محمد موافى | 22-03-2012 14:50
يقول جحا - فيما لم أقرأ من أخباره -: إنه لما قامت الثورة, وأصبحت طريق حمارى معبدة للاستظلال بتكييف القبة, أنخت الجمل, ونسيت أنه حمار, ودخلت على فرسى الأشهب كدخول صلاح الدين بيت المقدس, وقلت إننى أنا النائب المنتظر القادم بشرعية الثورة, وآلاف الأصوات, وما إن بدأت السوق وفتحنا المزاد على دم الشهداء, غفوت ساعتين واستيقظت على صوت الأذان, فقلت: الله أكبر كم فى الفتح من عجبِ, يا نائب النور هاجم نائب الكتلة, والله أكبر هذى الفتوحات أمامنا يا رجال, فهلموا واغرفوا من صحون ليست لكم, واهدموا بيوتًا مفاتيحها بيد غيركم, ثم بدأنا بالهجوم على مكتب النائب العام, فهو نائب عيَّنه حسنى بن مبارك المتنحى سنة إحدى عشرة وألفين للميلاد, وصرخنا أن اخلعوه وأقيلوه ولا تمهلوه ساعة يلملم فيها أوراقه وينتهى مما بين يديه من قضايا, وهجمنا هجوم الآساد, ومشينا مشية الليث, غدا والليث غضبانُ, بقول فيه إطناب وتجريس وبطلانُ, وبينما نحن على هذا الحال من الشغب, والمشاهدون كاد يهلكهم ملل التعب, إذ جاءنا صوت خفيض لا هو بالرنان ولا المهيض, وقال يا قوم ويا جماعة الخير من إخوان وسلف وجماعة ( يسقط يسقط حكم العسكر): إن النائب العام هو عمود بناء السلطة القضائية, وأنتم سلطة – بضم السين - تشريعية, وبينكم وبينه نصوص الدستور وخرط القتاد, وعرض البلاد, فأفيقوا فالأمر ليس لكم ولا تملكون فيه فعلا, كما لا تكادون تفقهون فيه قولا. فحوقلنا وقلنا: أما بعدُ, فلننطلق إلى حكومة كمال بن الجنزورى التى حملت تركة ثلاثين عامًا من الفساد, فحملناها أوزارًا إلى أوزارها, وقبضنا قبضة من الميدان, وكدنا نقذف الحكومة فى اليم وننسفها نسفًا, وطلبنا إقالتها وسحبنا الثقة منها, وعرضنا الأمانة على أنفسنا وقبلناها, فإذا بنفس الصوت الخفيض, يخرج علينا متأوهًا, ومتعجبًا ومتململاً وصائحًا: أيها الناس من أنتم حتى تقيلوا حكومة عيَّنها رئيس الدولة المُمَثّل فى المجلس العسكرى, فالدستور منح حق الإبقاء والإقالة, وصك التعيين والاستقالة, لرئيس الجمهورية وحده, وأنتم مجرد مراقبين ومستجوبين وطالبى وساطات وتوقيعات وتأشيرات وتعيينات وهلم آتٍ.
فقال نائب فى قوة البغل: (لا للمحاكمات العسكرية وإن فلانا حمار) فقلنا يا هذا نحن نتكلم فى أزمة السولار, فقالت الأغلبية منا خمسون رجلاً, ثم نجمع إليهم من كل قبيلة رجلاً لنضع الدستور, فقال نفس الصوت الجالس لنا بالمرصاد: يا أيها المتحصنون الأسياد, إن الإعلان الدستورى يمنحكم حق انتخاب رجالٍ مائةٍ من غيركم وليس من بنى جلدتكم البرلمانية, فصرخنا جميعا: بل القول ما قال الكتتانى, فرد الصوت: بل حكمت المحكمة الإدارية حضوريًا ببطلان القانون الذى ينص على جعل خمسين بالمائة من أعضاء الجمعية التأسيسية من نواب مجلس الشعب وأن الدستور يعتبر عقدًا اجتماعيًا وليس رؤية فصيل سياسى.
وحتى هذه الساعة لم نستيقظ ولم ندرك حدود بديهيات اختصاصات صلاحيات وظيفتنا كنواب للشعب فى اثنتين لا ثلاث لهما التشريع والرقابة, أو لجان التقصى والخطابة.
محمد موافى |
|