>> ليبرمان الذى هددنا بضرب السد العالى بالقنابل النووية يبتهج بحكم تجريم حماس
سأظل أكرر حتى موتى أو اعتقالى : إننا كمصريين ندفع وسنظل ندفع ثمن فصلنا بين القضية الوطنية وبين القضية الديموقراطية وكافة قضايانا الداخلية وعلى رأسها العدل الاجتماعى ، قبل ثورة 25 يناير وبعدها وحتى الآن . وكل يوم تبرهن الأحداث الترابط الوثيق بين القضيتين من واقع أن السلطة الحاكمة والمسيطرة على البلاد سلطة واحدة وأننا نحكم بطغمة عميلة وأداة فى يد الحلف الصهيونى الأمريكى ، وهذا الواقع لايسمح لك أن تحارب وتنتصر على الأدوات أو الظل دون الجسم الأصلى الذى يحرك الأدوات ويخلق الظل . نعم نحن نحارب الظل، إذن نحن نحارب الأشباح ، ولن ينتصر أبدا من يحارب الأشباح والظلال والأوهام والأدوات .
هاهو الانقلاب يندفع بنا نحو حرب حقيقية ضد غزة فى كابوس لم يجرؤ أحد يوما على تخيله ، والكيان الصهيونى فى حالة من النشوة وهو يكاد لا يصدق ماتراه عيناه ، وإن جئت للحق فكل شىء متفاهم عليه ومتفق عليه مع السيسى والمخابرات الحربية المصرية والمخابرات الامريكية . تصعيد غير مبرر ومن جانب واحد وبدون أى حادث واحد يمكن الاستناد إليه ، فنحن أمام جر شكل مدبر ، مع سبق الإصرار والترصد . وبعد كل هذه الوحشية فى ضرب الأنفاق ، وإغلاق معبر رفح ، يصدر هذا الحكم الخسيس من قاض خائن لوطنه ودينه ، لا صلاحية له أصلا ليصدر هذا الحكم ، بتجريم حركة حماس وتحويلها إلى منظمة إرهابية بالمفهوم الاسرائيلى ، حتى قال ليبرمان وزير خارجية اسرائيل إن مصر تقدمت على اسرائيل فى محاربة حماس ، بينما حماس ممثلة الكنيست ( يقصد عرب 1948 وهم ليسوا فى حماس طبعا !) . جاء اليوم الذى أصبح فيه ليبرمان المتطرف راضيا عن القاهرة بعد أن كان يهددها بضرب السد العالى بالقنابل النووية !
هل نحن فى حلم أم فى علم ؟
ليست المفاجأة الكبرى فى موقف السيسى وأقرانه من الانقلابيين ، ولكن المشكلة الكبرى فى التحالف من أجل الشرعية و معظم القوى الوطنية والاسلامية ، التى ظنت وتصر على استبعاد القضية الوطنية وتأجيلها إلى أبد الآبدين ، لحين الخلاص من مبارك ( أثناء ثورة 25 يناير 2011 ) ثم طوال هذه السنوات الثلاث ، ويظنون ويصرون على أنه من الحصافة والوعى السياسى ، عدم التعرض لأمريكا واسرائيل بالسوء من القول أو الفعل إلى أجل غير مسمى ! ولكن أمريكا واسرائيل هما اللتان تتعرضان لنا ، بالسب والقذف والقتل والتآمر وافتعال الأزمات الأمنية والاقتصادية من خلال كل الأدوات والعملاء : السيسى ، تواضروس ، ساويرس ومن معهم ومن لف لفهم . الحلف الصهيونى الأمريكى هو الذى رتب للمذابح التى تجرى فى سيناء للمصريين المسالمين على خط الامدادات لغزة ( رفح – الشيخ زويد ) وليس فى جبل الحلال حيث من المفترض