علمت "المصريون"، أن عددا من مقار جهاز الأمن الوطني "أمن الدولة" سابقا شهدت خلال الساعات الماضية استدعاء المئات من العملاء السابقين، وذلك لإبلاغهم بخطة التعامل مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتحديد الدور الذي يقومون به، بحسب المخطط الذي وضعته إدارة التطرف الديني، وهو ما يأتي في ظل التوقعات التي ترجح فوز الإسلاميين بنصيب الأسد من المقاعد في الانتخابات التي ستنطلق في 28 نوفمبر المقبل، الأمر الذي يثير التساؤلات مجددا حول أداء الجهاز الذي بدأ عمله قبل شهور، ويسلط الضوء على مخاوف تنتاب قطاعا كبيرا من تدخلاته في مسار العملية السياسية.
لم يقتصر الأمر عند استدعاء العملاء التابعين لـ "أمن الدولة"، بل أجرى ضباط بالجهاز اتصالات مكثفة مع أعضاء سابقين بمجلس الشعب وطالبوا الكثير منهم بعدم خوض الانتخابات البرلمانية، على أن يقوموا بتقديم الدعم المالي لقوائم معينة تضم فلول الحزب المنحل، والمشاركة في حملات التأييد لهم.
ويهدف ذلك إلى عدم السماح للإسلاميين بالهيمنة على البرلمان المقبل، بشكل يتيح لهم السيطرة على الجمعية التأسيسية التي سيشكلها البرلمان المنتخب من أجل صياغة الدستور الدائم للبلاد. ويرغب جهاز "الأمن الوطني" إلى إيجاد برلمان متوازن لا يخضع لهيمنة الإسلاميين ولا يتيح لهم فرض وجهة نظرهم على الدستور المزمع.
وكشفت مصادر أن هذه الخطة قدمت برعاية اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية، حيث رصدت لها ميزانية ضخمة وتم صرف مكافآت كبيرة لعملائها السابقين، في محاولة لإعادة إحياتء نشاط الجهاز بعد تجميده إلى حد كبير خلال الفترة الماضية وعقب اندلاع الثورة، التي مثل الاحتجاج على تصرفات "أمن الدولة" أحد العوامل التي فجرت شرارتها.
إلى ذلك، أثار البيان الذي أصدره مجموعة من الإسلاميين ليكون بمثابة "ميثاق شرف" للمرشحين الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ردود فعل مرحبة كونه يضع قاعدة حاكمة للتنافس الانتخابي وينأى بهم عن أجواء الصراع التي من شانها أن تؤدي إلى تمزيق وحدة الصف.
وأثنى الدكتور أحمد أبو بركه المستشار القانوني لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لـ "الإخوان المسلمين" على البيان من حيث المبدأ، لكنه أكد أنه المهم هو التطبيق علي أرض الواقع وأن تتعاطى معه الأحزاب الإسلامية بإيجابية وألا يحدث تنافس بين مرشح إسلامي وآخر على نفس المقعد.
واعترف الدكتور طارق الزمر القيادي بحزب "البناء والتنمية"، الجناح السياسي لـ "الجماعة الإسلامية" وأحد الموقعين علي البيان بأنه صدر متأخرًا، وأضاف لـ "المصريون": تنفيذ البيان متروك لإخلاص كافة الأحزاب والتيارات الإسلامية لإرساء قواعد أخلاقية لممارسة سياسية ربما لم تشهدها مصر منذ عقود طويلة.
وقال: "البناء والتنمية" كان يمكن أن تخوض الانتخابات بقائمة مستقلة، لكنه فضل التحالف مع "النور" و"الأصالة" وتنازل عن الكثير من جماهيريته في الصعيد للحفاظ على تماسك هذا الائتلاف". ولم ينكر خوض منافسة بين مرشحي "البناء والتنمية" في الصعيد مع مرشحين لحزبي "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي لـ "الإخوان المسلمين" و"الوسط".
من جانبه، قال ممدوح إسماعيل نائب رئيس حزب "الأصالة": "نحن سعينا لذلك بكل الطرق، سعينا للتنسيق مع "الإخوان" لكنهم دفعونا خارج نطاق هذا التنسيق، فسعينا للتنسيق مع حزب "النور". وأضاف إن سبب فشل "التحالف الديمقراطي" هو أن الرؤية السياسية قاصرة ولا تتمتع بنظرة شمولية لأضواء التيار الإسلامي ككل.
وفي تعليقه على البيان، قال إسماعيل: "المهم العمل". وتابع في رده على سؤال حول المعايير التي على أساسها سينسحب مرشح لحساب آخر في حال إذا ما تنافس مرشحان أحدهما لـ "الأصالة" أو "النور" في مواجهة مرشح منافس من تيار إسلامي أخر، أجاب: "والله كل واحد يعرف قدره ومكانته في المنطقة الانتخابية التي سيترشح بها، والمسألة "مش محتاجة مزايدات".
من جهته، اعترف أبو العلا ماضي رئيس حزب "الوسط" بأن المسألة "مش سهلة"، ردا على سؤال حول مدى تقبل المرشحين وإمكانية الانسحاب تفاديا للصدام بين أكثر من مرشح إسلامي. وأضاف: نحن كأي تحالفات تضع قواعد ومعايير للأفضلية.
واعتبر الدكتور محمد حبيب القيادي بحزب "النهضة"، أن الهدف الأبعد هو تحقيق التحالف داخل البرلمان. وأضاف قائلا: "إذا كنا عاوزين مجرد أنك تضم صوتي لصوتك علشان أنا أفور بمقعد أو اثنين، لا، إحنا عاوزين التوجه هو إللي يكسب، وأن يكون هناك تنسيق وتعاون داخل المجلس مش مجرد الوصول إلى المجلس ثم بعد ذلك ينهار التحالف".