* كان زئير شعار " ارفع راسك فوق أنت مصرى " إبان ثورة يناير, المغفور لها بإذن ربها , يهز المشاعر , ويعلو فوق كل المنابر , ويرعب كل ظلوم غشوم , حتى زلزلت نفوس الطغاة زلزالها , وأخرجت تلك النفوس الضعيفة مافى جوفها من خوف ورعب وهشاشة وضعف لم يكن يتوقعه أحد من العالمين . لأنهم أستأسدوا على شعوبهم وارتدوا قناع الذئاب اللئام وهم فى الحقيقة أضعف من ريش النعام , ولكن أكثر الناس لايعلمون تلك الحقيقة المزلزلة التى أزيح عنها الستار فانكشفت وانفضحت كل الأسرار. وكان حقا على الشعب المصرى أن يرفع هامته مزهوا مفتخرا بثورته المجيدة التى اقتعلت جذور الطغاة من تربة هذا الوطن طيلة عهود مديدة . واستنشق الشعب نسمات الحرية واستمتع بأريجها وانتعش بعطرها أياما معدوادات , وبدلا من أن تدفع ريح الثورة سفينة الوطن للأمام , إذ بها تغرقها مرة أخرى وعلى حين غفلة من أهلها فى قاع الوحل والطين لتستقر هناك إلى حين لتعود " ريما " لعادتها القديمة..! .
* لكن العار والأسى والحزن لحق بنا جميعا بعد ما اقتلعت ريح الثورة المضادة أوتاد خيمة ثورة يناير وهشمتها فوق رؤوس أصحابها , فمنهم من قتل , ومنهم من سجن , ومنهم من هرب , ومنهم من أصيب , ومنهم من ينتظر دوره إما فى القتل او السجن أو الإعتقال كل حسب تهمته التى أعدت له خصيصا . لكن الأشد أسفا وحزنا أن من بين ثوار يناير من انقلب عليها ووضع يده فى أيادى أصحاب الثورة المضادة بدعوى أنه لم يقطف من ثمار ثورة يناير مايشبع به جوعته ويسد به رمقه وكأن ثورة يناير كانت " سبوبة " يرتزق منها العاطلون ويكتسب منها المنتقعون . وهكذا طعنت ثورة يناير من ظهرها ومن الخلف وبأيدى بعض أصحابها الذين ملأوا الإعلام ضجيجا وثرثرة بأنهم هم من أشعلوا شرارة الثورة وألهبوا جذوتها . لكنهم تخلوا عنها فى أول اختبار حقيقى لايصمد فيه إلا الرجال وكما يقول المثل العربى " ليست النائحة المستأجرة كالثكلى المصابة فى وليدها".
* كيف يحق لنا أن نرفع رؤوسنا اليوم..؟ لقد عشنا فى وهم حلم جميل فإذا هو كابوس دميم . عشنا نحلم بحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية , فما وجدنا هذا ولاذاك , ماوجدنا غير القهر والظلم والتعذيب , ماو جدنا غير البغى والعدوان , ماوجدنا غير السجن والسجان , ماوجدنا غير السخرية والإستهزاء , ماوجدنا غير إراقة الدماء وقتل الأبرياء وسجن الشرفاء . ماوجدنا غير السفاهة والنذالة , ماوجدنا غير الرعب والخوف , تجرعنا الأسى جرعات , والصدمة والرعب قطرات , والهم والحزن على فترات . ضاع الحلم الجميل , واسود وجه المستقبل القريب . نضع رؤوسنا على وسادة القلق والتوتر , لنستيقظ فى الصباح على غيوم المجهول . "لاندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا...؟ "
* بأى وجه يحق لنا أن نرفع رؤوسنا فى وجوه أبنائنا..؟ ونحن نستيقظ فى كل صباح على أخبار توسع الجراح , فهذا صديقك فلان , قد قتله اليوم السجان , وهذا جارك فلان , قبضوا عليه وقتلوا فيه الإحساس بأن الله قد خلقه إنسان , وهذا زميلك الوفى الصديق , اقتحموا بيته بلاتدقيق , وقذفوه فى السجن بلا تحقيق . والتهمة جاهزة , والمحاكمة ناجزة , وأوراق القضية موثقة ومختومة , بأختام إبليس وتوقيع السيد الرئيس..! . وإذا أردت عبثا أن تدافع عن نفسك فذلك يوم طويل عبوس بئيس. أنت متهم بلا حيثيات , ومدان بلا مستندات , ومكبل بالقيود, وحبل المشنقة أقرب إليك من حبل الوريد .
