كتب: عبدالله الشقرة
تعليقاً على أخبار طافت بها كثير من وسائل الإعلام االليبية وواقعها السياسي كتب الكاتب الصحفي الشهير "عبدالباري عطوان" تحت عنوان أهلا بكم في ليبيا الجديدة قائلاً
"ليبيا التي عاشت اكثر من أربعين عاما تحت حكم معمر القذافي كانت سيئة، ينخرها الفساد ويسودها القمع، خاصة في سنواتها الاخيرة، ولكن ليبيا “الجديدة” اكثر سوءا بكل المقاييس، فالامن شبه معدوم، والميليشيات المسلحة تسيطر على معظم مفاصلها، والفساد فيها تضاعفت معدلاته عدة مرات، والاهم من كل ذلك غياب كامل للدولة ومؤسساتها، وانتشار الفوضى، وتآكل الهوية الوطنية الجامعة لمصلحة القبلية والمناطقية السياسية والجغرافية".
وأضاف عطوان أن احداً لا يجرؤ على الحديث عن الحاضر في ليبيا، باستثناء القلة الجريئة، ناهيك عن المستقبل، ومن يكسر هذه القاعدة من الصحافيين او السياسيين الوطنين الشجعان فان رصاصة، او سيارة مفخخة، في انتظاره، فكم مرة اقتحم مسلحون استوديو البث في قناة تلفزيونية وفجروها، او خطفوا صاحبها، وكم من مرة جرى تفجير صحيفة بمن فيها.
وأردف قائلاً "لا احد يعرف اين يسير هذا البلد الذي “حررته” قوات حزب “الناتو” ومعها طائرات وقوات من دول عربية “ديمقراطية” وبموافقة جامعة الدول العربية ومصادقة امينها العام في حينها السيد عمرو موسى رئيس لجنة الخمسن التي صاغت الدستور المصري، هل هو يسير نحو الفيدرالية ام الكونفدرالية ام التقسيم، ام الفوضى الدائمة او المؤقتة؟"
وتسائل قائلاً كيف سيكون فيه نظام الحكم المستقبلي في ليبيا الجديدة هل هو “ملكي سنوسي” مثلما اقترح السيد محمد عبد العزيز وزير الخارجية، ام برلماني دستوري، ام ديكتاتوري عسكري؟
واتهم الكاتب اللجنة التي يجب ان تصيغ الدستور الجديد (لجنة 17 فبراير) بأنها لم تف بمهمتها، ومن غير المتوقع ان تفعل قبل ستة اشهر في اكثر التوقعات تفاؤلا، هذا اذا لم تتعرض للحل؟، واعضاءها للاغتيال فكل شيء جائز.
وأشار كذلك لإلى أن مدينة بنغازي عاصمة الشرق الليبي ومهد الثورة تشهد حاليا عصيانا مدنيا دعا اليه الليبراليون حسب بعض التقديرات، اما مدينة درنة عروس الجبل الاخضر التي كانت من اكثر مدن ليبيا ليبرالية وانفتاحا فقد تحولت الى امارة اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية، ويحكمها مجلس شورى اسلامي، واذا اتجهنا غربا فان مدينة تاورغاد ما زالت خالية من سكانها الممنوع عليهم العودة لان بشرتهم افريقية سوداء ويواجهون تهما بدعم النظام السابق، وانباء القتل والتفجير باتت من العناويين اليومية في مدينتي سرت وبن الوليد بينما ما زالت مدينة سبها خارج رادار الدولة ولا احد يعرف ما يجري فيها، اما عن سجون الميليشيات وما يجري فيها من تعذيب وانتهاكات للكرامة والشرف فحدث ولا حرج.
وأوضح عطوان أن العمال الاجانب والمصريون منهم على وجه الخصوص باتوا هدفا لاعمال القتل مسلمين كانوا ام اقباط، والمطارات يمكن ان تغلق او تفتح حسب مزاج احد قادة الميليشيات، فاذا كان مزاجه سيئا، وغاضبا من الحكومة، لعدم تلبية طلباته في زيادة “جعالته المالية” الشهرية، فانه لن يتردد عن ارسال اسطوله من سيارات “التويوتا” التي تعلوها المدافع الثقيلة لاحتلال المطار، ومنع اقلاع او هبوط الطائرات وترويع المسافرين والقادمين.
وأضاف الكاتب قائلاً "نحن هنا لا نتحدث عن افغانستان في ذروة حربها الاهلية، ولا عن الصومال بعد انهيار الحكم المركزي فيها، ولا عن لبنان عندما تحول الى دولة فاشلة لاكثر من 15 عاما من الحرب الضروس، وانما نتحدث عن ليبيا التي قال لنا نيكولاي ساركوزي رئيس فرنسا السابق وحليفه ديفيد كاميرون (بريطانيا)، ومن خلفهما قنوات “الربيع العربي” الفضائية وخبراؤها ومحللوها، انها ستتحول الى جنة الله على الارض، وستصبح نموذجا في الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان والشفافية، والعدالة الاجتماعية، وباقي المنظمة التي انتم تعرفونها وتحفظونها عن ظهر قلب".
وانتقد عطوان الذين وصفهم بأنهم صفقوا لطائرات “الناتو” الحربية وهي تقصف المدن الليبية أن أحداً منهمك لا يريد ان يعترف بهذا الوضع الليبي السيئ، ويقر بالكارثة التي حلت بالبلاد وشعبها، ومزقت وحدتها الديمقراطية والجغرافية.
ووصف الكاتب الشعب الليبي بأنه طيب، مضياف، متواضع في طموحاته المعيشية وأنه كان ضحية حملات تضليل ممنهجة شاركت فيها جهات عربية واجنبية لتحويل بلاده الى نموذج للفوضى الدموية، ومرتعا للفساد باشكاله كافة.
وأشار عطوان إلى أن الشعب الليبي الذي كانت تدخل ميزانية دولته اكثر من ستين مليار دولار من العوائد النفطية سنويا، ويملك حوالي 200 مليار دولار كعوائد خارجية، بات يقف على حافة الافلاس والجوع، لان آباره النفطية خاضعة لاحتلال الميليشيات، ويباع بعض انتاجها المسروق في عرض البحر، ورئيس وزرائه يهرب للنجاة بجلده واتهامات الفساد تلاحقه، ورئيس برلمانه يصارع لتبرئة ذمته مما لحق به من مزاعم اتهامات اخلاقية، ويواجه مظاهرات صاخبة تطالب بمحاكمته.