/>

محمد جمال يكتب : ماذا حدث عندما أختلف الرئيس مرسي مع الشيخ محمد عبدالمقصود ؟


تحدثت في يومٍ ما في حضرة الرئيس مرسي عن مناقب الشيخ محمد عبد المقصود، فتهلل وجهه ودعا له، وقال: هؤلاء هم العلماء الذين أوجب الله علينا احترامهم وطاعتهم.. ولم يكن الرئيس بعد قد تولي منصبه..

وكنت ممن يتابعون الشيخ محمد عبد المقصود منبهراً بعلمه وفقهه، وكانت بداية معرفتي به أن دعاني أحد السلفيين قائلاً: تعالى أسمعك علماً لن تجده عند الإخوان المسلمين.. اليوم يحاضر في هذا المسجد أعلم أهل مصر وأفقهها.. إنه العلامة محمد بن عبد المقصود .. وكان هذا أوائل العام 2001 م..

فذهبت معه للسماع متحفزاً لما يقول.. جلست إلي الرجل فوجدته يقول: قال سيد قطب رحمه الله … قال الشوكاني … قال حسن البنا … قال ابن باز … قال فلان وفلان … دون أن يتجاهل قول أحد مهماً كان.. ويسرد الحجج والآراء والأدلة..

الرجل يسرد الآيات والأحاديث وأقوال السلف والخلف سرداً كأنه يقرأ كتاباً مفتوحاً بين يديه، ويُفتي ويُجيب علي الأسئلة المفاجئة بالأدلة كأنه يُخرج الكتب ليقرأ منها!

أبهرني الرجل ووجدته حقاً من أعلم أهل مصر فعلاً.. وظللت أتتبع دروسه في كل المساجد حتى تم اعتقاله، ثم فك الله أسره ففاجأني الرجل بمواقفه الصلبة، وبقربه من الحركة الإسلامية والنضال ضد الظلم، والعجيب أن من دعاني له أصبح فيما بعد أمين لأحد الوحدات الحزبية لحزب النور.. دلني علي الخير وقتها جزاه الله خيراً وهداه، وهو الآن يقدح في الشيخ تعصباً لياسر برهامي!

وفي أثناء الثورة التي كان الإمام محمد بن عبد المقصود أول المشاركين فيها نزلتُ للميدان، وكان يتردد في الأوساط أن السلفيين يُفتون بحرمة المشاركة وخلافه، إلي أن تهلل وجهي برؤية الشيخ في الميدان مندداً بحكم المخلوع مبارك..

وبعد الثورة فاجأني أحد تلاميذ هذا السلفي الذي دعاني لسماع الشيخ! نعم فقد أصبح يقيم الحلقات ويجمع التلاميذ حوله!!

اتصل بي المريد متسائلاً: ما رأيك أيها الإعلامي في الشيخ محمد عبد المقصود؟!

قلت له عالم جليل.. سيدنا ومولانا.. قال لي: انظر ما قاله في حق رئيس حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي وألزم شيخك يا هذا ودع عنك فساد الإخوان..

فعدت أسأله: ما قال الشيخ!! وما قال الدكتور مرسي!! فأرسل لي فيديو للشيخ ينتقد الدكتور محمد مرسي حول قوله: (لا اختلاف بيننا وبين النصارى بسبب العقيدة).. والتي أسقطها البعض ليشغبوا علي الرئيس مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة آنذاك..

اتصلت بالدكتور مرسي علي الفور.. فقلت بشده: السلام عليكم دكتور مرسي..

قال لي: وعليكم السلام يا أخ محمد..

قلت له بشده : يا دكتور مرسي.. هل ترى صحة ما صدر عنك؟! أمن المعقول أننا والنصارى سواء في العقيدة؟! هل تؤمن بأن عباد الله الواحد كعباد الصليب؟!

قال لي: لم اقل ذلك.. وما ينبغي لي هذا غير معقول ، ما قلته : (لا خلاف بسبب) يعني لا أميز بسبب العقيدة.. لكن العقيدة مختلفة طبعاً.. أقصد لا تفريق في المعاملة بين مسلم ونصراني..

قلت: لكن الشيخ محمد عبد المقصود فهم عكس ذلك.. وهو الآن يحتد عليك..

ففزع الدكتور مرسي وقال: كيف عرفت؟!

قلت له: قال هذا في أحد الحلقات..

قال لي: لماذا لم يتأكد الشيخ مني! الشيخ منصف يا أخ محمد؟!

فقلت: سأعود إليه..

اتصلت بالشيخ، وقلت له: يا مولانا.. أنا كلمت الدكتور محمد مرسي…

فقال لي الشيخ مقاطعاً: الدكتور مرسي أخطأ..

فقاطعته: يا مولانا اسمع منه ولا تسمع عنه..

ثم شرحت له الموقف..

قال لي الشيخ: لكني اتصلت به ولم يجبني!

ثم قال: علي أي حال سأستفهم!

ثم عدت واتصلت بالرئيس مرسي فشرحت له الالتباس..

فقال لي: أعطني رقم الشيخ أهاتفه..

فأعطيته.. وبعد دقائق اتصل بي الشيخ محمد وقال لي: يبدوا أننا أخطأنا فهم الدكتور مرسي حفظه الله.. دبر لنا كيف يمكن أن ندرأ عن الرجل ما استطعنا.. فالرجل لم يقل هذا الكلام.. وهؤلاء شغبوا عليه من أجل القدح في حزب الحرية والعدالة..

فاتصل ليلتها الشيخ بأربع قنوات يبرئ الرئيس محمد مرسي من القول الذي شغب به عليه..

فكان الرئيس مرسي يهاب الرجل لعلمه ولنصحه.. ولأنه كان يعرف أنه لا يخاف أحداً إلا الله..

قال الرئيس لنا مرة: محمد عبد المقصود لو وقف ضدي فهذا معناه أنني يجب أن أعيد موقفي.. هذا الرجل لا يخاف ولا يداهن وهو من أولياء الله..

وفي الانتخابات الرئاسية سأل الدكتور مرسي من حوله قائلاً: من يدعمنا من المشايخ السلفيين؟!

وكانت كل الأحزاب والمشايخ بين صامت وداعم لأبي الفتوح..

فقلنا: الدكتور محمد عبد المقصود..

قال: أعرف.. ولولا هو وإخوانه العلماء في الهيئة الشرعية قد زكوا ترشحي لأعاد الإخوان النظر في المرشح مرة أخرى.. شرف لي أن يدعمني محمد بن عبد المقصود.. وكفي به إماماً عالماً مناضلاً.. وجعلني الله عند حسن ظنه..

انتهى كلامه فك الله أسره وأعاده لشعبه..

حق لي أن أقول: هذا خلق العلماء مع الحكام وخلق الحكام مع العلماء.. أعز الله شيخنا وفك كرب رئيسنا..

وحق لي القول: إن قول الإمام البنا: (منا من ليس فينا) لو كان في شخص لكان الشيخ محمد عبد المقصود.

التعليقات
0 التعليقات