/>

بأي "عيد" نحتفل أيها الغافلون...!؟.بقلم: السعيد الخميسي








* تمر بأمتنا العربية والإسلامية المواسم والأعياد مر السحاب , عيد بعد عيد , ومناسبة تلو مناسبة , ولكن فرحتنا وبهجتنا وسعادتنا بهذه الأعياد والمواسم منقوصة غير كاملة . حيث أن الشعور والإحساس بالعيد الحقيقي يتحقق عندما تتحر أمتنا من قيود الاستبداد وأغلال الاستعباد التي في أعناقها منذ سنين عديدة . تتحقق السعادة ويسرى رحيقها في قلوبنا عندما تتحرر إرادتنا من كل قيد يقيدها , وتتحرر أوطاننا من كل عدو يتربص بها . العيد الحقيقي يوم أن نعيش أحرارا لاسلطان لأحد علينا , ولا وصاية لأحد علينا , ولا إملاء لأحد علينا , ولا تعليمات تأتينا من قوى خارجية فنتحول إلى وكلاء أو أجراء لتقلى التعليمات وتنفيذ التوصيات من غير حول ولاقوه لنا . العيد الحقيقي ليس مظهرا خارجيا بل جوهر وحقيقة يجب أن نعيشها وتعايشها ونعلمها للأجيال القادمة .

* ليس العيد الحقيقي ارتداء الثوب الجديد وأيادي الوطن مكبلة بالحديد..!؟. فإن المظهر لايغنى عن الجوهر من شئ . إذا كان الجسد مريضا ومصاب بأمراض شتى مزمنة وآفات مستعصية , فإن هذا الجسد لن ينفعه ولن يبرأ سقمه ارتداء ثوب جديد مهما كان عظمته وثمنه وأناقته . إن جسد الوطن يئن من أمراض مستعصية على العلاج لأنها موروثة من جيل إلى جيل , ومن عهد إلى عهد , ومن نظام إلى نظام . فكيف نفرح بالعيد..؟ وكيف نستمتع بأعيادنا التي أحلها الله لنا ودماؤنا فى الطرقات تسيل , وأعراضنا فى الميادين تنتهك , ونساؤنا فى السجون تغتصب , وبيوتنا في كل وقت تقتحم , فلا أمن ولا أمان , ولا كرامة لأي إنسان , فأنت متهم حتى تثبت براءتك , ولن تستطيع أن تثبت براءتك , لان جلادك هو قاضيك , وسجانك ينتظر يوم الشماتة فيك . فبأي عيد نحتفل أيها الغافلون .

* ليس العيد الحقيقي رقصا وطبلا وفرحا وسرورا , وبلادي لم تر قط ضياء ولا نورا , نعم .. بلادي لم تر بعد النور لأننا مازلنا نعيش في دولة الرجل الواحد , والزعيم الواحد , والحزب الواحد , والإعلام الموجه , والقضاء المسيس , والأمن المتسلط المتكبر المتجبر . فلا حرية لمواطن , ولا كرامة ولا حاضر ولامستقبل لأحد إلا إذا كان من أبناء الحظيرة..!؟. نعم أعني ماأقول . إنها حظيرة السلطان . من دخلها كان آمنا على بيته وعرضه وماله . ومن وقف فى وجهها كان مصيره أحكام الإعدام بالجملة فى محاكم آخر الزمان . أن دخول حظيرة السلطان لايتطلب كفاءات تربوية ولا شهادات علمية ولا خبرة سياسية ولا حنكة عملية علمية . وإنما تتطلب فقط أن تجيد الموافقة والتصفيق , وأن تقبل كل شئ بلا تدقيق أو تحقيق . وتعطى لعقلك أجازة بدون مرتب . وأن تجيد فن النفاق . وأن تنسى أن لك حقوقا , فأنت لست إلا عبدا مملوكا لاتقدر على شئ , أي شئ...!؟.

* كيف يتسنى لنا أن نحتفل بالعيد ونشعر بسعادته وفرحته وشرفاء وعلماء وأحرار مصر خلف القضبان يعانون النسيان . أحرار مصر من الشباب والعلماء والسياسيين والناشطين الفاعلين فى غياهب الجب بلا ذنب أوتهمة . وان كان ولابد من تهمة فهى ممارسة العمل السياسي دون تصر يح . وكأن العمل السياسي يحتاج إلى تصريح مثل تصريح الدفن..!؟. فكل شئ ممكن بعد الانقلاب . إن أحباء لنا كانوا ملء السمع والبصر , اليوم لانراهم ولا نسمع عنهم ولا نعلم عنهم شئ . لقد تحولت مصر إلى مقبرة كبيرة يدفن فيها كل من له صوت وله رأى وله موقف . إذا أردت أن تحيا سليما من الأذى وحظك موفور وعرضك مصون , لسانك لاتذكر به عن السياسة شئ , وإلا ستجد نفسك فى عالم المجهول لاتساوى شئ...!؟.

