/>

مؤرخ أمريكي: الحرب العربية الباردة لن تمحو الإخوان






"حرب عربية باردة جديدة..السعودية تضغط على قطر بشأن الإخوان المسلمين، لكن فكرة محو الإخوان المسلمين تبدو لي غير محتملة".
هكذا يرى المؤرخ الأمريكي خوان كول أستاذ التاريخ بجامعة ميتشيجان الأمريكية في تحليل نشره على موقعه الرسمي كان نصه كما يلي:
إدراج السعودية لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر يشير إلى إعادة ترتيب أوراق جيوساسية كبرى في الشرق الأوسط.
قطر هي "الأمير الأحمر" للشرق الأوسط، فبالرغم من ثرائها الخرافي بسبب صادرات الغاز الطبيعي، إلا أن سياستها الخارجية تتسم بالشعبوية، وتظهر ميلا كبيرا للإخوان المسلمين، وعدم إعجاب بالحكام المستبدين في الشرق الأوسط، مثل الرئيس الأسبق حسني مبارك.
قطر استغلت علاقاتها بالإخوان المسلمين كشكل من أشكال القوة الناعمة في أماكن مثل تونس وليبيا وسوريا ومصر، كما هللت شبكتها الإخبارية الشعبية "الجزيرة" لثورات 2011 في المنطقة.
أمراء السعودية ،الثمانينيون، انتابهم الغضب من سقوط مبارك في مصر، فبالرغم من أن الأيدولوجية الدينية الرسمية التي تنتهجها المملكة هي الخط الوهابي المتشدد إلا أن مسؤولي الدولة العربية يحبون الاستقرار وفرض النظام أكثر من إعجابهم بالإسلام السياسي، لذا كانت السعودية سعيدة للغاية بمساندة قادة ليبراليين، طالما كانوا قادرين على تهدئة الجماهير.
وعلاوة على ذلك، فإن الوهابيين غالبا هم أناس هادئون سياسيا، لذا فإن السعودية تولي دعمها الكامل للمملكة.
السعودية اعتبرت صعود جماعة الإخوان المسلمين، كما لو كانت خلايا سرية ثورية تحاول الاستحواذ على بلد تلو الأخرى، مثل خلايا ستالين التي هيمنت على المجر وتشيكوسلوفاكيا في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية.
القيادة السعودية تنظر حاليا إلى الإخوان المسلمين مثلما كان ينظر الجناح اليميني الأمريكي إلى الشيوعية في فترة ماكرثي.
ويراود السعودية أيضا هاجس قلق كبير آخر، وهو "الخومينية"، أو الإسلام السياسي الشيعي، وهي الأيدولوجية التي تتبناها الدولة الإيرانية، لا سيما وأن 12 % من تعداد سكان الشعب السعودي من الشيعة، ويقطنون في مناطق بترولية بالمملكة.
السعوديون يعتقدون أن إيران تقف وراء القلاقل في البحرين ذات الأغلبية الشيعية، حتى أن المملكة أرسلت قواتها إلى البحرين لتعضيد حكام المنامة السنيين، كما أن الرياض منزعجة من فكرة سيطرة إيران على الأغلبية الشيعية في العراق، وكذلك تحالف بشار مع طهران، بالإضافة إلى دور حزب الله، الذين تنظر إلى مقاتليهم كما لو كانوا جنودا إيرانيين في المشرق العربي.
من وجهة نظر الملكية الوهابية، فإن الإخوان المسلمين والخومينية الشيعية لديهما سمات مشتركة، فكلتاهما حركتان شعبيتان، وكلتاهما تؤيدان النظام الجمهوري، لذا كانت زيارة مرسي لإيران في باكورة جولاته الخارجية بمثابة تأكيد للملك عبد الله بأنهما يعملان بشكل مترادف.
السعودية غاضبة أيضا من إدارة أوباما لإذعانها لسقوط مبارك، وتصديقها على الربيع العربي، ولتوافقها مع جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولتها الحالية للتقارب مع إيران.
