فترة قصيرة (شهران) كانت كافية ليكون محورًا للحديث حول أحد أكبر أباطرة الإعلام فى العالم العربي، ويعتبره البعض الأكبر فى مصر حاليًا، وذلك بعدما ملك ما يقرب من 16 شاشة فضائية، وصحيفة مصرية مستقلة "الفجر"، ووكالة أنباء "وكالة الأنباء العربية".
بين الصحافة والتلفزيون يقبع الشخص الغامض الذى ظهر منذ فترة قصيرة؛ فاحتل قمة اهتمامات المتابعين للإعلام فى مصر، خاصة أن المبالغ التى دفعها فى شراء هذه المؤسسات تتجاوز المليار دولار.
البداية كانت مع شبكة قنوات العاصمة "CBC" التى بدأت بثها منذ شهرين تقريبا عبر 3 قنوات تحمل نفس الاسم من بينها قناتان للدراما.وبعد انتهاء شهر رمضان الكريم 2011 انتشرت الأخبار حول مرور شبكة تلفزيون النهار (ظهرت مع CBC أيضا) بأزمة مالية طاحنة جراء عدم تحقيق عائد مادي من الإعلانات، ومنذ ذلك الحين بدأت الأنباء فى الظهور حول اندماج CBC والنهار؛ وهو الأمر الذى انتهى بالأمين بشراء شبكة النهار فى منتصف سبتمبر، لتبدأ من بعدها أنباء الشراء وعلامات الاستفهام تتزايد حوله.
مع نهاية نفس الشهر (سبتمبر) جاء الخبر الثاني، وهو شراء الأمين 85% من "مجموعة قنوات مودرن" -من أشهر القنوات فى مصر- وهو ما يعنى دخول أربعة شاشات جديد إلى جعبة الأمين وهى مودرن سبورت، ومودرن كورة، ومودرن حرية، وتمتلك كذلك -على الشاشة- تردد قناة تسمى مودرن البيضاء، وتحقق مجموعة قنوات مودرن مكاسب خرافية كل عام نظرا لأنها القناة الرياضية الأولي فى مصر حيث يعمل بها أبرز نجوم كرة القدم المصريين.
وفى تصريح لوليد دعبس، المالك السابق لقنوات مودرن قال إن مودرن دخلت في شراكة مع الأمين من أجل تطوير الشاشة وشراء بطولات جديدة للمشاهد المصري.
وكان الأمين قد دخل في مفاوضات لمدة شهر من أجل شراء "مودرن"، انتهت بالتوقيع على العقود، وحصل الأمين على نسبة كبيرة فى مجموعة مودرن قد تصل إلى نسبه 85%، وهى نفس النسبة التى اشتراها الأمين فى قناة "النهار".
وفى نفس الوقت بدأ الأمين فى الدخول إلى عالم الصحافة حيث أنهى الأمين صفقة شراء "وكالة الأخبار العربية" من عائلة رجل الأعمال الكويتي الشهير الخرافي، تمهيدًا لإطلاق قناة إخبارية.
وقالت صحف عربية إن الأمين وقع عقد الوكالة بعد مفاوضات استمرت ثلاثة أسابيع بين ورثة الخرافي ورئيس الوكالة حامد عز الدين أسفرت عن احتفاظ الورثة من الوكالة بنسبة 15% في مقابل 85% اشتراها الأمين.
صحيفة "الفجر" المصرية المعارضة لم تبتعد هى الأخرى عن جعبة الأمين الذى قام بشرائها بعد مفاوضات مع مالك الجريدة نصيف قزمان، ويرأس تحرير الجريدة عادل حمودة الذى يقدم برنامج كل رجال الرئيس على "CBC".
وقام الأمين بشراء نسبة 85% من الجريدة التى يتم الآن الاستعداد لتحويلها إلى جريدة يومية بعد أن كانت أسبوعية.
وبخلاف هذا الكم الهائل من الفضائيات التى كونت إمبراطورية الأمين الإعلامية، يشارك الأمين حاليًا فى مفاوضات أخرى لشراء مجموعة قنوات بانوراما التي تمتلك أربع قنوات، اثنتان للدراما وواحدة للأفلام وأخرى للأفلام الأجنبية.
من الرجل؟
حتى الآن لا أحد يستطيع أن يجيب على سؤال "من هو محمد الأمين؟"، إجابات وشائعات عديدة ومعلومة واحدة مؤكدة هى أنه رجل أعمال مصري كان يقيم بدولة الكويت منذ فترة طويلة، إلا هذه هى المعلومة الوحيدة وسط تعليقات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فالبعض يقول إنه كان عضو أمانة السياسيات بالحزب الوطني المنحل والبعض الآخر يقول إنه شريك لمنصور عامر -أحد أكبار رجال الأعمال فى مصر- وآخرون يرون أنه صديق مقرب لرجل الأعمال الهارب حسين سالم، الصديق المقرب للرئيس المخلوع حسني مبارك.
