محمد موافى | 22-12-2011 14:15
تخيل الرجل الصالح عثمان بن عفان، رضى الله عنه, تم تصوير مقتله وبثه على الإنترنت ونشر صورة قميص عثمان فى الصحف, لو تم ذلك لقامت الدنيا وما قعدت ولخرجت الملايين تطالب بالثأر, ومعها حق تماما كما مع معاوية رضى الله عنه حق, ولكن الحق أن الحق الأعلى والأولى بالحق هوعلى بن أبى طالب رضى الله عنه.
مقتل عثمان فاجعة, ولكن الصورة لها جوانب أخرى, والفتنة دائما لا تبقى ولا تذر, وتماما صورة تعرية فتاة مصرية يصرخ فينا: ألا تغارون؟ نعم نغار ونأسف ونغضب, ونصر على أن لها حقا يجب أخذه, ولكن هناك جانبا آخر, لابد من تقديمه والإصرار عليه, وهو أن الاعتصام بهذه الصورة وما تبعه من إحراق ودماء واختلاط الحابل بالنابل, والثائر بالفاجر, والقاتل بالشيخ القتيل هو أمر يجب وقفه فورا, وعدم الانسياق وراء قميص عثمان فقط, وإلا احترق قميص مصر الأخضر.
وقبل تواجه الجيشين المسلمين, استشار على ومعاوية أعيان الرأى فى الكوفة والشام, فوقف أصحاب على يختلفون فى آرائهم ويفترقون فى مشوراتهم, بينما وقف أصحاب معاوية فى الشام وقالوا كلمة واحدة:"الأمر لك يا أمير".. وكما هو مذكور فى التاريخ قال على بن أبى طالب: لقد ذهب بها معاوية يعنى انتصر معاوية قبل أن تبدأ المعركة, انتصر بوحدة الرأى.
واليوم مصر تتمزق لأن هناك مئات الآراء التى يشكك كل منها فى بقية الآراء, وكلنا يعتقد أنه يمسك الحقيقة, مع أن الحقيقة أكبر من ذلك والصورة أكبر من ذلك وهى بحاجة لكلمة واحدة وهذه الكلمة قيلت قبل شهور عند الاستفتاء, فلنقبل النتيجة ونكمل الانتخابات ونكمل المتبقى من مرحلة انتقالية حتى انتخاب رئيس لهذا البلد.. ويكفينا اختلافات واعتصامات وفض وحشى للاعتصامات.
ولماذا ينبغى الوقوف فى جانب واحد وعدم رؤية بقية الجوانب, ولماذا يجب توقع الاتهام المباشر والشتيمة البذيئة كلما عبر أحد عن رأى ما فليس معنى أن تهاجم المعتصمين وتعترض على قطعهم الطريق, واعتبارك أن ما يفعلونه هو مزايدة على عموم الناس ومستقبل البلد, أنك إذن موافق على تعرية فتاة أو سحل متظاهر أو مزيد من الإذلال, أو أنك ممن يسألون ولماذا خرجت تلك الفتاة أصلا من بيتها وذهبت للاعتصام؟
كما أن غيرتك على الفتاة وعلى عرض مصرية, ورفضك العودة لمربع الذل والمهانة, لا يعنى أنك ضد المجلس العسكرى أو مع الثورة حتى النهاية أو أنك ضد الاستقرار.
لا هذا ولا ذاك, كما أن انتقادك لتطرف بعض من يرون أنفسهم النخبة لا يعنى مطلقا أنك من أبناء مبارك أو ممن يترحمون على أيامه أو أنك ضد الثورة وضد الحرية والكرامة والعدالة.. تماما كما أن انتقادك لممارسات بعض المرتدين أفرولات ويمارسون السحل على الهواء, لا يعنى مطلقا أنك موافق مائة فى المائة على كل ما يقال باسم الثورة, لأنه كم من الجرائم ترتكب تحت شعار الثورة.
أريد أن أقول: إن المزايدة على المواقف تطرف وإرهاب, كما أن تعرية الفتاة ليس من شيم المقاتلين.. كما أنها لا ينبغى أن تكون قميص عثمان.
محمد موافى
mmowafi@gmail.com |
|