لماذا ترفض الكنيسة القانون
محمود سلطان | 12-10-2011 00:55
البعض يسرف ويغالي في توقعاته بشأن "الشغب الطائفي".. ويرسم صورة قاتمة، عن مستقبل مصر بسبب اتساع الاحتجاجات القبطية والتي بلغت حد رفع السلاح ضد الجيش المصري.
والمسألة في تقديري ليست بهذه السوداوية، فالظاهرة ارتبطت بوجود شخصين على صدارة المشهد، الأول تم خلعه في قصر العروبة.. والثاني في كاتدرائية العباسية، قد سقط رهانه على مشروع التوريث.. ولم يتبق له إلا عدة أشهر، حين تتسلم البلد حكومة منتخبة لها الشرعية، ستعمل القانون وتحاسب المخطئين وتعيد للدولة اعتبارها.
ومن هذا المنطلق ربما نكون قد اقتربنا من فهم ما حدث في ماسبيرو يوم الأحد الماضي.. فالحادث مفتعل ومخطط له بشكل جيد، واستهدف موعد الاستحقاقات الانتخابية، وكانت غايته تعطيلها.. لأن اجرائها يعني اعادة القانون ليحكم بين الناس في مصر بلا تمييز: كل مخطئ ولو كان شيخ الأزهر أو البابا شنودة، يحال إلى المحاكمة وبلا مجاملة أو تدليع أو طبطبة.
والكنيسة في صيغتها الحالية، لا تريد دولة قانون.. ولعلها استفادت كثيرا من حكم العصابات في عصر مبارك.. حيث ارتكب أباؤها المتطرفون العديد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، فيما سُكت عنهم في سياق سياسة المقايضات بين مبارك ورأس الكنيسة على مدى العشرين عاما الماضية.
الكنيسة هي التي رفضت قانون دور العبادة الموحد.. لأن القانون ينظم ويقيد وفق أسانيد موضوعية وعقلانية.. وهي الحالة التي لا يريدها دعاة الكراهية داخل التيار الشنودي.. فالتمدد الخرساني والأسمنتي غير المشروع للكنائس، بلغ حدا بلا أسقف، في عهد مبارك، استثمارا لتعطيل وتجميد أية مساءلة قضائية لكل من له سلطة دينية أرثوذكسية.
هذا الشغب سيتوقف قريبا وسيتحرر الإخوة الأقباط من هذه المظلة الكنسية القمعية، ويعودون إلى رحاب الوطن ليعيدوا بناء مؤسسات الدولة كتفا بكتف وكعبا بكعب وقلبا بقلب مع إخوانهم المسلمين.. وذلك حال أجريت الانتخابات وانتقلت السلطة من العسكريين إلى حكومة مدنية منتخبة ستحاسب الجميع، وتحتكم فقط إلى القانون.
فليحذر الجميع.. وليعلم بأن أحداث ماسبيرو كانت تستهدف تعطيل مسيرة التحول الديمقراطي في مصر.. وتعليق الانتخابات حتى لا يأتي من يحاسب الفاسدين والمجرمين والمتطرفين ودعاة الفتن الطائفة أيا كانت مناصبهم ومنزلتهم الاجتماعية أو المهنية أو الدينية.
الحل .. معروف.. وهو التعجيل باجراء الانتخابات البرلمانية واعادة بناء الدولة على مؤسسات دستورية وديمقراطية تراقب وتحاسب ولا يعنيها إلا المصلحة العليا لهذا البلد.
almesryoonmahmod@gmail.com