاصة فيما يتعلق بصورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحقيقة الدور الذي قام به التنظيم الطليعي في تاريخ مصر.
الكتاب عنوانه "وجوه في التقارير السرية للتنظيم الطليعي" للمؤرخ حمادة حسني، مدرس التاريخ الحديث بجامعة قناة السويس، وهو متخصص كذلك في تاريخ الحقبة الناصرية وصدرت له عدة مؤلفات حول تاريخ هذه الحقبة أهمها: "التنظيمات السياسية لثورة يوليو" و"عبد الناصر والقضاء" وهو كتاب يتناول التنظيم السري الذي أنشأه عبد الناصر في القضاء.
والتنظيم الطليعي هو تنظيم شبابي أسسه جهاز الاستخبارات المصري أيام حكم عبد الناصر قبل هزيمة حرب حزيران 1967 ، وكانت مهمته مناطة بكتابة ورفع تقارير أمنية لصالح هذا الجهاز.
أبرز الأسماء
في كتابه الذي يصدر قريبا يتوقف حمادة حسني أمام عدد من الأسماء المشهورة في عالم السياسة والثقافة في مصر كتبوا "تقارير" وهي تهمة طالما تقاذفها السياسيون وطالما نفاها كل من وجهت إليه.
ويؤكد أن من بين كتبة التقارير الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية والناقد الماركسي المعروف محمود أمين العالم والدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، والأستاذ صلاح الدين حافظ والدكتور مفيد شهاب والدكتور علي الدين هلال، وحسني أمين وأحمد حمروش وفاروق العشري والمؤرخ الشهير جمال بدوي. ومعظم التقارير كانت في قضايا شخصية، وكان عبد الناصر يقرؤها بنفسه ويؤشر عليها، وكثيرا ما كانت تأشيرته "يُعتقَل ويُفصَل".
عبد الناصر قرأ التقارير الأمنية
وقد سألته "العربية.نت" عما إذا كان نظام عبد الناصر استنسخ التجربة من البرتغال فقال إنهم منذ إنشاء الاتحاد القومي بدأوا في محاولة نقل تجارب من النظم الاستبدادية. وعبد الناصر كان مولعا بالتنظيمات السرية، وبعد خلافه مع المشير عبد الحكيم عامر بدأ يكوِّن تنظيما سريا وكان يختار أعضائه من طلاب الكليات الحربية.
ولدى سؤاله عن تقييمه كمؤرخ لكون شريحة كبيرة من المسؤولين والكبار ومعظم الأسماء الشهيرة في المعارضة من تنظيم واحد وما إذا كان هذا يعرقل الإصلاح، قال لـ"العربية.نت": نعم وبعضهم معارضتهم للنظام غير حقيقية. وعن مشاركة الإسلاميين في هذا التنظيمات أشار الدكتور حمادة حسني إلى عبد العزيز كامل وعائشة عبد الرحمن( بنت الشاطئ). وعما إذا كان التنظيم أعيد إحياؤه قال الدكتور حمادة حسني إن أحمد عز يقوم بتجربة جديدة مشابهة في أمانة السياسات، أما عودة أعضاء التنظيم الأول فعادوا للأضواء على يد الدكتور رفعت المحجوب رئيس البرلمان المصري السابق الذي أعاد معظمهم بعد توليه المنصب والقاسم المشترك بينهم أنهم ممن أطاح بهم السادات، كما أن المحجوب هو الذي أقنع الرئيس مبارك بالسماح بالحزب الناصري.
ومن الطريف أن بعض التقارير التي كان يكتبها مثقفون يساريون ثوريون كانت تحريضا على أعمال أدبية، فمثلا هناك تقارير عن رواية "شموع" لمصطفى أمين نشرها على حلقات وجمعها أعضاء بالتنظيم ووضعوا خطوطا تحت بعض السطور والفقرات وفسروها تفسيرا رمزيا، وبعد أشهر جاءت قضية مصطفى أمين، وهناك تقرير ضد رواية "ثرثرة فوق النيل" لنجيب محفوظ، وكتبوا تقريرا يحرض على مسرحية "البغل في البريق" لألفريد فرج. ومن أطرف ما في التقارير السرية للتنظيم الطليعي التنافس بين أنصار عبد الحليم وأنصار أم كلثوم فكان رجال المشير يؤيدون أم كلثوم ورجال عبد الناصر يؤيدون عبد الحليم.
وقد اطلعت ":العربية.نت" على عدد من التقارير السرية للتنظيم الطليعي أحدها تعلوه عبارة "سري للغاية" وهو محضر الاجتماع الثاني للتنظيم في 10 – 3 – 1957 وكان منعقدا بمجلس قيادة الثورة بالجزيرة برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر. وأخطر ما في التقرير ما يلي: "طلب السيد الرئيس من مقرر اللجنة قراءة نتيجة ما وصلت إليه اللجنة حتى تاريخ الانعقاد، وبعد أن انتهى من قراءة هذا التقرير أشار السيد الرئيس بأن اللجنة لم تحقق الغرض الذي كلفت به، وقد أشار سيادته أيضا للتنظيمات التي وضعت أنه كلما كبر التنظيم كلما تعقد."
ويكمل التقرير سرد كلام عبد الناصر الذي يقول بعد عبارتين عن احتمال السماح بوجود حزبين متنافسين: "المعروف أن المجتمع المصري فاسد، وعنده ميل للفساد وعند وضع الدستور وضع في الاعتبار الوضع القائم في البرتغال. لم يكن المطلوب هو تنظيم الحزب أو كيف نصل إلى تنظيمه. ولكن المطلوب هو كيفية تجنيد البلد تجنيد الشعب".