"المحكمة الجنائية الدولية رفضت شكاوى الإخوان"، "الجنائية الدولية لم ترفض دعوى الإخوان"..!.. خبران متناقضان تناقلتهما وسائل إعلام مختلفة؛ ففي حين أكدت وسائل الإعلام الموالية للانقلاب العسكري رفض المحكمة الدولية لدعاوى الإخوان لعدم الاختصاص ولكونها ليست مقدمة من الدولة المصرية، نفت مواقع مقربة من جماعة الإخوان المسلمين بشدة هذه الأخبار، مؤكدة أن جميع الأخبار التي تداولتها وسائل إعلام الانقلاب عارية تماما عن الصحة.
غير أن قانونيين أكدوا أن كلا الطرفين جانبا الصواب في تغطياتهما الصحفية للحدث، حيث لم يتحر كل فريق من الإعلاميين الدقة في تغطية ما تم، ولذلك جاءت تعبيراتهم متناقضة حول الواقعة الواحدة، حيث اكتفى كل فريق بعرض ما يؤيد وجهة نظره وحده.
ويقول قانونيون لشبكة "رصد" إن الحقيقة هي أن قضاة المحكمة الجنائية الدولية أصدروا قرارا برفض شكوى تقدم بها حزب الحرية والعدالة الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر، حسب ما أعلنت المحكمة الخميس، غير أنه في الوقت ذاته لا يعتبر هذا الرفض نهاية المطاف؛ إذ يمكن الطعن على هذا القرار والاستئناف بشأنه، كما لا يؤثر هذا الرفض على قضايا أخرى مرفوعة أمام المحكمة ذاتها ضد الانقلاب العسكري ومحاكم أخرى بعدة دول يتيح قانونها التقاضي على جرائم حدثت بدول أخرى.
أسباب الرد.. تناقض قضايا سابقة
وبحسب نص بيان المحكمة الجنائية الدولية الصحفي الصادر في 1 مايو 2014 فقد تم "رد الطلب الهادف إلى قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في شأن مصر والهادف إلى قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في شأن مصر باعتبار انه غير مقدم نيابة عن الدولة المصرية".
وأضاف البيان أنه "إثر استلام الطلب، ووفقاً للإجراءات المعتمدة لدى المحكمة، تحقق سجل المحكمة لدى السلطات المصرية ما إذا كان هذا البلاغ مقدماً بالنيابة عن الدولة المصرية، ولم يستلم رداً إيجابياً بهذا الخصوص، كما نقل رئيس السجل هذا الطلب إلى المدعي العام للمحكمة وأجرى استشارات معها في هذا الشأن، وبعد التدقيق، أبلغ رئيس السجل مقدمي الطلب بعدم إمكان اعتباره بمثابة إعلان بقبول اختصاص المحكمة وفقاً للمادة 12.3 من نظام روما الأساسي، بالنظر إلى أنهم لا يتمتعون بأهلية المطلوبة وفقاً للقانون الدولي للتصرف نيابة عن الدولة المصرية لأغراض نظام روما الأساسي. هذا القرار لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره بتاً في شأن طبيعة أي عمل جرمي يدعى بارتكابه في مصر ولا في كفاية الأدلة المقدمة".
وقال البيان أنه "وفقاً لنظام روما الأساسي، فإن اختصاص المحكمة الجنائية يشمل جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة على أراضي دولة طرف في نظام روما أو من قبل مواطني دولة طرف. إن الدولة المصرية ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، وفي شأن الدول غير الأطراف، فإن اختصاص المحكمة يشمل حالات قبول الدولة اختياراً باختصاص المحكمة الجنائية الدولية من خلال إيداع اعلان وفقاً للمادة 12.3 من نظام روما، أو الإحالة من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على المدعي العام للمحكمة. وبالنظر إلى عدم توافر هذه الشروط الأولية فيما يتعلق بالدولة المصرية، فلا اختصاص للمحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المدعى بارتكابها على الأراضي المصرية".
الاستئناف والمراجعة أو الطعن
وفي المقابل أعلن المحامي الدولي "الطيب علي" مقدم شكوى "الحرية والعدالة" المصري أن قرار "الجنائية الدولية" برفض طلبنا نظر الجرائم التي وقعت في مصر خاطئ وسنتقدم باستئناف لمراجعته، وهو ما يعني أن ملف القضية لم يغلق بعد.
وفي السياق ذاته أعلن قيادي بارز بحزب "الحرية والعدالة"، الذارع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر أن الفريق القانوني الدولي للحزب سيقدم للمحاكمة الجنائية الدولية ملاحظاته على قرارها برفض النظر في دعواه ضد السلطات الحالية في مصر.
وقال محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بالحزب والمقيم بلندن لوكالة "الأناضول" إن "الحزب وفريقه القانوني سيدرسان أسباب رفض المحكمة الجنائية الدولية لدعواهما ويقيمان إياها ويقدمان ملاحظاتهما على القرار للمحكمة بعدها".
كما رد سودان على ملاحظات المحكمة بخصوص استناد المحكمة الجنائية لعدم توقيع مصر على الاتفاقية المؤسسة لها بإعلان عدم اختصاصها في نظر دعواه، قائلا: "الطلب قدم من الحزب نيابة عن حكومة تمت الإطاحة بها ورئيس تم اختطافه بعد انقلاب 3 يوليو الماضي، والمفترض أن هناك سابقة لدى المحكمة بقبول طلب مماثل من كوت ديفوار وهو ما كان يجب أن تلتفت إليه المحكمة خاصة وأن الحكومة في مصر هي حكومية انقلابية قادت انقلاب وقامت بجرائم ولن تقدم طلبا لتدين نفسها".
قضايا أخرى
واعتبر أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة"، أن هذا الرفض "ليس نهاية المطاف"، واستدرك مضيفًا: "مازال لدنيا 3 دعاوي دولية قانونية مرفوعة في إسبانيا وبريطانيا وجنوب أفريقيا بشأن الجرائم ضد حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد أنصار الرئيس محمد مرسي من هذه الحكومة".
وأوضح أن "الدعاوى مرفوعة من أشخاص تحمل جنسية هذه الدول بجانب الجنسية المصرية وقد تضرروا وذويهم من جرائم السلطة الانقلابية منذ الانقلاب"، مشددًا على أن "الحزب لن ييأس من الاستمرار في طريق القانون حتى ينتزع إدانة واضحة ضد الحكومة الانقلابية" على حد تعبيره.