مسيلمة الكذاب المصري
في الانتخابات التونسية درس بليغ للعلمانيين في مصر. لم نقلها نحن بل قالها العلمانيون هناك لحلفائهم في العالم العربي.. "لا تحول معركتك إلى صراع ضد الإسلام.. فعنئذ ستخسر لأنك تجعل نفسك خصما للشعوب".
فاز حزب حركة النهضة بتسعين مقعدا، وجاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية "العلماني" في المركز الثاني بثلاثين مقعدا.
رغم انتصار النهضة الذي يعكس المزاج العام للشعب التونسي، فإن فوز العلمانيين بنسبة كبيرة من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي البالغة 217 مقعدا، يعني أنه يمكنهم الفوز في مجتمع مسلم لو تخلوا عن الاستفزاز الموجه ضد الدين والمتدينين، وأدركوا أنهم في معركة انتخابية للعمل العام وليس في معركة دينية لشطب الهوية وتحييد الإسلام وإبعاده عن الحياة السياسية والاجتماعية.
لا اعتقد أن العلمانيين عندنا بذكاء العلمانيين في تونس، ولا أتوقع أنهم يدركون معادلة النجاح رغم أن منصف المرزوقي وغيره من العلمانيين في تونس حاولوا خلال الأيام الماضية توجيه رسائل مباشرة إليهم تقول باختصار: لا يمكنك أن تنجح لو جعلت هدفك إلغاء الإسلام في بلد شديد التعلق بهويته الإسلامية والعربية.
ما أريد قوله في النهاية إن استفزازهم المستمر سيكون سببا في خسارتهم الكبيرة، فإذا كان علمانيو تونس برزوا منافسا قويا في الانتخابات، فإن أمثالهم المصريين قد يفشلون، خصوصا أنهم ما زالوا حتى الآن مقيدين في استديوهات الفضائيات والمكلمات الليلية المستمرة التي لا يسمعها الناخبون وغالبا لا يعرفونهم من خلالها.
العلمانيون في تونس يفسرون نتائج الانتخابات بأنها دعوة للتغيير وليس بالضرورة تبنيا للشريعة الإسلامية. لكن الناخبين عاقبوا أحزابا علمانية جعلت صراعها ضد الدين، فيما أيدت أخرى حليفة لها تجنبت ما قد يبدو أنه حرب ضد الإسلاميين.
ربع الأصوات ذهبت لحزبين علمانيين، من بينهما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه منصف المرزوقي، الذي جاء ثانيا بعد النهضة، والثاني "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات".
وقد تجنب هذان الحزبان الدخول في أي معارك مع الإسلاميين، بينما انهار فجأة حزب علماني كان مرشحا للمنافسة وهو "الديمقراطي التقدمي" لأنه اختتم حملته الانتخابية متهما حزب النهضة بدعم أجندة دينية خفية، فجنى الخسارة الفادحة التي عاقبهم بها الناخبون.
يقول المرزوقي "ندين بنجاحنا لحقيقة أننا لن نحارب الإسلاميين، فنحن لا نريد حربا أيديولوجية بينهم وبين العلمانيين. رسالتنا إلى الإسلاميين كانت: نحن مع الإسلام كدين للدولة".
انظر إلى الساحة العلمانية المصرية قبل أقل من شهر من الانتخابات البرلمانية ستجد عكس ذلك تماما. رسالتهم كانت وستظل: نحن ضد الإسلام كدين للدولة. ما زالوا يكررون أنهم يحاربون الدولة الدينية، مع أحدا من الإسلاميين لم يقل إن ذلك هدفه.
فرق كبير بين أن تقدم نفسك للناس بأنك تريد خدمتهم وعلاج مشكلاتهم في التوظيف والأجور والصحة وغير ذلك. وبين أن تقدم نفسك باعتبارك "مسيلمة الكذاب"!
ترى هل استمع مسيلمة الكذاب المصري لدرس منصف المرزوقي؟!