* لكن العار والأسى والحزن لحق بنا جميعا بعد ما اقتلعت ريح الثورة المضادة أوتاد خيمة ثورة يناير وهشمتها فوق رؤوس أصحابها , فمنهم من قتل , ومنهم من سجن , ومنهم من هرب , ومنهم من أصيب , ومنهم من ينتظر دوره إما فى القتل او السجن أو الإعتقال كل حسب تهمته التى أعدت له خصيصا . لكن الأشد أسفا وحزنا أن من بين ثوار يناير من انقلب عليها ووضع يده فى أيادى أصحاب الثورة المضادة بدعوى أنه لم يقطف من ثمار ثورة يناير مايشبع به جوعته ويسد به رمقه وكأن ثورة يناير كانت " سبوبة " يرتزق منها العاطلون ويكتسب منها المنتقعون . وهكذا طعنت ثورة يناير من ظهرها ومن الخلف وبأيدى بعض أصحابها الذين ملأوا الإعلام ضجيجا وثرثرة بأنهم هم من أشعلوا شرارة الثورة وألهبوا جذوتها . لكنهم تخلوا عنها فى أول اختبار حقيقى لايصمد فيه إلا الرجال وكما يقول المثل العربى " ليست النائحة المستأجرة كالثكلى المصابة فى وليدها".
* كيف يحق لنا أن نرفع رؤوسنا اليوم..؟ لقد عشنا فى وهم حلم جميل فإذا هو كابوس دميم . عشنا نحلم بحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية , فما وجدنا هذا ولاذاك , ماوجدنا غير القهر والظلم والتعذيب , ماو جدنا غير البغى والعدوان , ماوجدنا غير السجن والسجان , ماوجدنا غير السخرية والإستهزاء , ماوجدنا غير إراقة الدماء وقتل الأبرياء وسجن الشرفاء . ماوجدنا غير السفاهة والنذالة , ماوجدنا غير الرعب والخوف , تجرعنا الأسى جرعات , والصدمة والرعب قطرات , والهم والحزن على فترات . ضاع الحلم الجميل , واسود وجه المستقبل القريب . نضع رؤوسنا على وسادة القلق والتوتر , لنستيقظ فى الصباح على غيوم المجهول . "لاندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا...؟ "
* بأى وجه يحق لنا أن نرفع رؤوسنا فى وجوه أبنائنا..؟ ونحن نستيقظ فى كل صباح على أخبار توسع الجراح , فهذا صديقك فلان , قد قتله اليوم السجان , وهذا جارك فلان , قبضوا عليه وقتلوا فيه الإحساس بأن الله قد خلقه إنسان , وهذا زميلك الوفى الصديق , اقتحموا بيته بلاتدقيق , وقذفوه فى السجن بلا تحقيق . والتهمة جاهزة , والمحاكمة ناجزة , وأوراق القضية موثقة ومختومة , بأختام إبليس وتوقيع السيد الرئيس..! . وإذا أردت عبثا أن تدافع عن نفسك فذلك يوم طويل عبوس بئيس. أنت متهم بلا حيثيات , ومدان بلا مستندات , ومكبل بالقيود, وحبل المشنقة أقرب إليك من حبل الوريد .
* كيف أرفع رأسى..؟ وقد سرقوا ثورتى , واحنوا هاماتى , وحرقوا أوراق قضيتى. لقد نشروا الرعب والخوف فى قريتى , ولم أعد يغمض لى جفن فوق وسادتى , ولم أعد أنام ليلتى . توقفت مؤسسات وطنى عن العمل والإنتاج , إلا انتاج الخوف والرعب فى كل مكان ليكفى ويفيض عن احتياجات أى إنسان. وفرة فى الإنتاج هنا , وعجز وفشل هناك على كل الأصعدة . إنه وطن الخوف , وطن الصدمة والرعب , وطن أنت متهم فيه حتى يثبتوا براءتك . فكيف ارفع رأسى فى هذا الوطن..؟ بل كيف أعيش فيه إنسان..؟ وقد قتلوا فى داخلى كل شئ ... الأمن.. الأمان.. الإطمئنان للحاضر.. الأمل فى المستقبل.. لم يعد فى صدرى نبض ينبض. ولم يعد فى رأسى عقل يفكر . ولم يعد فى عروقى دم يجرى . ولم يعد فى عينى ضوء يسرى . تحولت إلى هيكل عظمى بلا أفكار , وبلا آمال , وبلا حب فى البقاء فى هذا الوطن.