أنه مركز المسلحين . وهم الآن يدبرون لمذبحة فى غزة ، بالتعاون بين الجيشين المصرى والاسرائيلى ، بل تقوم الطائرات الاسرائيلية بدون طيار بالتعاون مع طائرات الأباتشى المصرية فى ضرب أهداف فى سيناء ، وأحيانا تضرب الطائرات الاسرائيلية وحدها . وهناك تصعيد للتهديدات الاسرائيلية فى جنوب لبنان ، بل تم شن غارة جوية اسرائيلية فعلية على أحد مواقع المقاومة اللبنانية ، وحذرت روسيا حزب الله من احتمال عدوان اسرائيلى بحد أقصى شهر يونيو القادم . وهناك حاليا تدريبات عسكرية اسرائيلية تحاكى الحرب على غزة وجنوب لبنان . بينما تتواجد قوات مصرية فى الامارات للتدريب لا ندرى من أجل محاربة من ؟ قطر أم إيران ؟! وهناك قوات أمريكية فى الأردن تستعد للانقضاض على جنوب سوريا فى أى وقت . كل الكوابيس أصبحت محتملة . والهدف ضرب كل أشكال التمرد على السيادة الصهيونية الأمريكية فى المنطقة ، وتسعير الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة ورقة رابحة من وجهة نظرهم ، لإنهاء فكرة الصراع التاريخى بين العرب والمسلمين من جهة وأمريكا واسرائيل من جهة أخرى وتكريس هذا الصراع العبثى البديل ، حتى وجدنا من البلهاء من يؤيد أمريكا فى أزمة أوكرانيا ضد روسيا وكأن أوكرانيا من صميم أمتنا العربية والاسلامية ، أما غزة الجارة فلم تعد كذلك .
لقد وصلت بنا الغفلة إلى حد أننا نتظاهر منذ 8 شهور دون أن نهتف مرة واحدة من أجل رفع الحصار عن غزة . بينما نحن نخوض معركة واحدة مع غزة ضد انقلاب 3 يوليو ، فالانقلاب يضرب الشعبين المصرى والفلسطينى على نفس نهج مبارك ولكن بوحشية أكبر . قلنا ونعيد ونزيد : مصر والشام وبالأخص فلسطين كتلة واحدة خاصة ضمن الكتلة العربية الاسلامية عموما ، ومصير مصر وفلسطين مصير واحد ولا نقول متشابك . منذ مصر القديمة الفرعونية حتى الآن وبنص القرآن الكريم ( راجع كتابى : سنن التغيير ) . ولم يتم الفصل بين مصر وفلسطين ذهنيا ووجدانيا إلا فى عهد كامب ديفيد . وهذا مرض عضال ولابد أن نشفى منه . ولن يرضى الله عنا ولن يبارك لنا ، ونحن نتصور أننا يمكن أن نحل مشكلاتنا ، بالتضحية بالأرض المقدسة ، وبالتعاون مع أمريكا واسرائيل ، كما هو الحال منذ عام 1974 وحتى الآن . والواقع أن أحوال مصر تدهورت عندما ظنت أن البعد عن فلسطين غنيمة . وعندما أعلنت حكومة وشعبا ( عدا قلة ضئيلة من المعارضة ) إنهاء الجهاد إلى أجل غير مسمى ، وبدون أى رخصة شرعية . وعندما تصورت مصر بما فى ذلك بعض الحركات الاسلامية أن عين المصلحة فى التهادن مع أمريكا واسرائيل ، والمرور كعب داير على كل سفارات الغرب ، تسولا للحرية ، وإرسال البعثات والوفود لذات الغرض : تسول الحرية من حكومات الغرب وليس مخاطبة الرأى العام الغربى وليس فى هذا الأخير ضير .