العام الماضي في مثل هذا الوقت، كانت القوة الدافعة في المنطقة بحوذة قطر والإخوان وإيران، حيث استحوذت الإخوان وقتها على مصر، وكذلك أضحت أكثر قوة في ليبيا، كما حكم حزب إسلامي تونس، وفي ذات الوقت عضد تحالف إيران مع سوريا مع حزب الله شوكة الحركة اللبنانية ضد حلفاء السعودية في لبنان أمثال سعد الحريري، وكذلك السلفيين السنيين في سوريا.
وحدثت انفراجة للسعودية عندما تحالفت حركة تمرد مع الجيش المصري في 3 يوليو الماضي وهيمنوا على السطة، وقدم السعوديون والكويتيون والإماراتيون للمشير السيسي 24 مليار دولار، مع وعد بتقديم المزيد، من أجل استقرار الاقتصاد المصري المتأزم.
وفي ديسمبر، أعلنت الحكومة المصرية الإخوان جماعة إرهابية، عقب تفجير مديرية أمن الدقهلية، بالرغم من عدم إثبات وقوف الإخوان وراءها.
انتقلت الإخوان المسلمين إذن من سلطة الحكم إلى جماعة إرهابية في عام فحسب، وسار السعوديون على نفس خطى الحكومة المصرية، في اعتبار الإخوان جماعة إرهابية.
بالرغم من أن مجموعة مهمشة من جماعة الإخوان كانت تعتنق العنف إلا أن قيادات الجماعة نبذت أي نوع من العنف في صفقة أبرمتها في السبعينات مع الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات، والتزمت بشكل كبير بهذا التعهد.
إعلان شكل رئيسي من الإخوان السياسي باعتباره إرهابا بكل بساطة هو نوع من "البوشية العربية" نسبة لجورج دبليو بوش،عبر استخدام مصطلح "الحرب على الإرهاب".
المملكة السعودية عاقدة العزم على سحق  الإخوان المسلمين، خصمها الاستراتيجي، لذا تمارس ضغوطا على قطر.
وذكرت تقارير أن السعودية طلبت من قطر إغلاق فروع "معهد بروكينجز" ومؤسسة "راند كورب" في الدوحة، وهو لا يعد إشارة فقط للسياسة السعودية الجديدة المناهضة لأمريكا، لكنها تستهدف بعض الباحثين في المعهدين، الذين يميلون للإخوان.
فكرة محو الإخوان المسلمين تبدو لي غير محتملة، لأني أعتقد أن حوالي 20 % من المصريين يساندون الإخوان المسلمين، ولو بصورة مستترة على الأقل. الخطوات العنيفة التي اتخذتها مصر والسعودية لتجريم الانتماء للإخوان قد تدفع بعض العناصر الإخوانية الهامشية إلى العنف، وهو ما ينذر بحرب عصابات طويلة المدى، أو وقوع اعتداءات إرهابية. باختصار قد تتحول المنطقة إلى عراق جديد.
السعودية تتحدث الآن عن فكرة دخول مصر إلى مجلس التعاون الخليجي في صفقة يسمح لمصر من خلالها بالحصول على مزايا هائلة مقابل حماية دول مجلس التعاون الخليجي الثرية للغاية من إيران وشيعة العراق والإخوان المسلمين.
لقد نقلت الصحافة المصرية عن مصادر مصرية لم تكشف عن هويتهم قولهم إن السيسي في حالة أن أصبح رئيسا، يمكنه الحصول على استثمارات 240 مليار دولار من الخليج، في صورة استثمارات ومساعدات.
العراق، التي تضغط لصالح الشيعة، اتهمت السعودية بكونها خلف الإرهاب السني في العراق من أجل إضعاف الحكومة الشيعية.
أما تركيا فرغم عدم موافقتها على حظر الإخوان، إلا أنها تتحد مع المملكة السعودية بشأن سوريا.
لذا فإن الاستراتيجية الكبرى التي تنتهجها السعودية تتمثل في تشجيع الحركة القومية المصرية المناهضة للإخوان، وعزل قطر، والإطاحة ببشار الأسد، من أجل محو الإسلام السياسي من المنطقة، لكن من غير المحتمل أن تكلل تلك الاستراتيجية بالنجاح.
 

التعليقات
0 التعليقات