كل هذه الصفقات الإعلامية الضخمة تجعل منه أحد أباطرة الإعلام حاليا، ويشبهه البعض بـ"روبرت مردوخ" أحد أباطرة الإعلام فى الولايات المتحدة الذى يمتلك عددا كبيرا من المؤسسات الإعلامية موزعة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، ما بين صحف وقنوات وشبكات إخبارية، ويبقى السؤال لماذا يشتري الأمين كل هذه الوسائل الإعلامية؟ وماذا سيكون دورها في الفترة القادمة الحرجة من حياة مصر؟
وكما يبدو سؤال "من هو؟" بدون إجابة حاسمة يبدو سؤال ماذا يريد؟ هو الآخر بدون إجابة حاسمة خاصة فى ظل وجود تخمينات عديدة يرددها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى عديدون أنه يريد السيطرة على الإعلام ومن ثم السيطرة على العقول للعودة إلى عصر الحزب الوطني (حزب مبارك)، بينما يقول آخرون إن هذا الشخص هو ظهير لمجموعة من كبار رجال الأعمال المصريين والعرب، وهناك طرح ثالث يقوم على أن الجيش المصري شريك للأمين فى عدد من الشركات التى يقوم من خلالها بشراء هذه القنوات.زلة لسان تكشف بعض من المستور.!!!!!
زلة لسان كشفت معلومات خطيرة عن علاقات غامضة بين عدد من القنوات الفضائية وبرامج التوك شوز وبين رجال مبارك في سجن طرة ، ففي اعتراف خطير على الهواء مباشرة، كشفت الإعلامية منى الشاذلي، في برذنامجها "العاشرة مساء" على قناة "دريم" بأنها وزملائها من المعدين يتلقون اتصالات من أركان نظام مبارك الموجودين في "طرة".
وكانت "الشاذلي" تعقب "متهكمة" على مداخلة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء مروان مصطفى، عندما قال إن السجون مزودة بأجهزة للشوشرة أو لقطع الاتصالات عبر الهواتف المحمولة التي من الممكن أن تكون بحوزة السجناء، فأجابت "منى" : شوشرة إيه إذا كانوا بيتصلوا بينا من السجن .!!
في نهاية المداخلة، حاولت "الشاذلي" استدراك ما أعتبر "صدمة" قد تسبب حرجا للقناة من جهة ولزملائها من جهة أخرى.. وقالت إن نزلاء طرة من كبار رجال النظام السابق يتصلون بالإعلاميين للتعقيب أو للتصحيح أو لـ"الشتيمة" على حد قولها.
المفاجأة التي اعترفت بها "الشاذلي" تأتي في سياق جدل واسع بشأن "دور" و"ولاء"عدد من القنوات الفضائية والتي أسست في عهد الرئيس السابق بتصاريح من أجهزته وعلى رأسها جهاز مباحث أمن الدولة.. والذي كان يتدخل في كل التفاصيل ، من أول الموافقة على ترخيص القناة إلى إجازة البرامج أو في اختيار المعدين والمذيعين والضيوف أيضا.. حيث تواتر أنباء بوجود علاقات وثيقة بين شخصيات أمنية وسياسية وإعلامية كبيرة في "طرة" وبين عدد من القنوات التي كانت جزءا من أدوات دولة مبارك الأمنية من جهة، وكأبواق دعاية لتمرير مشروع التوريث من جهة أخرى.. في وقت لا تزال ملفات "فساد" ملاكها معلقة وهم في غالبيتهم من أعضاء أمانة السياسات أو من كبار رجال الاعمال الذين تضاعفت ثراواتهم بشكل فاحش تحت حماية مؤسسات مبارك السياسية والأمنية.. ويتردد داخل الوسط الإعلامي عن دورها في الابقاء على حالة الفوضى والاضطرابات السياسية، خشية فتح ملفات فسادها، حال استقرت الأوضاع، واعيد بناء مؤسسات الدولة الدستورية القانونيةوالديمقراطية.
يذكر أن في مصر الآن 10 قنوات فضائية، 6 منها على الأقل موصومة بأنها أسست من أموال جمال مبارك وزكريا عزمي وصفوت الشريف وممدوح اسماعيل الهارب في بريطانيا حاليا، فيما سربت مصادر اقتصادية أخبارا عن اتجاه عائلة مبارك وكبار رجال نظامه، نحو الاستثمار في مجال الإعلام، من خلال "وسطاء" غير معروفيين للتأثير على الرأي العام، وتعطيل التحول الديمقراطي في مصر.