يا أخوة الاسلام ويا كل المواطنين المسلمين فى مصر( أما نصارى المصريين فلنا حديث آخر معهم إن شاء الله ) ماذا تفهمون حين تقرأوا هذه الآيات التى تتحدث عما نحن فيه بالضبط الآن ؟ والله إن لدى فضولا كبيرا لأسمع الرد ولا أسمع إلا كلاما سياسيا براجماتيا لا علاقة له بالقرآن والسنة :
· يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
· فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ
· وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ
· يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
· إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
· وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
· يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
· وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
· قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ( المائدة 51 – 59 )
هذا ما صدر عن حزب الاستقلال ( العمل سابقا ) فى الأيام الأخيرة لحكم مبارك ، وبالتشاور بينى فى محبسى وبين قيادة الحزب حول الرؤية الاسلامية للحزب وانتهى إلى التالى :
( إن الدور القيادى المصرى فى الدائرتين العربية والإسلامية سيكون رهنا بما نقدمه بالفعل من مثال ونموذج وتضحية وتحمل للمسئولية، وليس بالادعاءات اللفظية الفارغة من المضمون والعمل. ودور مصر القيادى مسئولية وليس فخرا أو نعرة كاذبة أو عرقية، تكليف وليس تشريفا. وفى نفس الوقت فإن ازدهار مصر ومصلحتها الخاصة الأكيدة، مرهونة بمشروعها العربى - الإسلامى وليس بأى خيار آخر: متوسطى أو شرق أوسطى أو غربى أو قطرية مصرية معزولة، وهذا درس التاريخ ودرس الحاضر والمستقبل.
ولأننا أصحاب دعوة ورسالة بهذا الحجم، فإن سبيلنا لتحقيق هذا الهدف الكبير، لا يكون إلا بنشر هذه الدعوة والتبشير بها, وإقناع النخبة والجماهير المصرية بها, فهذه هى الأولوية الأولى لأنه بدون إقناع الأمة المصرية بها وإثارة حماسها من أجل تحقيقها، لن نستطيع أن نتقدم خطوة للأمام. وإن كان خطابنا موجها فى ذات الوقت لكل الأمة العربية والإسلامية، ولكننا فى مرحلة التغيير داخل كل قطر على حدة. ونحن ندرك أننا لسنا وحدنا, بل إن الأمة العربية والإسلامية تمور بالأحزاب والجماعات والقوى التى تؤمن بنفس مشروعنا العربى - الإسلامى فى خطوطه العريضة، مع خلافات فى المنطلقات والرؤى والاجتهادات فى الوسائل وفى بعض الفروع، وإن كل هذه القيادات ستلتقى أو هى تتقارب وتتعاون وتنسق فى سبيل الالتقاء الاستراتيجى.
ولكن ستظل مهمتنا الرئيسية هى إحداث التغيير فى مصر, وهذا ليس بالشىء القليل، فمصر هى وطننا الذى لا نرضى له أن يكون مطية للأمريكان وصديقا للعدو الصهيونى، وهذا هو ثغرنا الذى نفتديه بأرواحنا، ونزهق أرواحنا من أجل تحريره، وهذا هو الذى سيسألنا الله عنه أولا يوم القيامة، فبعد سلسلة من الآيات حول الجهاد جاءت هذه الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا) (النساء: 97), وكأن ملك الموت سيكون سؤاله الأول بعد قبض أرواح الخانعين: (فِيمَ كُنتُمْ). ويتبين من هذا أن المؤمن لا يقبل الذل والخنوع لغير الله, فإذا لم يتمكن من المقاومة لإحقاق الحق ليس له إلا أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة. ونحن لن نهاجر, بل سنقاوم على أرض مصر, لأنه من استقرائنا للأحوال العامة لا نرى أن الهجرة مطروحة على المجاهدين فى مصر, لأن إمكانية العمل والتغيير والإصلاح ما تزال قائمة وممكنة بإذن الله.