* كيف نحتفل بالعيد احتفالا حقيقيا ونحن مطاردون فى بلادنا وأوطاننا وفى أعمالنا وفى مدارسنا ومعاهدنا وفى كل مكان يطاردون الشرفاء الأحرار. لاحرمة لأحد ولاضمان لأمان , ولا أحد فوق الاعتقال أو السجن أو تلفيق أى تهمة . فالضابط يقبض والنيابة تجهز التهمة والقاضي يحكم بما لايعلم . وبعضهم يعلم الحقيقة ولكن سيف الاستبداد فوق رأسه وملفه جاهز للعرض والتحقيق إن هو خرج عن القضبان المرسوم له . فبدلا من شعار الحكم بعد المداولة , صار الحكم يقينا بعد المكالمة , وبالها من مكالمة تملى على القاضي حيثيات الحكم وتفاصيله وسعادته ماعليه إلا التوقيع والقبول . فكيف يتسنى لنا أن نحتفل بالعيد وهذا حالنا وهذا مآلنا..!؟.

* وأنت تجلس بين أولادك الصغار تحتفل بالعيد . هل تذكرت أيتاما صغارا لاحول لهم ولا قوة , قتلت يد الغدر والعدوان أباهم بدم بارد . وأنت تجلس بين أبنائك الصغار تحتفل بالعيد , هل تذكرت أرامل وثكالى وبيوتا قد خلت تماما من ساكينها , قتل الأب ويتمت الزوجة , واعتقل الإبن الأكبر , وأصيب الابن الأصغر وتم تجريد البيت من كل محتوياته من قبل زوار الليل , فأصبح خاويا على عروشه من كل مايربطه بالحياة الدنيا . هل تذكرت تلك الحسرات..؟ هل أثرت فيك الصرخات والأنات..؟ هل بكيت كثيرا على زوجة لاتجد زوجها..؟ هل بكيت على أم شاب شعرها وهى تتحسر على فقدان وحيدها..؟ هل ذرفت الدمع مدرارا على أم وهن عظمها وقد فقدت بصرها حزنا وكمدا على قتل زوجها وفقدان ولدها واغتصاب صغيرتها..؟ هل كل هذه المشاهد المأساوية أثرت فيك ونالت منك..؟ فى أي بلد نعيش وأي وطن نحيا..؟ أجيبونا يرحمكم الله .

* كيف نحتفل بالعيد وقد تم اختطاف إرادتنا الحرة وإلغائها بجرة سلاح . لم يعد لرأينا من فائدة . ولم يعد لأي انتخابات قادمة من جدوى . ولم يعد فى ممارسة العمل الساسيى من نفع فى ظل هذه الأجواء الخانقة . البلد مختنقة وكأنما تصعد فى السماء من قلة أوكسجين الحرية المتاح لنا في أجواء السياسة . لقد نهبوا الوطن وسرقوه وقتلوه وأكلوا لحمه وشربوا دماءه وطحنوا عظامه وجردوه من ثيابه وتركوه عاريا فقيرا مريضا عاجزا عن فعل شئ . فهل هذا الوطن هو الذي نحلم بالعيش فيه..؟ وهل هذا الوطن يحقق طموحاتنا..؟ وهل هذا الوطن يحترم أعراضنا وآدميتنا..؟ وهل هذا الوطن يحمى حريتنا ويكرم إنسانيتنا..؟ هل من مجيب يرحمكم الله..؟ فبأي عيد نحتفل نحن..!؟. الفلسطينيون يقتلون فى غزة والمصريون يقتلون فى شتى الميادين , فما الفرق..!؟. تعددت الأسباب والقاتل واحد...!.

* لست فى كل ماسبق ذكره أحرم على أحد منكم الاحتفال بالعيد مع أصدقائه وأحبابه وأسرته وأبنائه وان يتبادل رسائل التهنئة مع كل من يريد . . فكل ذلك مباح ولاشي فيه . ولكنى فقط أردت أن اذكر حضراتكم والذكرى تنفع المؤمنين . أن عيدنا الحقيقي هو يوم أن نتحرر من الخوف والتهديد , عيدنا الحقيقي يوم أن نشعر بالأمن والأمان فى أوطاننا . عيدنا الحقيقي يوم لايبقى فى السجن برئ واحد . عيدنا الحقيقي يوم أن نقتص لدماء شهدائنا . عيدنا الحقيقي يوم أن نحمى إرادتنا السياسية فلا ينقلب عليها منقلب بقوة السلاح . عيدنا الحقيقي يوم أن لاينقسم الوطن إلى عبيد وأسياد . عيدنا الحقيقي يوم أن نحرر وطننا من فساد الدولة العميقة العتيقة . عيدنا الحقيقي يوم أن نقول فيسمع غيرنا لقولنا . عيدنا الحقيقي يوم أن نحول وطننا من بلد الزعيم الأوحد إلى وطن مؤسسات محترمة مستقلة . فحتى ذلك الحين استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه
.


التعليقات
0 التعليقات