محمود سلطان | 10-11-2011 00:10
لا تمر في شارع أو حارة ـ أيام العيد ـ إلا وتجد "لافتة" باسم هذا الحزب أو ذاك.. وباسماء مرشحين لمجلس الشعب ، مستقلين أو ينتمون لأحزاب سياسية.. تهنئ أهل "القرية" أو "المدينة" أو "المحافظة".. بالعيد.!
قبل العيد.. غطت جدران البيوت والعمارات والمنازل، لافتات الأحزاب .. وكلها كلام فارغ يكاد يتطابق.. لا فرق بين هذه أو تلك إلا "نقطة" أو "فصلة" كما يقول البعض تهكما.
مصر الآن باتت بلد "عشرات الأحزاب".. مثلما كانت بلد "الألف مئذنه".. غير أن الأحزاب لا وجود لها ولا تجليات لحضورها في الشارع، إلا محض "خرق" قماش تفسد الذوق العام.. وتزيد التلوث البصري بما يؤذي العيون ويبعث على الحزن في القلوب المتعبة أصلا.
الكل تقريبا ـ بلا ستثناء ـ يمارس السياسة من باب "الفهلوة".. امتدادا لثقافة "الرزق يحب الخفية" والتي أحالت مصر من بلد مصدر للكفاءات المهنية إلى بلد لا يجيد إلا "ضرب" المهن.. وامتدت العدوى لتصيب السياسيين، فاعتقدوا بأن السياسة "فهلوة" و"خفة دم" .. يمكن بكلمتين "حلوين" في العيد نضحك على "الناخب" و"نلطش" منه صوته الانتخابي.. يعني تطوير في أدوات النصب السياسي.. من "خفة دم" إلى "خفة يد".
لم نر للأحزاب إلا "اللافتات" و"المقار".. التي تتوالد بشكل "بكتيري" فيما تخلو الشوارع من أية "خدمة" حقيقية تقدمها الأحزاب إلى المواطن الذي يشكو من الجوع ومن الحماية ومن النظافة ولا يوجد في جيبه ثمن الدواء لطفلته المريضة أو ثمن حذاء لطفله ليلة العيد.
السياسيون اليوم.. يريدون الفوز في الانتخابات بـ"بلاش".. بلا ثمن.. يتدربون فقط على "خفة اليد" وعلى "الاتيكيت الناعم" للنصب على ذوي القلوب الطيبة.. ولعل ذلك ما يفسر سر المعركة الكبيرة التي خاضتها القوى السياسية المصرية من أجل استعادة "القوائم" إلى النظام الانتخابي.. فهي الوسيلة الآمنة لوصول الكسالى ومن لا وزن لهم ولا قيمة إلى البرلمان عبر التسلق على أكتاف الآخرين.
حتى الآن لم نشعر بالمرشحين.. فهم "أشباح" تتحرك فقط عبر "الأقمشة" الممتدة على الجدر.. والمباني وعشش الصفيح داخل العشوائيات والأحياء المنسية على أطراف المدن و القرى.. تطالب من الجوعى والمكلومين والمرضى والأميين أن يعطوا أصواتهم لهذا "الشبح".. لأنه ـ بسلامته ـ خير من يمثلهم في البرلمان!!.
لا يوجد في العالم بلد يمارس فيه النصب باسم السياسة وعلى هذا النحو "الكاريكاتوري" والمؤلم في آن واحد إلا في مصر.. وهي مسألة ستظل رهن قدرة الشعب على معاقبة النصابين.. فهل سيفعلها في الانتخابات القادمة؟! .. نأمل ذلك.