نحن نرى أن التبعية للحلف الصهيونى - الأمريكى أصبحت حالة مؤسسية فى مصر, وأن الإصلاح الجزئى لم يعد ممكنا ولا مجديا، إن مصر تتعرض لتدهور تدريجى مستمر فى شتى المجالات، وأن الأمر أصبح يقتضى جراحة شاملة، لا سبيل إليها إلا بالتحرك الشعبى بقيادة واعية تستهدف استعادة مصر سيرتها الأولى. فالعصيان المدنى (أو الثورة الشعبية) سمها ما شئت هو السبيل الوحيد القويم لإحداث هذا التغيير، وسنتعاون مع كافة القوى الوطنية والإسلامية فيما يمكن الاتفاق عليه فى هذا السبيل, وبناء على اتفاقات مبدئية تتفق مع التصورات التى طرحناها فى كل هذه السلسلة، وأن ما نختلف فيه مع الفصائل الأخرى نطرحه للشعب يفصل فيه بعد تحقيق الهدف الأول والأسمى وهو تحرير مصر من الهيمنة الأمريكية وإعادة استقلالنا الوطنى المفقود، فليس صحيحا أننا لم نعد نواجه قضية وطنية كما كان الحال قبل 1952. فقبل 1952 كانت مصر دولة مستقلة من الناحية الشكلية لها علم ونشيد ومقعد فى الأمم المتحدة وملك يطلق عليه لقب ملك مصر والسودان. وكانت لدينا قاعدة عسكرية بريطانية فى قناة السويس، وكانت لدينا سفارة بريطانية تتدخل فى كافة شئوننا السياسية والاقتصادية.
وهذا هو الوضع الآن فنحن لدينا علم ونشيد ومقعد فى الأمم المتحدة، ولدينا قواعد عسكرية أمريكية بدون لافتات واضحة (فى صورة تسهيلات عسكرية دائمة), بل يؤكد الأمريكيون علنا ودائما أن لديهم 4 قواعد عسكرية فى البحر الأحمر وسيناء، بالإضافة للتسليح الأمريكى والتدريب الأمريكى ومناورات النجم الساطع التى تستتبع وجود نوع من التخزين الدائم للسلاح الأمريكى على أرض مصر (راجع كتاب: لا) ولدينا سفارة أمريكية تتدخل فى الشئون المصرية بأكثر مما كانت تفعل السفارة البريطانية (فى ما عدا حادث 4 فبراير 1942 والذى كان مرتبطا بظروف الحرب العالمية الثانية)، ولدينا مبنى ضخم مخصص لهيئة التنمية الأمريكية, به مئات العاملين لمتابعة كيفية إنفاق المعونة الأمريكية, وهذا يشمل كل الوزارات والمحافظات.
إن الوجود الأمريكى فى مصر حاليا أكثر خبثا وخطورة وعمقا من الوجود البريطانى قبل 1952, بل إن الوجود الأمريكى حمل معه النفوذ الصهيونى بصورة مباشرة وغير مباشرة. فالتطبيع المصرى - الإسرائيلى شرط ضرورى لاستمرار العلاقات المصرية - الأمريكية، فضلا عن اليهود الصهاينة الذين يخترقون مصر فى كل المجالات بالجنسية الأمريكية ومختلف الجنسيات الغربية الأخرى، فى ظل سياسة الانفتاح والشراكة مع أوروبا, حتى أصبحت علاقة مصر مع إسرائيل أكثر عمقا من علاقاتها مع أى بلد عربى (الغاز الطبيعى - الكويز - التعاون الزراعى - السياحة.. إلخ), بالإضافة للتنسيق الأمنى ضد حماس والمقاومة الفلسطينية فى غزة، مع تبنى مواقف سلطة رام الله الموالية لإسرائيل ضد حماس. وتجد مصر فى كل صراعات المنطقة تقف عمليا فى الخندق الأمريكى (فأعداء أمريكا هم أعداؤنا، وأصدقاؤها أصدقاؤنا). والأمر لا يحتاج لبرهنة كثيرة فالاعتراف سيد الأدلة, والنظام يعلن كل يوم أن العلاقات مع أمريكا (إستراتيجية وأزلية), كما أن الأفعال واضحة وعلنية لكل ذى عينين.
