من عبدالله بن سبأ إلى البرادعى
عبد الله بن سبأ، يهودى ادعى الإسلام نفاقاً، تنسب إليه روايات تاريخية على أنه مشعل الاضطرابات والاحتجاجات ضد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، وأحد الغلاة بحب الإمام على بن أبى طالب ومدعى ألوهيته رضى الله عنه، بل يقال إنه أصل هذه الفكرة وأنه مؤسس فكرة التشيع، بجانب ذلك فقد كان السبب فى معركة الجمل.
يعتبر بن سبأ أول من نادى بولاية على بن أبى طالب، وإن لكل نبى وصى وإن وصى الأمة هو على بن أبى طالب، وهو أول من أظهر الطعن والشتم فى الصحابة وخصوصاً أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والسيدة عائشة زوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
كثير من المؤرخين يرى أن ابن سبأ أصل التشيع بصفة عامة، وأصل الفتن الإسلامية الأولى، كفتنة مقتل عثمان، وحرب الجمل، ويرجعونه لأصول يهودية، على أساس أن تشتت شمل المسلمين هو جزء من مؤامرة يهودية كبرى.
اختلف المؤرخون فى هوية عبد الله بن سبأ، بسبب السرية التى كان يحيط بها دعوته، وذهب عامة المؤرخين أن ابن سبأ من صنعاء فى اليمن، لكن الخلاف إن كان من حِميَر أم من همدان؟ ولأنه من أم حبشية فكثيراً ما يطلق عليه "ابن السوداء".
والمتفق عليه أنه يهودى أسلم زمن عثمان بن عفان، وأخذ يتنقل فى بلاد المسلمين، فبدأ بالحجاز ثم البصرة سنة 33هـ، ثم الكوفة، ثم الشام ثم أتى مصر سنة 34هـ واستقر بها، ووضع عقيدتى الوصية والرجعة، وكوّن له فى مصر أنصاراً، استمر فى مراسلة أتباعه فى الكوفة والبصرة، وفى النهاية نجح فى تجميع جميع الساخطين على عثمان، فتجمعوا فى المدينة وقاموا بقتله رضى الله عنه، ومن ذاك التاريخ والمسلمون فى فرقة، ولم تتوحد كلمتهم من يومها بسبب رجل واحد.
وفى القرن السابع عشر ظهر فى دولة الخلافة العثمانية شخص يهودى يدعى "سباتاى ليفى" ادعى أنه المسيح عليه السلام، وأشاع قصة محبوكة تعضد افتراءاته، وتنقل بين عدة دول منها مصر، وكانت الدولة العثمانية فى ذاك الحين على رأسها السلطان محمد الرابع، فكلف الصدر الأعظم بضرورة اعتقال سباتاى، فأمر بإلقاء القبض عليه، وأرسل عن طريق البحر إلى استانبول، وفى التحقيقات التى جرت معه أنكر سباتاى كل ما نسب إليه، فتم إرساله للبلاط السلطانى.
وفى حضرة السلطان قيل لسباتاى: تدعى أنك المسيح، فأرنا معجزتك، سنجردك من ثيابك ونجعلك هدفا لسهام المهرة من رجالنا، فإن لم تغرز السهام فى جسمك فسيقبل السلطان ادعاءك.
فهم سباتاى معنى ما سمعه، فأنكر كل ما ادعاه، فأمر السلطان محمد الرابع بأن يعرضوا عليه الإسلام، فلما رأى المسيح المزيف أنه أصبح بين خطر الموت وبين الإسلام، اختار اعتناق الإسلام، ودخل فى شخصية المسلم المزيف، وتسمى "محمد عزيز أفندى".
لكن هذا الرجل تظاهر باعتناق الإسلام، وفى حقيقته استمر فى دعاويه الهدامة، فأسس لوبى خطير بداخل دولة الخلافة، أطلق عليهم "الدونمة" أى المهتدون، لكنهم فى الحقيقة كانوا كالسرطان الذى تغلغل فى جسد الدولة العثمانية، ومنهم خرج كمال ابن زبيدة العاهرة، الذى عرف فيما بعد باسم "كمال أتاتورك"، والذى على يديه سقطت دولة الخلافة فى الثالث من مارس عام 1924.
الآن فى جسد الأمة الإسلامية، ظهر عبد الله ابن سبأ، وظهر سباتاى ليفى، إنه هذا الشخص القادم من بلاد الغرب، الذى عاش عمره معهم، وتربى على موائدهم، وارتقى وعلا شأنه بهم لا بهمته، عاد ليهدم مصر ويخربها، إنه البرادعى الذى ينفق بسخاء على بلطجية التحرير، ويشجعهم على الاستمرار فى الاعتصامات غير المبررة، ويحثهم على الصدام مع الجيش والشرطة، وتدمير وإحراق مقدرات الشعب وتراثه، ويصدر كل ساعة تصريحا ناريًا، يؤكد فيه على أن هؤلاء المخربين ثوار، وأن الجيش يعاملهم بوحشية، دون أن يذكر لنا ماذا لو قام مجموعة من المواطنين الأمريكيين بمحاصرة البيت الأبيض أو مبنى الكونجرس ومنعوا الرئيس الأمريكى من أداء عمله؟؟ ليته يجيب لنا على هذا السؤال .. وهو يعلم تمام العلم أن هذا لو تم سيتم سحقهم سحقا، فهيبة الدولة فوق كل اعتبار، حتى لو سالت دماء وسقط القتلى، فالمصلحة العليا للبلاد فوق أى اعتبار، لكن البرادعى لا يهمه هذه البلد، فهو يحمل أكثر من جنسية، ولديه أكثر من قصر فى أفخم منتجعات العالم، ولديه ما يعينه على أن ينفق فى اليوم الواحد مليون جنيه، فكيف نقتنع بأن هذا الرجل تهمه مصر.