* كيف ارفع رأسى..؟ وقد حولوا الوطن إلى ثلاجة لدفن الموتى . وجرفوا أرض الوطن من كل الزراعات الجميلة وزرعوها بالأشواك الدامية الذميمة , وأجبرونا أن نمشى عليها بالأقدام الحافية , ليزداد الجراح , وتسيل الدماء , وينمو الشوك فى كل مكان حتى يصل آذاه لكل إنسان . هم لايريدون أن يحيى على أرض الوطن أى إنسان , لذا حولوا الوطن إلى خرابات تنوح فوقها الغربان . يكرهون ضوء النهار , ويعشقون سواد الليل , لذا ملأوا الوطن بالخفافيش التى لاترى إلا فى الظلام . فكيف أعيش فى وطن لامكان فيه إلا للغربان والخفافيش..؟ بل كيف أعيش فى وطن ماتت فيه العدالة ..؟ ونشب الظلم مخالبه وأنيابه ليقتل كل حر .. كل شريف.. كل عفيف .. كل مواطن أراد أن يعيش على أرض هذا الوطن ليس أكثر من إنسان..؟
* كيف أرفع رأسى ..؟ وقد أجهضوا جنين الحرية فى بطن أمه , ثورة يناير, قبل أن يكتمل نموه فسقط جريحا مصابا ينزف دما . ولاطبيب يعالج, ولاطيبب يداوى , ولاطبيب يتابع , فقد قبضوا على الطبيب وقذفوه فى غيابات الجب بتهمة حيازة سماعة طبيب , وتهم حيازة ترمومتر لقياس درجة حرارة المريض , وتهمة حيازة جهاز لقياس ضغط دم المريض لأنهم يريدون للمريض الموت السريع . لايريدون أن يروا صورته , لايريدون أن يسمعوا صوته وهو يتألم من شدة الأنين . ويصرخ من حدة الألم : أين الطبيب فأنا سقيم..؟ ولامجيب فالكل فى سبات عميق خوفا ورهبا من تهمة التعاطف مع المريض..! . ثم انظر عن يمينك وعن يسارك لترى الحرية مقيدة من يدها فى السرير بالأغلال , أما اليد الأخرى فمعلق قى أوردتها " محلول " حفظ ماء وجه القوم الذين باعوا الوطن وقبضوا الثمن . إنها الخسة والنذالة فى أحط صورها وأقذر اشكالها .
* كيف أرفع رأسى والشعب كله متهم وعلى ذمة التحقيق..؟ والحقيقة المرة العلقم أنه لايوجد تحقيق ولاتدقيق وإنما تلفيق فى تلفيق..! ؟. أنت مسلم فأنت متهم بحيازة مصحف . أنت طالب فأنت متهم بحيازة مسطرة . أنت معلم فأنت متهم بحيازة قلم . أنت طبيب فانت متهم بحيازة سماعة . أنت مصور فانت متهم بحيازة كاميرا . أنت مزارع فأنت متهم بحيازة فأس . أنت نجار فأنت متهم بحازة منشار . أنت محام فأنت متهم بحيازة ملف القضية . أنت من أنت...؟ لست شيئا مذكورا. لست سوى رقما فى قائمة المتهمين وعضوا فى نقابة المسجونين وضيفا مستمرا فى قائمة المطلوبين , فإياك أن تحدثك نفسك الأمارة بالسوء أن تكون يوما ما من المعارضين..! . إن أردت ان تكون آمنا بى بيتك, معافا فى بدنك, عندك قوت يومك, فعليك أن ترفع شعار " تسلم الأيادى " وترقص مع الراقصين , وتبيع عقلك للمجنونين. ولاتشغل بالك أبشر نحن آدميين أم لعب أطفال يعبث بها العابثون اللاهون...!؟
* لكن رغم الجراح فى كل مساء وصباح .. ورغم الأنين الدفين.. ورغم الهوان المهين... ورغم العذاب البئيس.. ورغم سياسة التجريف والتحريف , فاعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده . ليست الأرض تحت طوع أحد من الفراعنة أو رهن إشارة أحد من الطغاة . وساعة أن يظن الطغاة أن الأرض قد أخذت زخرفها لهم وازينت وظنوا أنهم قادورن عليها ببطشهم وقوتهم وحماقتهم وغبواتهم وجهالتهم الممتدة جذورها فى أعماق أنفسهم الخاوية , ساعتها فقط , ولحظتها فقط , سيأتيهم أمر الله بياتا وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون فيجعلها , والطغاة الهالكون معها , كأن لم تغن بالامس. وسيتحول الطغاة الجبابرة فى لحظة واحدة إلى رماد تذروه الرياح فى مقالب زبالة الزمان ولن تبكى عليهم أرض ولاسماء ولاإنسان ولاحتى حيوان..! . والجزاء من جنس العمل والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لايعلمون