إذن على خلاف الشائع والمتصور فإن لدينا قضية وطنية مصرية، وأن مصر خاضعة لاحتلال أمريكى, والمسألة ليست بعدد الجنود ولا بظهورهم فى الميادين العامة، فقد كان عدد قوات الاحتلال الإنجليزى بعد القضاء على ثورة عرابى فى حدود 4 آلاف جندى!!
ومصر لا تخلو من قوات أمريكية على مدار الساعة, ولكنها ليست ظاهرة إلا أثناء مناورات النجم الساطع وفى قاعدة الإنذار المبكر فى سيناء. ولكن ليس هذا هو الفيصل، بل الأهم هو وجود آلية للهيمنة والسيطرة على القرار السياسى والاقتصادى، وكل ما نفذته مصر من تعليمات لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، هى إملاءات أمريكية، ولكن الأمر لم يقتصر على الأداتين اللتين تسيطر أمريكا عليهما، بل هناك التدخلات المباشرة فى كل صغيرة وكبيرة, حتى وصل الأمر لإملاءات أمريكية فى قانون الضرائب العقارية!! (ويكيليكس).
وهذا التصور للقضية الوطنية من أهم ما يميز رؤية حزب العمل, حيث نضع استقلال مصر على رأس أولوياتنا.
إننا لا نرى أن المشروع الوطنى - العربى - الإسلامى هو مشروع حزبى ضيق، بل هو مشروع للأمة بأسرها, وإننا نسعى لإقناع فصائل المعارضة برؤيتنا، ونسعى أساسا لإقناع الشعب، فالنظام الحالى لا يستمر إلا بموافقة الشعب، بصمته ورضائه بالأمر الواقع، أو لعدم ثقته فى البديل، أو لأن المعارضة لم تطرح نفسها أصلا كبديل.
هذه هى رؤيتنا.. نقدمها للشعب المصرى.. ونحن لا نملك سوى إخلاصنا لله والوطن، والاستعداد للتضحية بكل مرتخص وغال من أجل إنقاذ مصر وتحريرها وإعادتها سيرتها الأولى، وإنصاف شعبها المظلوم.
اللهم إننا أبلغنا.. اللهم فاشهد
( انتهى الاقتباس )
مانزال نتمسك بكل حرف فى هذه الوثيقة التى تنبأت بالثورة قبل وقوعها بشهور. ونرى أنها تتضمن التشخيص الصحيح لأزمة البلاد . ولقد أرهقت البلاد فى أزمات فرعية عديدة لأنها ابتعدت عن جوهر التشخيص وقاد الفريقان المتصارعان معركتهما تحت المظلة الأمريكية ، ونحن لا نسوى بين الطرفين ، ونعلن إنتماءنا الصريح للتيار الاسلامى والحل الاسلامى باجتهادنا المنشور والمعروف . ولذلك فإننا ندعو جموع الاسلاميين وجموع الوطنيين إلى تشكيل جبهة ثورية أو مجلس قيادة ثورة ليواصل هذه المرحلة من الثورة ، وليكن له برنامجه المعلن لتنفيذه فورا بعد سقوط الانقلاب وقد قدمنا تصورنا الأولى فى وثيقة العدالة والاستقلال .
لتكن ثورتنا أولا ضد كامب ديفيد التى أخرجتنا من الحق إلى الضلال
لتكن ثورتنا ضد الهيمنة الأمريكية الصهيونية
من أجل مصر المستقلة الناهضة التى تحالف الدول العربية وتشارك فى زعامة الأمة الاسلامية
ولا سبيل لنهضة مصر إلا عبر هذا الطريق
بل لاسبيل لإرضاء الله عز وجل إلا بالخضوع لأوامره وآياته وأن نقول عندما نسمعها وبملىء الفم : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
6 مارس 2014